سعر الذهب اليوم الخميس23-10-2025.. عيار 21 يسجل 5600 جنيه للجرام    محافظ الجيزة يتفقد مشروعات جهاز تشغيل الشباب ويؤكد مراعاة النسق الحضارى    لماذا عاقبت أوروبا أستاذ الاقتصاد الروسى نيكيتا أنيسيموف ؟ اعرف الحكاية    بول سكولز يصعّد هجومه ضد محمد صلاح بعد أزمة ليفربول    الصحة الفلسطينية: ارتفاع حصيلة العدوان على قطاع غزة إلى 68280    انطلاق معسكر الحكام ببورسعيد استعدادا لكأس الرابطة    محافظ بني سويف يتفقد أعمال المرحلة الثانية بنادي سيتي كلوب ويشيد بالمنشآت.. صور    لاعبو الاهلي يتضامنون مع طفل يستعد لعملية زرع نخاع.. صور    غلق كلي لمحور 26 يوليو أمام جامعة مصر الجمعة بسبب أعمال المونوريل    100 عام من معارك التنوير    مدير مركز بروكسل للبحوث للحياة اليوم: إسرائيل الخاسر الأكبر من نجاح القمة المصرية الأوروبية    القاهرة الإخبارية: واشنطن مصمّمة على ضمان تنفيذ وقف إطلاق النار فى غزة    هل تأخير صلاة الفجر عن وقتها حرام؟.. أمين الفتوى يجيب    انطلاق حملة توعوية لدعم الصحة النفسية بين طلاب المعاهد الأزهرية فى سوهاج    إضافة المواليد إلى بطاقات التموين ل 5 فئات.. تعرف عليها    الرقابة المالية تلزم الشركات والجهات العاملة في الأنشطة المالية غير المصرفية بتعزيز بنيتها التكنولوجية والأمن السيبراني لديها    الزمالك يتقدم بشكوى ضد أسامة حسني للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام    25 فرقة مصرية وأجنبية تشارك في اليوبيل الفضي لمهرجان الإسماعيلية    محافظ الإسكندرية يتفقد اصطفاف معدات مجابهة الأزمات استعدادًا لموسم الشتاء    وكيل تعليم بالغربية: تعزيز التفاعل الإيجابي داخل الفصول مع الطلاب    انفجار داخل مصنع وسط روسيا يسقط 10 قتلى    افتتاح «كنوز الفراعنة» في روما أبرز المعارض الأثرية المصرية في أوروبا    حنان مطاوع تكشف شعورها بعد ترشح فيلمها «هابي بيرث داي» ل الأوسكار    «إكسترا نيوز»: ما يدخل غزة لا يزال نقطة في محيط الاحتياج الإنساني| فيديو    حكم نهائي.. استبعاد هيثم الحريري من انتخابات مجلس النواب بسبب موقفه التجنيدي    تمارين مثبتة علميا تساعد على زيادة طول الأطفال وتحفيز نموهم    معجنات الجبن والخضار.. وصفة مثالية لوجبة خفيفة تجمع بين الطعم وسهولة التحضير    وزارة التضامن تحدد آخر موعد للتقديم في حج الجمعيات الأهلية 2026    الأنبا إبرهام: الوحدة المسيحية تحتاج إلى تواضع وحوار ومحبة حقيقية    أندية وادي دجلة تحصل على التصنيف الفضي في تقييم الاتحاد المصري للتنس    التشكيل الرسمي لمنتخب مصر للسيدات أمام غانا في تصفيات أمم إفريقيا    محافظ كفر الشيخ: تسهيلات غير مسبوقة للجادين وإزالة معوقات التقنين لتسهيل الإجراءات    رسمياً.. الاتحاد يشكو حكم مباراته ضد الأهلي    باعتراف صحيفة صهيونية..جيش الاحتلال فشل فى تحرير الأسرى بالقوة العسكرية    النفط يقفز 3% بعد العقوبات الأمريكية على شركات نفط روسيا    نادي الصحفيين يستضيف مائدة مستديرة إعلامية حول بطولة كأس العرب 2025    حكم الشرع في خص الوالد أحد أولاده بالهبة دون إخوته    بيتصرفوا على طبيعتهم.. 