الرياضة علم.. والعلم هو مجموعة الخبرات الناجحة فى العالم، ولم يتقدم العالم من حولنا إلا بالعلم، والدول التى تسعى للتقدم تبدأ من حيث انتهى العالم بالعلم أيضاً، والنقد الرياضى ليس فقط أمانة ونزاهة ومسئولية، وإنما علم أيضاً، وقد كنت فى إسبانيا عام 1992 لتغطية دورة الألعاب الأوليمبية ببرشلونة وبعد مضى عدة أيام فوجئت بوجود وفد إعلامى روسى جديد، حيث كانوا يجاوروننى فى مكتبى بالمركز الصحفى وفى قرية الصحفيين، فدفعنى الفضول الصحفى لكى أسأل عن سر غياب الوفد الصحفى الرياضى السابق، فقال لى أحد الصحفيين الروس أن مهمتهم انتهت لأنهم كانوا متخصصين فى تغطية ألعاب أوليمبية محددة، والوفد الجديد متخصص فى تغطية الألعاب القادمة، وسألونى: ألا يحدث ذلك فى مصر أيضاً، ولماذا أنت مستمر فى تغطية باقى الألعاب؟ فأجبت بصراحة أن ذلك لا يحدث فى مصر، لأن الناقد الرياضى يقوم بتغطية جميع الألعاب فى أى دورة أوليمبية أو قارية أو إقليمية، فتعجبوا من إجابتى واستنكروها، وقال لى صحفى روسى آخر: كيف يتخصص ناقد رياضى فى جميع الألعاب وهل يفهم فيها كلها؟ وهل درسها ويعرف قوانينها؟ فأجبت على الفور بأنه للأسف أن الغالبية العظمى من النقاد الرياضيين لم يدرسوا جميع الألعاب ولا يعرفون قوانينها والاهتمام الأول والأكبر فى مصر لكرة القدم باعتبارها اللعبة الشعبية الأولى، فسألنى أحدهم مرة أخرى: وكيف يقوم بتغطية ألعاب أى صحفى أو ناقد وهو لم يدرسها ولا يعرف قوانينها؟ فأجبت أنه يقوم فقط بتغطية أخبارها وأعلم أن فى ذلك قصوراً، فسألنى مرة أخرى: وأنت تقوم بذلك أيضاً؟ فقلت: أنا واحد من عدد قليل جداً من النقاد الرياضيين الذين درسوا جميع الألعاب الرياضية وتخصص فيها كلها ودرس قوانينها ومهاراتها وطرق تعليمها أيضاً، حيث إننى تخرجت من كلية التربية الرياضية. نحن نعيش الآن زمن الأقزام فى جميع المواقع السياسية أو الرياضية أو غيرها، ومن لا يصدقنى فليرجع بذاكرته للوراء ويسأل نفسه: من كان رئيس اتحاد الكرة من 50 سنة، ومن كان رئيس اللجنة الأوليمبية، ومن كانوا رؤساء الأندية الكبار، ومن كانوا رؤساء الأحزاب، ومن هم الآن؟ لقد دخلت النقد الرياضى منذ 35 عاماً وتعلمته على أيدى الكبار مثل صلاح المنهراوى وعبدالمجيد نعمان وناصف سليم وغيرهم، والآن الصغار والأقزام يرفضون مجرد التعليم ويتصورون أن الصعود للقمة سهل وأنه من السهل الحصول على المعلومة من الإنترنت فقط وهذا هو الفارق بين العظماء والأقزام.