حتى الآن تفشل كل محاولات الإخوان للتهدئة مع حزب «النور» فى أزمة إقالة علم الدين، خاصة أن غضب قيادات الحزب السلفى فى تصاعد مثير، ولا يجدون لدى رئاسة الجمهورية أدلة على اتهامهم لعلم الدين بالتربح من منصبه، التى أكد عليها من جديد القيادى الإخوانى «محمد البلتاجى»، وتساءل قيادات النور: لماذا الكيل بمكيالين فيقال علم الدين لمجرد شبهات رغم ما دار عن «ياسر على» واكتفيتم بنقله من منصبه، وأيضا هوجم «النور» لمبادرته الجماهيرية وللقائه قيادات جبهة الإنقاذ وتجاهلتم لقاء الكتاتنى والبرادعى والبدوى؟! المؤشرات تفيد أن الصراع بين الإخوان والنور الذى يؤدى لضياع المشروع الإسلامى وفق تقديرهم أنفسهم، لن يهدأ حتى لو تم تمريره بعيدًا عن الإعلام، لأن الأزمة الآن تتعلق بالفساد لا التناحر السياسى فقط، والمفروض أنهم أهل دين وأخلاق!!
أشرف ثابت نائب رئيس حزب النور استنكر إقالة علم الدين لمجرد الشبهات، كاشفًا ل«روزاليوسف»: ذهبنا لرئاسة الجمهورية واستمعنا لكل ما لديهم لنرى شبهات استغلال نفوذه التى أقالته بسببها الرئاسة، فلم نجد لديها أى شىء يرقى أساسًا لمستوى الشبهات.. وأضاف إن ما تعرض له علم الدين ظلم كبير ومن حقه أن يدافع عن نفسه ويبرئ ساحته ونحن متضامنون معه.
وأشار ثابت إلى أن علم الدين وبسام الزرقا مستشار رئيس الجمهورية للشئون السياسية اتفقا على الاستقالة منذ فترة لأن طريقة العمل داخل مؤسسة الرئاسة لا ترضى أحدا، وكانا منتظرين رأى حزب النور، وقلنا لهم «اللى أنتم شايفينه صح وفيه المصلحة العامة اعملوه»!
وأوضح ثابت أن المستشار فؤاد جاد الله مستشار رئيس الجمهورية للشئون القانونية أخبره أنه سوف يصدر بيانا يوضح فيه أنه لا يوجد لدى الرئاسة أى اتهام لعلم الدين، ولم يرد على لسانه أن مؤسسة الرئاسة ستقدم اعتذارا.. مضيفا: إننا يجب أن نبتعد عن الصراع، فالشارع والمواطن لديه ما يكفيه والعصيان المدنى ضرب بورسعيد والإسماعيلية وينتقل لمدن أخرى، لذلك لابد من السرعة فى إزالة أسباب الاحتقان لعودة الهدوء للشارع مرة أخرى، ولنتمكن من عملية بناء الدولة، لكن ترك الأمور على ما هى عليه، هذا خطأ كبير.
على الجانب الآخر قال لنا الشيخ سعيد عبدالعظيم نائب رئيس الدعوة السلفية: إن مسألة إقالة «علم الدين» كان يجب أن يتم التعامل معها فى إطار قانونى شرعى حتى لا يتم تضخيم الحدث ويستثمرها الإعلام لأن أوضاع البلد لا تحتمل.. موضحًا: كنت لا أتمنى أن قرارا مثل ذلك يصدر فى هذا الوقت لأنه ممكن يترتب عليه «إفساد».. متعجبًا من محاسبة علم الدين وفى نفس الوقت من يشتمون فى الإعلام ويقلبون الحقائق ويساعدون على العنف ولا يحاسبون.. مضيفا أن القضية حساسة، ولكن فى نفس الوقت لا نريد أن نؤلب العامة على نظام الحكم ولا نريد أن تضيع هيبة الحاكم.. مشيرًا إلى أنه حتى وإن كان علم الدين يستحق الإقالة كان يجب أن ينظر فى عواقب الأمور حتى لا نذهب إلى ضرر أكبر.
وأكد عبدالعظيم أنه لا يجب أن يهاجم بعضنا البعض للحفاظ على المشروع الإسلامى، فمثلاً عندما قابل قيادات حزب النور قيادات جبهة الإنقاذ، تمت مهاجمتهم، ولكن الشبهة كانت أنهم رددوا مطالب جبهة الإنقاذ، وعندما قابل د.«سعد الكتاتنى» رئيس حزب الحرية والعدالة قيادات جبهة الإنقاذ لم نسأل فيما تكلموا وهذا هو الأهم، فإن كان ردد الكتاتنى نفس مطالب جبهة الإنقاذ فهو كمان مخطئ.. قائلا: هنا ذكرتنى عندما قعدنا أنا والشيخ محمد حسان والشيخ محمد حسين يعقوب والشيخ محمد يسرى مع عمرو موسى وحمدين صباحى والسيد البدوى رئيس حزب الوفد ومحمد سامى رئيس حزب الكرامة، انتزعت منهم خمس مسائل مسلمات هى: الأولى أنه لا يوجد أحد فيهم مخالف لشرعية الرئيس محمد مرسى الذى أتى من خلال الصندوق بانتخابات، والثانية أنه لا يوجد أحد منهم مخالف لمرجعية الشريعة الإسلامية، والثالثة أنهم ينبذون العنف ولا يؤيدونه، والرابعة تغليب مصلحة الوطن، لأن ثقبا فى السفينة يساوى قبرا فى قعر المحيط، والخامسة رفض تقسيم المجتمع إلى التيار الدينى والتيار المدنى لأن كلمة تيار دينى أو إسلاميين معناها أن غيرهم كفرة، وهذا لا يصح، لذلك فالعبرة ليست بالتقاء شخص أو حزب مع غيره، ولكن العبرة فيما تم الحديث عنه وإلى ماذا وصل، لذلك يجب أن نبتعد عن الصراع والتخوين والأخذ بالشبهات، لأن ذلك يؤدى إلى تقسيم الصف وإضاعة المشروع الإسلامى.
