أحزان مصر لكل المصريين، وأفراح مصر لكل المصريين أيضاً!! لم تعرف مصر أبداً - وطول تاريخها - أحزانا تخص المسلمين أو أحزاناً تخص الأقباط وحدهم. ولم تعرف مصر أبداً - وطوال تاريخها - أفراحاً تخص المسلمين أو أفراحاً تخص الأقباط وحدهم. وهذا بالضبط ما يزعج ويضايق ويقلق أعداء «مصر» أمس واليوم وغداً. ولعل أكثر ما يزعج أعداء مصر هو أن تظل مصر قوية عزيزة، مستقرة، آمنة، كريمة، بمسلميها وأقباطها. ولن يهدأ بال أعداء مصر حتي يحققوا حلمهم وأملهم في تفتيت وحدة هذا الوطن العظيم، وتفتيت وحدته الوطنية العظيمة التي صنعت مكانه ومكانته بين الأمم. وما أكثر المؤامرات التي تعرضت لها مصر بهدف كسر إرادتها الوطنية، وبث الفرقة والوقيعة بين المسلمين والأقباط، وكلها مؤامرات ومغامرات محكوم عليها بالفشل. ولعل حادث الإسكندرية الأخير هو حلقة جديدة للاعتداء علي وحدة وسلامة مصر وأمنها وشعبها ووحدتها الوطنية. جريمة الإسكندرية هي بكل المقاييس فعل خسيس ووضيع وعار إنساني لا يقبله دين أو عقل أو منطق. هذه جريمة خسيسة أشم فيها رائحة أيادي أجنبية لا تعرف طبيعة هذا الوطن أو ناسه أو مسلميه أو أقباطه. لقد اهتزت كل مصر وغضبت - مصر الرسمية والشعبية - من هذه الجريمة البشعة وأكد.. الرئيس مبارك ابن مصر العزيز في بيان حاسم وقاطع وباتر أدان فيه هذه الجريمة الخسيسة، إلي إدانات رئيسي مجلسي الشعب والشوري «د. أحمد فتحي سرور والسيد صفوت الشريف» لهذه الجريمة البشعة. لم يكن المقصود أو المستهدف من جريمة الإسكندرية هو الاعتداء علي أقباط أبرياء ذهبوا ليصلوا في الكنيسة ويطلبون من الله خيراً وحباً وتسامحاً لهم ولمصر، بل كان الاعتداء موجهاً ضد مصر كلها. إن ما جري بعد ربع ساعة بالضبط من بداية عام جديد عمل لا يقره أي دين سماوي، إنه جريمة ضد كل القيم الإنسانية النبيلة التي بشرت بها الأديان السماوية وفي مقدمتها الإسلام والمسيحية. إن اختيار مكان وزمان وتوقيت وطريقة تنفيذ العملية الإجرامية إنما يؤكد أن ما جري كان هدفه الأول والأكبر تحويل مصر إلي وطن طائفي، وهو ما لم ولن يحدث أمس واليوم وغداً. مصر - إذا كنتم لا تعلمون - لها رب يحميها، ولها شعب يؤمن بها، فمصر ليست وطناً نعيش فيه بل هي وطن يعيش فينا كما يردد ويؤكد دائماً قداسة البابا شنودة. إن مصر ليست شقة مفروشة يسكنها أبناؤها - المسلمون والأقباط - وحين يزهقون من السكن فيها يتركونها لشقة أخري. إن مصر هي التي تعيش فينا - بعقد أبدي وإلهي - لا يمكن أن ينتهي أبداً. «مبارك شعب مصر»، هكذا يقول الكتاب المقدس، ومصر هي التي اختارها «السيد المسيح» وأسرته هارباً من ظلم واضطهاد اليهود، بعد ميلاده لكي يهرب من بطش وجبروت «الملك هيرودس». مصر هي التي أنشأت وأقامت أول كنيسة عرفها التاريخ، وبعد فتح الإسلام لمصر - زمن عمرو بن العاص - لم يجد الأقباط من الإسلام إلا كل الحماية والمحبة وحمايتهم للأقباط والمحبة لهم أيضاً. يامن تحلمون بمصر طائفية لن يتحقق حلمكم!! يامن تحلمون بمصر وطناً للكراهية والاضطهاد لن يتحقق حلمكم!! يامن تحلمون بمصر بلداً للتعصب والتخلف والجهل لن يتحقق حلمكم. يامن تحلمون بمصر ضئيلة وهزيلة المكان والمكانة لن يتحقق حلمكم. يامن تحلمون بكل سوء وشر لمصر - الوطن والشعب - لن يتحقق حلمكم! ليحفظ الله مصر من كل سوء وشر وجهل وتعصب وتخلف سواء جاء من خارجها أو علي يد قلة من داخلها تمتلئ بالجهل والتخلف. وأخيراً لا أجد عبارة أجمل وأصدق وأبلغ وأروع من تلك الآية التي جاءت في الكتاب المقدس: مبارك شعب مصر.