5 أبراج عفوية لا تعرف التصنع    العثور على جثة «مجهول الهوية» على قضبان السكة الحديد بالمنوفية    ب«لافتات ومؤتمرات».. بدء الدعاية الانتخابية لمرشحي مجلس النواب في الوادي الجديد (تفاصيل)    فاليري ماكورماك: مصر مثال عظيم في مكافحة السرطان والتحكم في الأمراض المزمنة    الداعية مصطفى حسنى لطلاب جامعة القاهرة: التعرف على الدين رحلة لا تنتهى    رفع 3209 حالة اشغال متنوعة وغلق وتشميع 8 مقاهي مخالفة بالمريوطية    السادة الأفاضل.. انتصار: الفيلم أحلى مما توقعته ولا أخشى البطولة الجماعية    البنك الأهلي يحصد شهادة التوافق لإدارة وتشغيل مركز بيانات برج العرب من معهد «Uptime»    وزارة الدفاع الروسية: إسقاط 139 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل    نقابة السجون الفرنسية تندد بوجود ضباط مسلحين لحراسة ساركوزي داخل السجن    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 23-10-2025 في محافظة الأقصر    الجيش الثالث الميداني يفتتح مزار النقطة الحصينة بعيون موسى بعد انتهاء أعمال تطويره    مستشار رئيس الجمهورية ومحافظ أسوان يشيدان بمستوى التجهيزات التعليمية والخدمات المقدمة للطلاب    حجز الحكم على البلوجر علياء قمرون بتهمة خدش الحياء العام ل29 أكتوبر    رانيا يوسف تكشف الفرق الحقيقي في العمر بينها وبين زوجها: مش عارفة جابوا الأرقام دي منين!    الصحة توقع مذكرة تفاهم مع الجمعية المصرية لأمراض القلب لتعزيز الاستجابة السريعة لحالات توقف القلب المفاجئ    تموين قنا يضبط محطة وقود تصرفت فى 11 ألف لتر بنزين للبيع فى السوق السوداء    كنت بقلد فيلم أجنبي.. طفل المنشار بالإسماعيلية: أبويا لما شاف المنظر تحت السرير بلغ الشرطة    ما حكم بيع وشراء العملات والحسابات داخل الألعاب الإلكترونية؟ دار الإفتاء تجيب    شبكة العباءات السوداء.. تطبيق "مساج" يفضح أكبر خدعة أخلاقية على الإنترنت    سعر اليورو مقابل الجنيه المصري اليوم الخميس 23 أكتوبر 2025 في البنوك المحلية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معضلة الحزب الوحيد


عبدالله كمال 13 نوفمبر 2010 3:00 م

كيف يمكن أن يكسب الناخب أكثر؟
ليس أفضل من الانتخابات وسيلة لكي يتدرب المجتمع علي الديموقراطية . لا أستطيع أن أقول إننا نمارسها .. فالتأهيل الديموقراطي لم يكتمل بعد علي الرغم من أن لدينا دستورا مستقرا وتعددية حزبية وقانونا لمباشرة الحقوق السياسية ومؤسسة برلمانية عريقة.. هناك فرق جوهري بين أن تكون الدولة مؤمنة بالديموقراطية وتطبقها .. وبين أن يكون المجتمع قادرا بالفعل علي استيعاب كل مقوماتها.. وجود الأولي لايعني أن الثانية حقيقة واقعة.
الحسنات المهمة التي ترسخت في السنوات الأخيرة تكمن في أن التفاعلات الديموقراطية والحزبية قللت الفجوة ما بين ثقافة المجتمع .. بما فيها من تعقيدات ومظاهر سلبية .. وبين المقاصد التي لابد أن تبلغها الممارسة الديموقراطية كما هي معروفة في كتب العلم .. وكما يحلم بها الجميع . لا يمكن أن تطبق (كتاب الديموقراطية) حرفيا في بلد قد يكون نصفه علي الأقل غير قادر علي القراءة والكتابة .. هذا التطبيق - لو تم حرفيا - سوف يكون تدميرا للهدف الديموقراطي نفسه .. وربما يؤدي بالمجتمع إلي فوضي غير خلاقة علي الإطلاق .. إلا لو كان الخراب نوعا من الإبداع .. والأدلة موجودة وواضحة في العراق وأفغانستان كأمثلة.
