تمتلئ جوانب الرياضة المصرية بالأبطال والبطلات، أصحاب الإنجازات والميداليات من كل نوع وعلي جميع المستويات، وتواجدت الفتاة المصرية في ساحة البطولة منذ سنوات طويلة في القرن العشرين وكما كانت رائدة في الحياة السياسية والثقافية والاجتماعية توفرت لها نفس الريادة في الحياة الرياضية منذ مطلع الثلاثينيات نفيسة الغمراوي وإيناس حقي وعبلة خيري ومني التتش ومني صقر وأمينة محمود وصولاً لنجمات نهاية القرن رانيا علواني وآية مدني وشرويت حافظ وهبة رشيد ونهلة رمضان وتهاني طوسون امتداداً لسلسلة طويلة من نجمات الرياضة المصرية والبطلات الكبار. وتمثل أمينة محمود حبة العقد بين هؤلاء البطلات من حيث كونها وصلة بين الجيلين القديم والحديث ثم تعدد الرياضات التي مارستها وأحرزتها من خلال بطولات علي جميع المستويات أفريقياً وعربياً ومتوسطياً وعالمياً.. وكانت النهاية السعيدة التمثيل في الدورات الأوليمبية كأول فتاة مصرية وأفريقية وعربية تتواجد في المحفل الأوليمبي حدث ذلك في أوليمبياد ميونخ 1972 في سباق الوثب الطويل.. وسجلت شرف المشاركة التي تم تدوينها في سجلات الألعاب الأوليمبية. تقول أمينة محمود: أنا حزينة لما يحدث معي من قبل اللجنة الأوليمبية المصرية واتحاد ألعاب القوي لتجاهل تاريخي وإمكانياتي ونتائجي المدونة لديهم بالسجلات.. والأوسمة والنياشين التي حصلت عليها طوال تاريخي حصلت علي ثلاثة أوسمة من الطبقة الأولي من الرئيس جمال عبدالناصر والرئيس السادات، كما حصلت علي وسام الاستحقاق من وزير الشباب والرياضة التونسي، والاتحاد العربي للألعاب الرياضية الذي كرمني ضمن الرائدات، هذه كبريات محافل التكريم التي لم أحصل عليها إلا بالكفاح والنتائج والبطولات علي مدار ثلاثين عاماً في الملاعب المصرية حققت خلالها الكثير في ألعاب الكرة الطائرة وكرة اليد وكرة السلة.. وألعاب القوي، وكنت جوكر تلك الألعاب وقدت الرياضة النسائية المصرية للبطولات والمحافل الدولية وحصلت علي أحسن لاعبة في كل تلك الألعاب بجدارة. ومن أهم أحداث حياتي الرياضية وجودي في الألعاب الأوليمبية بميونخ 1972 وكانت لتلك المشاركة قصة باختصار كان شبه ممنوع مشاركة الفتاة المصرية والأفريقية والعربية في تلك الدورات الكبري إما لسوء وضعف المستوي.. أو لانغلاق بعض الدول. إنما في بداية السبعينيات كنت قد وصلت لقمة تألقي في الساحة الرياضية المصرية خاصة في ألعاب القوي لمسابقات الجري.. والوثب الطويل الذي اقتربت فيها أرقامي من الأبطال الرجال وبعد شد وجذب تمت الموافقة علي مشاركتي في أوليمبياد ميونخ.. ومعي السباحة سحر منصور في سباحة المسافات القصيرة شريطة أن تحرز كل منا الأرقام التأهيلية المعتمدة من اللجنة الأوليمبية الدولية، وكان في الوثب الطويل 85,5 متر.. وقفزت 30,6 متر.. أسقط في يد الممانعين لسفري أو لمشاركة الفتاة المصرية في الأوليمبياد ورغم إعادة المحاولة لأكثر من مرة. إلا أنني لم أتراجع عن الأمتار