دعا وزير الأوقاف الدكتور طلعت عفيفى جموع المصريين إلى المشاركة فى الاستفتاء، ووضع مصلحة الوطن فوق كل الخلافات السياسية والحزبية والتوجهات الأيديولوجية، مطالبا جميع المواطنين بالتخلى عن السلبية والتحلى بروح الإيجابية، وتحكيم لغة العقل، والتعاضد والتلاحم كى تمر هذه المرحلة الفارقة فى تاريخ الأمة المصرية. وقال الدكتور طلعت عفيفى فى حواره مع «روزاليوسف» خلال حضوره مساء الثلاثاء الماضى مراسم حفل توزيع جائزة الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود العالمية للسنة النبوية والدراسات الإسلامية المعاصرة فى دورتها السادسة، إن أهم تحد يواجهه فى وزارة الأوقاف بعد تقلده المنصب الوزارى قبل نحو خمسة أشهر هو محاربة بؤر الفساد والقضاء على المحسوبية والرشاوى والمجاملات وإعادة هيكلة وتصحيح وترشيد الكثير مما كان سائدا فى عهد النظام السابق.
وأكد أن وزارة الأوقاف بها أكثر من خمسة آلاف وخمسمائة إمام وخطيب غير مؤهلين ثقافيا وفكريا وهم فى حاجة إلى إعادة تأهيل كى يتمكنوا من القيام بدورهم المنوط بهم فى تنوير المجتمع وإرشاده إلى تعاليم الدين القويم، منوها إلى أن العملية التعليمية فى الأزهر الشريف فى حاجة إلى مراجعة كى تواكب الحراك المجتمعى والتطور التعليمى الذى يلبى متطلبات العصر الذى نعيشه.
∎ ما هى أسباب الزيارة؟ وماهى النتائج التى نجمت عنها؟
- جئت لتلبية دعوة كريمة من الأمانة العامة لجائزة الأمير نايف بن عبدالعزيز للسنة النبوية والدراسات الإسلامية المعاصرة ضمن لفيف من كبار العلماء والشخصيات الإسلامية أتت من مختلف الدول الإسلامية، والزيارة هى مشاركة مصرية واجبة، لأن مصر هى قلب العالم الإسلامى ومنارته، بلد الأزهر ومعقل الوسطية، منها انطلقت قوافل الدعاة والعلماء لتجوب العالم وتعلم الناس أصول الدين السليم، ولاشك أن حضور وفد مصرى فى مسابقة الأمير نايف بن عبد العزيز لدراسات السنة النبوية، يعد شكلا من اشكال توثيق العلاقات والروابط الأخوية بين مصر والسعودية، كما أن الحضور فى مثل هذه المناسبات الإسلامية يسهم فى تعميق وتبادل الخبرات وتوثيق العلاقات الأخوية التى تربط بين الدولتين والشعبين الشقيقين.
∎ كيف ترى معاليكم العلاقات المصرية السعودية فى أول زيارة لكم كوزير للأوقاف؟
- العلاقات المصرية السعودية، هى علاقات راسخة وقوية ومتينة، وتصب فى صالح الأمتين العربية والإسلامية، ويتمتع الشعبان فى مصر والسعودية بعمق الروابط والأواصر المشتركة المتصلة عبر الأزمان والعصور، وأبلغ دليل على ذلك، أن المصريين المقيمين فى السعودية يمثلون أعلى نسبة للمصريين خارج مصر، وحسبما علمت فهم يقتربون من نحو 2 مليون مصرى يعملون فى جميع المجالات ويعيشون وسط إخوانهم من السعوديين، كما يشكل المصريون فى المملكة أكثر من نصف عدد أصوات الناخبين المصريين فى الخارج، وهو ما يدل على عمق وخصوصية وحميمية العلاقة بين البلدين والشعبين الشقيقين.
∎ معالى الوزير أشرت فى إجابتك إلى الفساد الذى يضرب فى أوصال الوزارة.. فهل لديكم خطط أو استراتيجيات للإصلاح والترميم ومكافحة الفساد؟
- نحن حاليا بصدد إعادة النظر فى الهيكلة والتنظيم وإحلال وتغيير قيادات الوزارة بشكل تدريجى وممنهج يهدف إلى تحقيق الإصلاح المنشود، كما أنه لابد من معالجة الفساد المتغلغل فى قطاعات الوزارة المختلفة بقدر كبير من التروى والصبر والإخلاص والحكمة، وبالطبع سوف يستغرق الأمر بعض الوقت وكما تعلم فأنا لم يمض على فى الوزارة سوى خمسة أشهر وهى فترة ليست كافية لترتيب أوضاع الوزارة، نحن لدينا أكثر من خمسة آلاف وخمسمائة إمام وخطيب غالبيتهم غير أكفاء وللأسف كلهم جامعيون تخرجوا من الأزهر، تم تعيينهم أئمة ودعاة عن طريق الواسطة والمحسوبية، إننا بالفعل نحتاج إلى إصلاح جذرى يطول كل قطاعات وهيئات الوزارة.