الشيخ حسن عمر وكيل لجنة التعليم والبحث العلمى بمجلس الشورى والقيادى بحزب النور قال لنا: إنه لا يوجد أى نظام أو أعراف فى العالم تدفع مؤسسة مستقرة لها فكر استراتيجى أن تقيل أحد أعضائها بدون تحقيق فيما ينسب إليه من اتهامات لأن المتهم برىء حتى تثبت إدانته، لذلك كان خطأ كبير إقالة «علم الدين» من مؤسسة الرئاسة بهذا الشكل، ما يعنى أننا نتبنى سلوك الأنظمة السابقة التى لا تتسم بالموضوعية ولا تتعامل بالأخلاقيات، والإقالة بهذا الشكل ظلم شديد لأنها بدون اتهام أو تحقيق ولأن جرح القريب يؤلم، لذلك من حق «علم الدين» أن يتكلم ليبرئ ساحته لأنه «لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم».. منتقدًا تفريط مؤسسة الرئاسة فى أعضائها بشكل سافر متبنية فكر الرئيس الأمريكى بوش أنه من ليس معى فهو ضدى.
د.«شعبان عبدالعليم» الأمين العام المساعد لحزب النور أشار إلى أن إقالة علم الدين الغرض منها تشويه الحزب خصوصًا بعد المبادرة التى لاقت قبولا لدى الجميع، أى أنها لأسباب سياسية، وكان يجب على الرئاسة أن تدقق قبل أن تتخذ قرارات وتصدر بيانات، لدرجة أن مؤسسة الرئاسة عندما أصدرت بيان الإقالة، قالت لاستغلال نفوذه ثم أصدرت بيانا آخر قالت استغلال واحد من مرؤوسيه ثم يذهب الحزب للرئاسة ليرى ما لديهم من أدلة فلا يجد أى شىء يدينه، لذلك من حق «علم الدين» أن يرفع قضية على مؤسسة الرئاسة للتشهير به من غير حق ومن غير تحقيق.
واستنكر عبدالعليم الكيل بمكيالين، حيث يحاسب علم الدين على شبهة ولا يحاسب مثلاً د.ياسر على الذى يوجد تحقيق معه، كما يتضح ذلك أيضا من مهاجمة حزب النور على مبادرته ولقائه بقيادات جبهة الإنقاذ، وعندما قابل د. سعد الكتاتنى رئيس حزب الحرية والعدالة قيادات جبهة الإنقاذ لم ينتقدها أحد، حتى المشايخ الذين هاجمونا لم ينتقد منهم أحد زيارة الكتاتنى لجبهة الإنقاذ، مما يعنى أنها حلال لهم حرام على غيرهم.
مؤكدًا أن مبادرة النور لم تكن لمكاسب سياسية ولكنها كانت للصلح مع الجميع، ليأتى للتفاوض من كان لا يريد التفاوض لإعلاء مصلحة البلد.. قائلاً: ياريت الرئيس يلحق البلد قبل ما تضيع.
أكد د.محمد عمارة عضو الهيئة العليا لحزب النور أن إقالة علم الدين تخالف الشرع والقانون، لأنه طبقًا للشرع لا يجوز رمى أى إنسان ببهتان قبل التأكد منه، وطبقًا للقانون فالمتهم برىء حتى تثبت إدانته.. موضحًا أن الإقالة تدل على أن هناك نية للإضرار بحزب النور فى الشارع عن طريق اتهام علم الدين فى أمانته وشرفه خاصة بعد المبادرة التى أطلقها حزب النور ووجدت قبولاً بالشارع، وبعدما جاء فى مجلة «نيويورك تايمز» أن حزب النور على الرغم من قصر عمره السياسى إلا أنه تفوق على الأحزاب.. موضحًا أن ذلك يثبت أن للإخوان دورا فى الانقسامات التى حدثت داخل «النور» مما أدى لاستقالة بعض أعضائه ومنهم د. عماد عبدالغفور رئيس الحزب السابق، الذى أسس حزب الوطن وأن هذا الانقلاب على «النور» ربما يكون أهدافاً انتخابية لصالح حزب الوطن وحزب الحرية والعدالة، كما يجعلنا نظن تدخل الإخوان فى شئون الرئاسة، مشيرًا إلى أن أداء «مرسى» نسبته لا تزيد على «مقبول» فقط، لأن الإدارة فيها تخبط فى هذه المرحلة لبطء القرارات والتراجع فيها وعدم مشاركة الجميع.