وإذا كنا قد تدربنا في 2005 علي الانتخاب التنافسي الحر بين أكثر من مرشح علي منصب الرئيس بعد تعديل الدستور، وإذا كنا بعد ذلك بأشهر خضنا تجربة انتخابات برلمانية أعلن فيها حزب الأغلبية برنامجا متضمنا تعهداته بناء علي تعهدات في البرنامج الرئاسي .. وخضنا عملية التدريب علي عبور التهديد بالفوضي نتيجة التعامل الأحمق مع الحراك .. فإن التمرين الأساسي في الانتخابات الحالية .. يتجاوز التعددية ومراجعة التعهدات وما نفذ منها .. إلي أمرين إضافيين .. الأول هو : دور اللجنة العليا للانتخابات في مختلف مراحل العملية، والثاني هو تعزيز مواصفات الدولة المدنية التي لاتخلط الدين بالسياسة .. بخلاف التأكيد علي الخبرات التي اكتسبت من المرة السابقة .. ومنها تجاوز احتمالات الفوضي وإهدار الديموقراطية برمتها.
- الخبز والعقل
في خطابه يوم الأربعاء، كرئيس للحزب الوطني الديموقراطي، تحدث الزعيم مبارك عن مقومات هذه الدولة المدنية الملتزم بها، معددا : (لاتخلط السياسة بالدين - إعلاء مبدأ المواطنة - تعزيز استقلال القضاء - تدعيم دور البرلمان - ضمان توسيع قاعدة المشاركة السياسية للأحزاب - تفعيل مشاركة المرأة - التوسع في اللامركزية - نشر قيم الوسطية والاعتدال والثقافة الداعمة للتطوير والتحديث والتنمية) .
ليس هذا كلاما في المطلق، بل إنه تعبير عن منهج حقيقي، فهو لايقف بمواصفات الدولة المدنية عند مسألة منع خلط الدين بالسياسة وإنما يؤكد علي بقية مقوماتها، وإنما أيضا من حيث إنها بادرة مختلفة أن يتحدث الرئيس في خطابه أولا عن هذه الجوانب قبل أن يتكلم عن الخبز .. بمعناه الواسع .. من حيث إنه يتضمن احتياجات المواطن المادية المختلفة.. طعاما وشرابا ودخلا.
لقد عبَر المجتمع مراحل مختلفة وممتدة من الإصلاح، من قبل كان «الخبز» يفرض نفسه قبل أي شيء علي خطاب رئيس الدولة، ثم انتقلنا إلي مرحلة يتجاور فيها حديث السياسة والثقافة إلي جانب حديث الخبز، الآن يجد الرئيس أن عليه أن يبدأ كلامه للناس بالحديث عن مواصفات الدولة المدنية .. مايعني أن المجتمع قد تغير حقا.
المعركة الانتخابية في هذه المرة، وكانت بعضا من ذلك في المرة الماضية، لاتنشغل بالخبز وحده، فيها مضمون للعقل ومضمون للبطن، وكلاهما مهم .. غير أن الملاحظ هو أن كثيرا من الأحزاب المشاركة في الانتخابات تقصر حديثها علي المضمون الفكري والسياسي للديموقراطية بدون أن تقترب من حديث الخبز لأنها بالفعل غير قادرة علي تلبية متطلباته وليس لديها ماتوفره للناس أو تقدمه لحياتهم اليومية.
معضلة هذه المعركة، هي أنه علي الرغم من الفوائد المتراكمة للتدريبات السياسية المتوالية، فإن الحزب الرئيسي والأكبر، أي الحزب الوطني صاحب الأغلبية، هو الذي ينفرد بالمبادرات .. هو الذي يتحكم في إيقاع المعركة .. هو الذي لديه برنامج .. هو الذي لديه سجل إنجاز .. هو الذي لديه تعهدات .. هو الذي يترشح في كل الدوائر .. هو الذي ينتظر الآخرون أفعاله لكي يبدأوا توجيه ردود الأفعال.
لو أن لدينا أحزابا أكثر قدرة، فإن هذا كان سوف يؤدي إلي تغيير الأمور، ويحقق فائدة أكبر للمواطن، لا أقول لكي تحصل أحزاب أخري علي الأغلبية .. فهذا احتمال ليس قريبا لأسباب موضوعية .. وإنما علي الأقل لكي تتوافر ضغوط سياسية وحزبية أكبر علي الحزب الحاكم تجعله متحفزا لمزيد من التجويد .. ولكي يمضي أبعد في إيقاع التطوير .. وفي تقديم مزيد من الالتزامات للناخب .
لقد طرح الحزب برنامجه يوم الأربعاء، وهو برنامج طموح لاشك، كما سوف نوضح، لكني أعتقد أنه لو كانت هناك أحزاب أقوي لكان هذا البرنامج الذي تبلغ تكلفة الوفاء به (2 تريليون جنيه) أضخم مما تم طرحه .. ولجأ الحزب إلي أساليب أبعد .. ولكان سعي إلي مزيد من أدوات اجتذاب الناخب.. أقول المزيد فهو بالفعل يسعي إليه.