الستة في أي محاولة.. وكان لابد من المشاركة الأوليمبية أما بالنسبة للسباحة سحر منصور فلم توفق في السفر لعدم إحرازها للرقم التأهيلي. • برقية عاجلة أخيراً وصل الجنس اللطيف إلي مسابقات الدورات الأوليمبية.. كتبت ساعتها الصحافة المصرية «المستنيرة» وقادها في ذلك الوقت الكاتب اللامع ابن جهينة وبالمناسبة حتي بعد الصعود وإخطار اللجنة المنظمة للأوليمبياد بالرقم التأهيلي لي كانت هناك محاولات لإبعادي لولا تدخل المستنيرين وقتها وعلي رأسهم المرحوم الدمرداش توني عضو اللجنة الأوليمبية الدولية بمصر والأستاذ أبوالفتوح السيد مدير عام اللجنة.. وتم إرسال البعثة دون اسمي.. لولا تدارك الأمر وخوضي لمعركة مع المسئولين باللجنة حتي كان إرسال اسمي بالمشاركة بخطاب خاص بعلم الوصول ببرقية عاجلة كلفت اللجنة الأوليمبية المصرية وقتها أربعة عشر جنيهاً.. كانت أغلي برقية يتم إرسالها لها حينذاك، وتم إدراجي ضمن أفراد البعثة المصرية المسافرة أخيراً. • ضمن الثمانية الكبار كان معي في ألعاب القوي الأبطال ناجي أسعد في الجلة.. وعز الدين يعقوب في الجري مسافات قصيرة وعبدالحميد خميس في المسافات المتوسطة 5 آلاف و10 آلاف متر، وهو أحسن تشكيل تشارك به ألعاب القوي المصرية في تاريخها. وأذكر ترحيب الألمان بي كفتاة.. وصباح يوم الجمعة بدأت التصفيات بيني و42 لاعبة من مختلف أنحاء العالم وبينهن، انتابني رهبة وخوف زادا من تصميمي.. بعد مشاهدتي للمضمار الأوليمبي لأول مرة بدأت القافزات.. واحدة.. اثنين.. ثلاثة.. لم تقل إحداهن عن وثب الستة أمتار.. في قفزاتي بدأت بالوصول لستة أمتار و10 سنتيمترات.. مسافة أذهلت المتواجدين.. لا أقول طرت بل إنني سبحت في الهواء جاء ترتيبي الخامسة ضمن المتسابقات.. صعدت للدور النهائي ضمن ثمان متسابقات، وكانت ميدالية تم ضمانها. • أحداث الفدائيين وضياع ميدالية تواصل أمينة محمود قائلة: بعد ساعات من بهجة التفوق والوصول للدور النهائي.. فوجئ العالم أجمع والقرية الأوليمبية بأحداث الفدائيين الفلسطينية الذين احتجزوا البعثة الإسرائيلية وما بعد من أحداث أدت لانسحاب جميع البعثات العربية المشاركة وعلي رأسها البعثة المصرية بل إن رؤساء البعثة الأستاذ عبدالعزيز الشافعي وأحمد الدمرداش توني كانا علي رأس المفاوضين لإنهاء تلك الأحداث ومعها ضاعت المشاركة في الدور النهائي ضمن أحسن ثماني قافزات وميدالية أوليمبية مضمونة، وعدنا بخفي حُنين، ولكن رقمي كبطلة مصرية وأفريقية ظل لسنوات طويلة مسجلاً . وعن عدم تكرار المشاركة الأوليمبية قالت: في أوليمبياد مونتريال 1976 لم تشارك الرياضة المصرية.. وفي أوليمبياد موسكو 1980 انسحبنا من المشاركة بسبب الغزو السوفيتي لأفغانستان.. وأثر ذلك ضاعت فرص مشاركتي أوليمبياً.. ولكن تشرفت بتسجيل اسمي كأول فتاة مصرية تشارك في الألعاب الأوليمبية.. ولكن للأسف حدث تجاهل غريب من قبل المسئولين عن اللجنة الأوليمبية الحالية ولم تتم دعوتي للتكريم أو حتي الحضور وحضر من هن أصغر مني سناً وأقل وجوداً. • أصغر البطلات • حدثينا عن بعض إنجازاتك؟ تقول أمينة محمود: قدت المنتخب المصري للبنات للنهائي الأفريقي في الدورة الأفريقية لكرة اليد بتونس وحصلت علي لقب أحسن لاعبة عام 1971. وفي عام 1971 قدت المنتخب المصري لنهائي الدورة الأفريقية لكرة السلة وحصلت علي لقب أحسن لاعبة وفي الجزائر عام 74 حصلت لمصر علي بطولة أفريقيا للكرة الطائرة وأحسن لاعبة بالبطولة، وحجزت أرقام مصر في ألعاب القوي في ال100 متر «عدو».. والوثب الطويل وال100 حواجز حتي اعتزالي بداية الثمانينيات. وبالمناسبة كنت أصغر المشاركات في بطولة اليونان الدولية لألعاب القوي عام ,1960. وعمري 11 عاماً وأحرزت أول ميدالية في حياتي برونزية ال 800 متر جري، ومنحني المرحوم خليل شريف رئيس البعثة مكافأة مالية خاصة قدرها خمسة جنيهات مصرية. • وماذا عن البداية؟ - في الثامنة من عمري بالصف الثالث الابتدائي بمدرسة الفريدية بشبرا اكتشفتني مدرسة الألعاب «ناهد يحيي» وطيران علي النادي الأهلي.. بعد أسابيع علي يد المدرب الخبير أحمد الخادم كنت أسرع بنت في مصر.. ومرت الأيام وتوالت البطولات.. والرياضات وإتقانها ولقبتني الصحافة بجوكر الرياضة المصرية النسائية. • أجيال تتذكر لنا أمينة محمود ضمن أبرز البطلات اللائي حملن مشعل البطولة معها في الألعاب المختلفة سهير السلحدار وعدلات السلالنكي وعبلة صلاح ووفاء صلاح الدين في كرة السلة وفي اليد وألعاب القوي نادية شريف وسناء إسماعيل.. ووفاء إسماعيل.. وغيرهن الكثيرات من اللائي حملن مشعل التفوق والرياضة للفتاة المصرية كونهن الجيل الأول الذي صال وجال في أحراش القارة السمراء والوطن العربي. • مؤهلات علمية إلي جوار التفوق الرياضي تؤكد أمينة محمود أن التفوق العلمي كان مصاحباً لها فحصلت علي بكالوريوس تجارة عام 1972 بتقدير جيد.. ثم ماجستير طب رياضي عام 1974 من جامعة ليبزج بألمانيا.. والحصول علي الدكتوراه في علم التدريب الرياضي من جامعة بوسطن عام 1982 وقمت بتدريب العديد من المنتخبات العربية وعلي رأسها منتخب جامعة الكويت وفريق النادي الأهلي وحالياً أدرب نادي الزهور في ألعاب القوي. • ألعاب القوي حالياً - في منعطف خطير وتكاد تصل للهاوية لعدم وجود خبراء أو كبار أو أبطال لإدارة اللعبة وباستثناء الطفرات التي تطفو علي السطح لا يوجد أبطال حقيقيون. • وماذا عن الرياضة النسائية بوجه عام؟ تقول أمينة محمود الانتشار ممتاز.. والتواجد علي المستوي العالمي والإقليمي أصبح كبيراً في ظل توافر الإمكانات المادية والمعنوية من قبل المسئولين فشاهدنا أبطال عالم في السباحة والجمباز وهنا أذكر بالخير الميدالية الأوليمبية في أوليمبياد سنغافورة للشباب لفتيات الجمباز الإيقاعي في صورة حضارية ولفتة طيبة وتاريخية. وغيرها من الرياضات حتي العنيفة المصارعة والملاكمة ورفع الأثقال بصراحة هناك إنجازات للرياضة النسائية المصرية.