عدد كبير من أولياء أمور طلاب الثانوية العامة لهذا العام عاكفون على عقاب أبنائهم المتفوقين، والذين حصلوا على شهادة الثانوية العامة بمجموع 99٪ فقط، ولم يتمكنوا من دخول الكلية التى يرغبون الالتحاق بها، ولأول مرة فى تاريخ شهادة الثانوية العامة المصرية أن يوجه أحد إنذارًا لرئيس الجمهورية يطالبه بتخفيض الحد الأدنى للقبول بالكليات، خاصة كليات القمة، وإلا سيقوم الطلاب وأولياء أمورهم بالتجمهر أمام القصر الجمهورى والاعتصام حتى يتم تنفيذ مطالبهم. لقد كان قرار المجلس الأعلى للجامعات الخاص بالحد الأدنى للقبول بالجامعات صادمًا ومحطمًا لآمال وأحلام الطلبة الحاصلين على الثانوية العام هذا العام، حيث تجاوزت مجاميع القبول بكليات القمة كل التوقعات.. فهل يُعقل أن يكون الحد الأدنى للطب 14,99٪ وطب الأسنان 8,98٪ وهندسة 5,94٪ واقتصاد وعلوم سياسية 5,96٪ وإعلام 2,95٪ أى بزيادة 6 درجات تقريباً لكل كلية عن العام الماضى وهو رقم مفزع، وإذا تتبعنا خريطة القبول بالجامعات على مدار السنوات الماضية سنجد أن هناك دائما زيادة فى أعداد المتقدمين للجامعات- إذا كان هو المبرر لرفع الحد الأدنى للقبول بالجامعات- ولكن كان يتم رفع الحد الأدنى بنسب طفيفة جدًا وليس صحيحًا أن هناك جنونًا فى مجاميع الثانوية العامة هذا العام وحتى لو كان هناك جنون، فالدولة مجبورة على استيعاب أصحاب هذه المجاميع حتى لا يصابوا بالإحباط هم وأولياء أمورهم، ولكن هناك إصرارًا على تحطيم آمال وطموحات الأسرة المصرية التى ترغب فى إلحاق أبنائهم بالتعليم العالى، ولذلك لابد من زيادة أعداد المقبولين بكليات الطب بنسبة 15٪ عن العام الماضى ونفس الزيادة لباقى كليات القمة، حيث إن هناك زيادة فى أعداد المتقدمين للالتحاق بالكليات الحكومية هذا العام عن العام الماضى، فكان عددهم العام الماضى 370 ألفًا، وعددهم هذا العام 420 ألف طالب وطالبة، فمن الأولى أن نقف بجوار أبنائنا المتفوقين الذين سهروا واجتهدوا وتعبوا وحصلوا على أعلى المجاميع، وبدلاً من تكريمهم والاحتفال بهم وجدنا أنفسنا نذبحهم ونحرمهم من أن يكونوا أطباء أو مهندسين.. لصالح من ما يحدث؟ هل لصالح الجامعات الخاصة أو الأجنبية أم لصالح أصحاب المصالح من رجال الأعمال سواء فى الداخل أو الخارج لابد من الوقوف على الأسباب الحقيقية وراء هذه المشكلة- وهى معروفة وواضحة منذ زمن بعيد- والعمل على حلها أهمها زيادة عدد الجامعات والكليات لكى يتناسب مع أعداد الراغبين فى الالتحاق بالتعليم العالى، وأيضا الاهتمام بالتعليم الفنى حتى يصبح توءمًا للتعليم العام والجامعى، وكان الدكتور نظيف رئيس الوزراء الأسبق قد بدأ هذا الطريق عندما أنشأ جامعة النيل على أمل أن يقوم العالم الجليل الدكتور أحمد زويل باستكمال هذا الحلم، وحتى يحدث هذا ارحموا أبناء مصر ليس فقط من حصل على مجموع مرتفع فى الثانوية العامة هذا العام، وإنما الأجيال القادمة التى أدركت الآن أنه «مفيش فايدة» مهما ذاكروا ومهما تفوقوا فلن يلتحقوا بالكلية التى يحلم بها كل منهم إلا إذا حصل على مجموع 100٪ أو أكثر وتحيا مصر.∎