البرنامج في حد ذاته يتضمن 75 التزاما، و7 تعهدات رئيسية، وحتي لو كانت طبيعة الانتخابات المصرية تدفع الناحب إلي الاهتمام بأمور تتعلق بمصالح محلية جدا، وبمستوي الخدمات التي يقدمها له المرشح.. سواء علي مستوي الشارع أو حتي علي المستوي الشخصي .. فإنني أعتقد أنه لو كان لدي أي حزب آخر برنامج متماسك له قوام وأهداف فإن الوطني كان سوف يمضي أبعد في برنامجه.
- المصداقية
(الوطني) طرح برنامجا متميزا، طموحا .. بتحفظ، يتسم بالمواصفات التالية:
- إنه يتمتع بالمصداقية .. من حيث إنه يسبقه سجل إنجاز تحقق في السنوات الخمس الماضية .. والحزب لايقول إنه حقق التزاماته السابقة بالإجمال وإنما يقول إنه «أوفي بالكثير» .. وهذا في حد ذاته تعبير عن الصدق مع الناخب والنفس .. ولو كان هناك حزب آخر أو أكثر لديه بديل و قدرة لكنا نشهد الآن نقاشا حادا حول الأسباب التي أدت إلي عدم تنفيذ بقية البنود القليلة التي وردت في البرنامج السابق .
الجانب الآخر للمصداقية يكمن بالأساس في أن البرنامج لم يكتف بإعلان التعهدات وإنما أيضا شرح كيف سيمولها، وربط بين الالتزامات وبين ميزانية الدولة المفترضة في السنوات الخمس المقبلة، إن الحزب الوطني هو الوحيد الذي لايتكلم في الهواء الطلق .. وهو الوحيد الذي ينشغل بتوفير الموارد لتنفيذ الأفكار .. وهو الحزب الوحيد الذي يتحدث عن اهتمامه بعدم رفع مستوي عجز الموازنة .. وهو الحزب الوحيد الذي يعلن الأرقام المتوقعة قبل أن يبدأ في التنفيذ.
في هذا السياق فإن الأحاديث المتداولة من المعارضين حول مسائل تتعلق بالرقابة علي الانتخابات، أو اتهامات التزوير قبل أن تبدأ معركة الانتخابات، أو الحديث حتي عما يوصف بأنه تمرد أو غضب بين المرشحين المستبعدين في الحزب الوطني، هي أمور تتسبب في إلهاء الناخب عن الموضوع الأساسي للانتخابات .. وهو مضمون المطروح علي الناخب .. والوعود التي يتقدم بها كل مرشح له .. كل هذا اللغط هو سُحب دخان تضر مصالح الناخبين .. أكثر من كونها تفيدهم .. مع أنني أضع أهمية قصوي في الانتخابات لمسألة النزاهة والشفافية وعدالة الفرص بين المرشحين.
لكن الجميع يبحث عن عدالة الفرص بين من ترشحوا، ولم ينشغل حقا بالعدالة التي يستحقها الناخبون، وبالتالي فالمعارضة اهتمت بأن تبحث عن العدالة التي تصل بها إلي مقعد البرلمان .. ولكنها لم تشرح للناخب كيف سوف توظف هذا المقعد من أجل تحقيق مصالحه.
- من أجل الأطفال
- الملمح الثاني في مواصفات هذا البرنامج المطروح من الحزب الوطني، أن شعاره بقدر ما يطرح الأمل، والثقة في المستقبل، إلا أنه يداعب مشاعر الخوف لدي الناخب من الغد .. ومن ثم فإن الشعار (علشان تطمئن علي مستقبل ولادك) يعني الكثير جدا .
من حيث الشكل، صيغ الشعار بعبارة عامية، علي عكس الشعارات الحزبية السابقة للوطني، تقربا من فئة عريضة من الناخبين، سواء كانت المجموعات التقليدية، التي تمثل عائلات ريفية أغلبها لايقرأ الصحف ولا يتعامل مع الفصحي في حياته اليومية، أو حتي علي مستوي الفئات المستحدثة من المهتمين بالشأن العام .. أي الشباب والأجيال الجديدة وعائلات الطبقة الوسطي التي صارت تجتذبها مناقشات التوك شو .. بكل ماتتخلي فيه عن قيود الفصحي ورصانتها.