∎ هل يعنى ذلك أن لدى وزارتكم رؤية أو مشروعًا ستتقدمون به للحكومة لتطوير العملية التعليمية بالأزهر الشريف المنوط بتخريج الدعاة؟
- ليس لدينا مشروع بهذا المعنى، ولكننا بالطبع سوف نفكر فى وسائل وخيارات أخرى على رأسها وفى مقدمتها التدريب والتعليم والتثقيف على رأس العمل، كما أن مشيخة الأزهر استحدثت فى الفترة الماضية معاهد علمية حديثة فى المراحل ماقبل الجامعية، تقوم على عملية تعليمية جادة وقوية، يدرس فيها الطلاب اللغات الأجنبية، وبالطبع سوف يكون طلاب هذه المعاهد نواة لجامعة الأزهر العريقة التى تمد العالمين العربى والإسلامى بالأئمة والدعاة والعلماء.
∎ هل التقيتم خلال يومى الزيارة معالى وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الشيخ صالح بن عبد العزيز بن محمد آل الشيخ؟
- لبيت ضمن وفد ضيوف الجائزة دعوة وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية السعودية، والتقيت عددا من قيادات الوزارة السعودية، وتم استعراض العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيزها، كما تم استعراض الجهود التى تقوم بها الوزارة السعودية فى خدمة الإسلام والمسلمين، وكذلك جائزة الأمير نايف للسنة النبوية، ودورها فى رفع شأن البحوث والدراسات فى مجال السنة النبوية الشريفة، وأسعدنى وجود فائزين مصريين فى مثل هذه الجوائز بشكل مستمر وهذا يعد أمرا طبيعيا أن يكون من بلد الأزهر الشريف فائزون فى كل المسابقات الإسلامية، والسؤال المستغرب يكون فى حالة غياب فائزين من مصر، وكما تعلم فإن العالم المصرى الدكتور راغب الحنفى السرجانى فاز منفردا بجائزة الأمير نايف العالمية للسنة النبوية والدراسات الإسلامية المعاصرة هذا العام فى دورتها السادسة عن موضوع «حماية البيئة فى الإسلام».
∎ هل يوجد تعاون بين وزارتى الأوقاف فى كل من مصر والسعودية؟، وهل تلوح فى الأفق خطط للتعاون المشترك بين الوزارتين؟
- نحن نهتم سويا بالمساجد وإنشائها وصيانتها وعمارتها ونهتم بالدعاة والأئمة وتخريجهم وتدريبهم ورعايتهم، ونهتم بشئون الأوقاف فنحن نؤدى هنا وهناك نفس الرسالة، والهدف الذى نسعى إليه هو نفس الهدف، والوسائل هى نفس الوسائل، ونسعى إلى تبادل الخبرات والوفود بين البلدين، وأود أن أشير هنا إلى أن هناك كثيرين من دول العالم الإسلامى يفدون إلى مصر للاستفادة من الخبرات المصرية فى مجال إدارة شئون الدعوة والأوقاف.
∎ ينطلق صباح اليوم السبت الاستفتاء على مشروع الدستور فى وقت تشهد فيه البلاد انقساما واستقطابا حادين، ما الذى تود توجيهه كوزير فى الحكومة الحالية إلى المصريين فى هذا الوقت الحرج الذى تمر به البلاد؟
- عليكم أن تضعوا مصلحة وطنكم فوق كل اعتبار، ولا تسمعوا لما يقال حولكم، وادعوا الله وقولوا «اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلا، وارزقنا اجتنابه» واستخيروا الله سبحانه وتعالى فيما تريدون أن تفعلوه لصالح بلدكم، لكن أن تقفوا على الحياد وتسمعوا لهذا وذاك دون أن تقتنعوا داخليا تعصبا ل«سين» أو ل«صاد»، فهذا أمر لا أحبه ولا أحبذه، إن الاستفتاء على الدستور المصرى الجديد يأتى فى لحظة فارقة فى تاريخ المصريين، فمن الضرورى أيها المواطن أن تكون إيجابيا، فإذا كنت ممن تعجبهم اللجنة التأسيسية، وتوافق على مشروع الدستور، فاذهب وقل «نعم»، وإذا كنت من الطرف غير المقتنع باللجنة، الرافض للدستور فاذهب وقل «لا»، إن مقاطعة الاستفتاء والإعراض عنه تصرف مرفوض، علينا أن نرسى الإيجابية ونذهب للإدلاء بأصواتنا، إن التعبير عن الرأى أمر لا خلاف عليه، والاختلاف فى الرأى كما يقول العلماء لا يفسد للود قضية، فالاختلاف ظاهرة صحية، أما إذا تحول إلى خلاف وشقاق ونزاع وتطاول باللسان ومد بالأيدى وإهدار للدماء واستباحة للحرمات، فإنه يصبح ظاهرة مرضية ونحن لا نحب هذا ولا نتمناه.
∎ الفريق الرافض لمشروع الدستور على هيئته الحالية له مبرراته التى يقتنع بها قطاع عريض من المصريين، فماهى رسالتك التى توجهها إلى المعارضين؟
- نحن على أعتاب ديمقراطية ارتضينا أن تكون حكما بيننا وبين بعضنا، وارتضينا أن يكون الفيصل هو «الصندوق الانتخابى»، وأن يقول الشعب كلمته ب«نعم» أو ب«لا»، والأغلبية هى التى ستفرض رأيها، فلا ينبغى لأحد أن يفرض على الشعب وصاية معينة بأن يقول «لا» أو يقول «نعم»، وإنما اقنع برأيك الآخرين بموضوعية وبأدب واحترام، واترك بعد ذلك الاختيار للناس ليقولوا ما يشاءون دون ضغوط عليهم أو إلحاح.