ريتا زميلتي وصديقتي العزيزة افتقدتك كثيرا منذ أن كانت تجمعنا (تختة) واحدة في المدرسة حيث كنا مهاجرتين من مدن القناة بسبب حرب 67 .. ثم جمعتنا منضدة المذاكرة في منزلك ومنزلنا .. منزلك الوحيد الذي كانت والدتي تسمح لي بدخوله (فكم كانت هي صعبة وشديدة في تربيتها والممنوعات عندها كثيرة).. وهل تتذكرين يا ريتا والدي عندما كان يأتي من الإسماعيلية لزيارته الأسبوعية لكم ويأتينا بكل الأشياء التي كنا نفتقدها في مهجرنا (السمك والمانجو والطماطم المرملة) - كما كنت تسمينها - وكذلك البونبون؟! هل تتذكرين يا ريتا عندما ذهبت يوما إلي المدرسة بدون إفطار ونسيت الساندويتش بسبب تأخري عن ميعاد المدرسة وجدتك في اليوم الثاني تأتين بساندويتش قائلة لي: «ماما هي اللي عملته لما قلت لها ما حدث بالأمس» .. ريتا بما أنك أصبحت طبيبة كبيرة بماذا تفسرين ما يحدث لنا الآن في مصر؟! .. أنا أتذكر أختي الكبيرة عندما رأت في الحلم بأنها تسلّم علي قسيس فكان تفسير أمي لهذا الحلم أنها ستنجح وتحصل علي مجموع كبير .. (فالقس في الحلم نصرة ونجاح) .. فوالدتي مفسرة جيدة للأحلام وتعلمت هذا من جدها الذي كان أحد علماء الأزهر الشريف وله عمود في الأزهر. وأتذكر حكاية كانت والدتي دائما ترويها لنا أن زميلتها في المدرسة (أليس تادرس) كانت تحفظ القرآن الكريم من الجلدة إلي الجلدة .. وعندما كان يأتي المفتشون إلي المدرسة كان ناظر المدرسة يدعو (أليس) للجلوس في الصف الأول لتقرأ القرآن علي الزائرين للمدرسة. ريتا هل تتذكرين عندما ذهبت أنا وأنت لزيارة ابن خالتي محمد أثناء حرب 73 في أحد المستشفيات العسكرية لإصابته إصابة خطيرة .. وبمجرد أن رآني قال : «ميخائيل مات لينقذني»، ثم أصابته حالة من البكاء والانهيار لم يهدأ منها إلا بحقنة من الطبيب .. وبعدها أخذت في بكاء شديد علي ميخائيل الذي كان مراسلا لمحمد .. وكان شابا جميل الشكل والخلق .. يرحم الله الجميع ميخائيل ومحمد اللذين امتزجت دماؤهما وجسداهما بتراب مصر دفاعا عنها وعن أحفادنا. ريتا أغيثيني ... ماذا حدث للمصريين؟! هل تتذكرين عندما قلت لك إن صديق زوجي الوحيد والدائم منذ أن كان بالمدرسة وحتي الآن هو د.سمير غطاس جاء ذات مرة من الأردن حيث كان يقيم هو وعائلته .. وكنا في رحلة خارج مصر ولم يجدنا فعاد إلي الأردن مرة أخري تاركا رسالة لنا قال فيها: «لم أجدكم في القاهرة فشعرت بأنني في بلد غريب .. لذلك سافرت تاني». د. سمير ماذا حدث للمصريين؟!.... وعندما دخلت «صباح الخير» كان أول من شجعني علي كتابة أول تحقيق لكي أضع أولي خطواتي في الصحافة كان أستاذي الكبير لويس جريس .. وأول من فتح لي مجالا أوسع وأكبر في عالم الصحافة أستاذي الكبير مفيد فوزي .. وأول من أكد لي أني أصبحت صحفية ولي أسلوب متميز كما كان يقول لي دائما هو زميلي العزيز رشاد كامل. رشاد ماذا حدث للمصريين ؟! هل تتذكر يا رشاد معي يوم زفافي عندما أعلنت كل الأماكن والفنادق حالة الحداد علي وفاة الرئيس أنور السادات من الذي فاجأني بأن الفرح سيتم كما أتمني واستأجر في صحاري سيتي مجموعة شاليهات وأقام فيها الفرح .. وجمع كل أسرة «صباح الخير» .. إنه أخي وزميلي رمسيس وزوجته - رحمها الله - سميحة وفي اليوم التالي جمعنا رؤوف عياد - الله يرحمه - في منزله في حفلة للعشاء علي شرف العروسين أنا وبغدادي كم كنا في «صباح الخير» أسرة جميلة وظريفة ومحبة للحياة والخير مثل كل الأسر المصرية من الصعيد لمطروح .. ماذا حدث للمصريين ... ماذا حدث للمصريين ؟! ريتا أغيثيني .. ريتا أغيثيني!