من حيث الشكل أيضا، صاحبت الشعار صور لخمسة أطفال، مبتسمين، من فئات اجتماعية مختلفة، مايعني أن الحزب يخاطب أهم ما يشغل أي ناخب .. ليس فقط يومه .. وإنما استمراره وامتداده .. بكل ما تعنيه صور الأطفال .. من تفاؤل .. ومن مخاطبة لمشاعر الأسرة .. والعائلية التي يرتبط بها المصريون .. ومن حيث زيادة عدد البنات علي البنين في الأطفال الخمسة (3 مقابل 2) .. تأكيدا علي دور الأنثي في المجتمع وتعظيم مشاركتها فيه.
من حيث المضمون، يوحي الحزب بهذا الشعار أنه سوف يقوم بدوره عبورا للأجيال، وأنه ضمانة للاستقرار في مصر، وأنه الاختيار الأمثل لكي يضمن الناخب ألا يخاف علي غده (تطمن علي مستقبل ولادك) .. في مواجهة مجهول تطرحه قوي الظلام .. وغموض لايكشف عن تصوراته لدي أحزاب المعارضة .. وسيناريوهات دامسة تلوح بها جماعات الفوضي والتثوير.
ما البديل إذن، في مواجهة ما يطرحه الحزب الوطني ؟ .. للأسف لايوجد طرح موازٍ .. دعنا هنا من الأطروحات السلبية التي تنتقد شعارات الحزب وتهاجم دعايته بانتقاصها وذكر مثالبها .. إن المفترض هنا هو أن تكون هناك قوي تطرح علي الناخب تصورات مغايرة .. اقتراحات مختلفة .. أفكارا أخري .. والمشكلة تكمن في أن الأحزاب المعارضة لم تسع إلي ذلك .. بل لم تهتم .. وربما ليست لديها القدرة .. بينما قوي الظلام تطرح علي المجتمع مايفجر قلقه وتخوفاته ويرسخ هلعه من قدومها لكي تحكمه. وهو علي كل حال احتمال بعيد.
وإذا كنت أعتبر أن كل الأحزاب، بما في ذلك الوطني والمعارضة وعلي رأسها أحزاب الوفد والتجمع والناصري، في قارب واحد .. قارب الدولة المدنية .. فإن البديل المطروح حقا هو مشروع الدولة الدينية التي لاتضمن لمصر استقرارا .. وتعدها بأجواء الانشطار والنار .. وتحول المواطنين المصريين أصحاب التاريخ العريق إلي مجرد تابعين لوالٍ إندونيسي أو خليفة ماليزي أو حتي تقبل بأن يحكمنا أشخاص من نوعية خالد مشعل ومحمد بديع.
- برنامج للجميع
- ثالثا: اتسم البرنامج الذي طرحه الحزب الوطني بالشمولية، بمعني أنه لم يقتصر علي جانب واحد دون آخر، وتضمن جوانب اقتصادية واجتماعية وسياسية وثقافية .. كما أنه شمل الجدول الزمني للدورة الانتخابية كلها .. خمس سنوات .. وفي الوقت ذاته فإنه خاطب مصالح مختلف الفئات .. طبقيا وعرقيا ودينيا.
هكذا انشغل بتوفير فرص العمل للشباب متعهدا بخفض معدل البطالة إلي 3%، كما انشغل باهتمامات المرأة وزيادة دورها في المجتمع .. تعهد برفع أجور العاملين في جهاز الدولة إلي الضعف .. في ذات الوقت الذي التزم فيه بأن يضاعف دخل الفلاح .. تعمد أن يفسح مزيدا من الفرص أمام القطاع الخاص والرأسمالية الوطنية .. كما أصر علي أن يتعهد بإخراج مليون ونصف المليون أسرة من تحت خط الفقر .. واجه اهتمامات محدودي الدخل والمعوزين .. وركز علي انشغالات الطبقة الوسطي .. ساوي بين توجهه لمحاربة الفساد وتخفيف المركزية وبين توجهه لإصلاح التعليم وتجويده والوصول إلي مجتمع المعرفة.
وينبع هذا من أمرين، أولا طبيعة الحزب البنيوية باعتباره مظلة واسعة جدا لمختلف فئات المجتمع، في مختلف مواقع مصر، وثانيا من حيث طبيعته كحزب حاكم .. يدير جهاز الدولة .. ويدرك الأبعاد المختلفة والمتنوعة لاحتياجات مختلف الفئات .. بمعني أوضح أن لديه المعلومات الكاملة عن متطلبات لابد من توفيرها .. حفاظا علي التوازن الاجتماعي وحماية للعلاقات بين مختلف الفئات .. وتلبية لشبكة المصالح العريضة التي تتحقق من خلال هذا.
في المقابل، لا يوجد بديل يطرح حتي مطلبا فئويا .. أو يخص طبقة بعينها .. أو معني بجماعة من البشر .. أو مجموعة عمرية .. بل إن الأحزاب ذات الطابع اليساري لم تنشغل مثلا بأن تطرح برنامجا يخاطب العمال .. كما أن حزب الوفد لم يطرح برنامجا يخاطب مصالح الطبقة الوسطي والرأسمالية وملاك الأراضي .. وعلي جانب آخر اهتم الإخوان، وهم ليسوا بحزب، بأن يخاطبوا دين الناس .. تأكيدا علي توجههم الطائفي .. وأسلوبهم الساعي إلي التفرقة بين المصريين.
خلاصة القول: هل الحزب الوطني خيار لا فكاك منه ؟
المسألة ليست بهذه الطريقة، كونه الحزب الأقدر والأكثر فعالية والضامن للاستقرار لايعني أنه الخيار الذي لا مفر منه .. لا يعيب الحزب أنه الأكثر تلبية لمصالح الناس علي اختلاف فئاتهم .. أو أنه الأقدر علي أن يدير إيقاع المعركة الانتخابية .. أو أنه الأجدر بأن يرشح سياسيين علي مختلف المقاعد في كل مصر ... ولكن هذا يعيب الأحزاب الأخري .. كما يعيب القوي غير القانونية .. المفتقدة أصلا للتأهيل المدني للتعامل مع مفردات دولة عصرية حديثة ومستقرة.
عملية الإصلاح التي يقوم بها الحزب الوطني، داخل نفسه، لم توازها عمليات إصلاح مماثلة في مختلف الأحزاب، لسبب جوهري وهو افتقاد القدرة والإرادة والإصرار علي النظر إلي ما يفعل الحزب الوطني بدلا من طرح بدائل من داخل تلك الأحزاب . كما أن عملية الإصلاح التي تقوم بها حكومة منتمية لأغلبية الحزب .. هي التي تؤدي إلي قدرته علي أن ينفذ تعهداته والتزاماته أمام الناخبين.
المضي قدما في هذا الاتجاه، ومع تكرار العمليات الانتخابية، ومع تعزيز الديموقراطية، وترسيخ مقومات الدولة المدنية، يؤدي إلي ظهور أجيال قادرة علي أن تدفع الأحزاب لكي تطور نفسها .. وتستطيع أن تنقل المجتمع إلي مستويات أخري من النضج .. بحيث لا نخشي من وجود تطرف فلا يكون تهديدا .. ولا تستجيب للرشاوي الانتخابية .. ولا تخدع بالشعارات الدينية .. وإنما توازن بين احتياجاتها والمتطلبات الوطنية وبين ما يطرح عليها من تعهدات.
إن تراكم التدريبات، والعمليات السياسية المتوالية، سوف يؤدي إلي مزيد من الخبرات، التي تحدث نقلة نوعية في المجتمع، وهذا لن يتحقق إلا بمزيد من الاستقرار .. وقتها حين يطرح الحزب الوطني برنامجه سوف يواجه برامج بديلة .. وسوف يدفعه هذا إلي عدم التحفظ في طموح التزاماته .. وإلي البحث المضني مرات إضافية عن مصادر أخري للتمويل .. بغض النظر عن احترامي الشديد لهذا البرنامج الذي طرحه قبل أيام وثقتي في أنه سيكون قادرا علي إحداث نقلة نوعية لمصر في السنوات الخمس المقبلة .. خصوصا إذا كان المرشح عن الحزب لمنصب الرئيس في 2011 سوف ينقل هذا البرنامج المطروح الآن إلي أفق أبعد.
عبد الله كمال
يمكنكم مناقشة الكاتب وطرح الآراء المتنوعة على موقعه الشخصى
www.abkamal.net
أو موقع روزاليوسف:
www.rosaonline.net
أو على المدونة على العنوان التالى:
http//alsiasy.blospot.com
أو على صفحة الكاتب فى موقع الفيس بوك أو للمتابعة على موقع تويتر:
twitter.com/abkamal
البريد الإلكترونى
Email:[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.