الأم: مالكم يا احمد بتتخانقوا ليه انت واختك؟ أحمد: لأ مش بنتخانق دا احنا بنمثل رواية الأب والأم الأم : مثلوا لكن من غير زعيق أحمد: بقى رواية الأب والأم من غير زعيق امال انت وأبويا ما بتبطلوش زعيق ليه!
في التليفون : الزوج : مش قادر اجي عشان عندي شغل كتير قوي النهاردة الزوجة: وهو ضروري تشتغل في المكتب؟ هات شغلك وتعالي
جنان خلوصي، الأستاذ المساعد بالجامعة الأمريكية صدر لها كتاب، منذ أسابيع، عن أزمة الزواج في مصر، في أوائل القرن العشرين. أي منذ ما يقرب من مائة سنة تقريبا. وفي آخر سطور الكتاب تقول، (إنها تهدف من هذه الدراسة، أن توفر أمام الرأي العام، الجذور التاريخية للمناقشات المعاصرة، حول التقاليد والممارسات التي تحيط بقضية الزواج، وبهذا تساعد في تقديم مفاهيم بديلة للقواعد التي تتبناها الدولة، والتقاليد المسيطرة ) وهي بمثل هذا البحث، تقدم إسهاما خلاقا وبناء، في قضية حالية، تمتزج فيها عناصر عديدة: اجتماعية وقانونية وسياسية ودينية، في تشابك وتعقد لا يمكن تفكيكه بسهولة. وأوائل القرن العشرين، في تقدير الباحثة، يمتد زمنيا في بحثها من 1898 إلي 1936، وسنة البداية هنا شهدت صدور قانون تنظيم المحاكم الشرعية لأول مرة، وكتاب قاسم أمين الشهير، وسنة 36، هي سنة المعاهدة التي اعترفت فيها بريطانيا لمصر بدرجة أكبر من الاستقلال، فهناك مغزي لهذا التحديد. وحديث الزواج ومشكلاته، خلال تلك الفترة، يرتبط بالموقف من الاستعمار البريطاني، والأوضاع الاقتصادية، ورياح التحديث، والتراث المتراكم. وبحث الدكتورة خلوصي، يحاول أن يكشف عن تأثير هذه العناصر وترابطها والأفق الذي تفتحه، ليكون تنظيم العلاقة بين الجنسين، صدي للتقدم الذي ينشده المواطنون، في مختلف نواحي الحياة. وأشير هنا إلي أن تحليلها ينصب أساسا علي الطبقة المتوسطة في مصر بأجنحتها المختلفة. والمصادر الأساسية التي اعتمدت عليها، في بناء دراستها، تتمثل في قضايا الأحوال الشخصية المتداولة في أروقة المحاكم في تلك الفترة، والكتابات التي تناولت هذه القضية، بأقلام المفكرين ورجال السياسة والاجتماع، والجديد وربما الأهم، رسائل القراء إلي الصحف، حتي لو كانت مجهولة الأسماء. وكان اختيارها وتحليلها لهذه الرسائل، موفقا وفي موضعه. تفضيل العزوبية وكان المفهوم الذي تمحورت حوله أزمة الزواج آنذاك، يتمثل في انتشار العزوبية أو العزوف عن الزواج بين شباب الذكور. ورصدت الأستاذة الجامعية التفسيرات التي قيلت حول هذه الظاهرة السلبية. ومنها أن هذا يعود إلي الاستهتار الذي تغلغل وسط الشباب، وجعلهم يفضلون إنفاق أموالهم علي المقاهي وشرب الخمور وارتياد المواخير، بدلا من توفيرها لتأسيس بيت والاقتران بزوجة وإنجاب أبناء. ومن أشهر دعاة هذا التفسير لأسباب العزوبية، مصطفي صادق الرافعي، العزوبية التي رآها، ( من أكبر الجرائم التي تمس شرف الأمة ) ولكنها تري أن الذين تبنوا هذا التفسير ليسوا كثيرين وهو تفسير المحافظين والتيار الديني . أما الليبراليون أنصار التحديث، فقد ركزوا علي الظروف الاقتصادية ، والتي تتبدي في التغيرات التي أحدثها الاستعمار البريطاني، لربط الاقتصاد المصري بالخارج وبانتشار البطالة، وضعف المرتبات الحكومية. وكما جاء في أحد المقالات : ( إن شباب الخريجين مشغولون بالبحث عن وظيفة وليس بالبحث عن زوجة ) ومن هنا إذا كانت اقتراحات المحافظين، تدور حول فرض ضريبة علي العازب تصل إلي 50% من دخله، ومنع تعيين العزاب، وإغلاق المواخير والبارات، فإن الآخرين كانت لهم تصورات أخري. فهم مثلا دعوا إلي تخفيض المهور، وأدانوا مبالغة الآباء في قيمتها، وطالبوا بتيسير مطالب الزواج، من جميع النواحي. والمناقشات حول قيمة المهر وتكاليف الزواج، شغلت المراقبين والكتاب والمواطنين، طوال بداية القرن، في مختلف التيارات. وجرت معها حديثا حول البطالة وموقف الآباء الذين يرون أبناءهم كسلعة، والتوجهات المادية للطبقة المتوسطة. وربط أنصار التحديث، بين البطالة والأزمة الاقتصادية، وبين هذا الوضع الاقتصادي وبين مقاومة الاستعمار، ومن هنا وضعت أزمة الزواج في منظور أوسع. المهر 25 قرشا وحين أعلنت ( هدي شعراوي ) أنها زوجت بنت أختها حرية إدريس بمهر قدره خمسة وعشرون قرشا، كانت كمن يساهم في بناء مصر الحديثة. وانبري «أحمد الصاوي محمد» يحيي هذا المسلك. وكذلك فعل هو ودرية شفيق، حين تزوجا، فقد كان المهر خمسة وعشرين قرشا، وتم عقد الزواج في بيت هدي شعراوي. وكان المهر في أوائل القرن يتراوح بين مائة وأربعمائة جنيه، حسب موقع العريس علي سلم الطبقة المتوسطة. ولكي تعرف فداحة هذا المهر، يجب أن تعرف أن مرتب الموظف آنذاك هو ثمانية جنيهات، أي أن العريس يحتاج إلي توفير مرتبه كاملا لمدة خمس سنوات. والدعوة إلي تخفيض المهور، ترافقت معها مناقشة حول معايير جديدة للاختيار بين العروسين غير القدرة المادية. بل امتدت المناقشات إلي اعتبار الوضع الرأسمالي التابع الذي تقاد مصر إليه، من أسباب ارتفاع المهور. ومن المداخلات المهمة التي سجلتها الباحثة محاضرة ألقاها فكري أباظة في الجامعة الأمريكية سنة 1932، حول أزمة الزواج، بدأها بقوله إنه لن يتزوج أبدا، لأن العائلات الأربع التي تقدم لها، رفضت طلبه تباعا، بسب وضعه المادي. ولما كان العزوف عن الزواج، يقابله ارتفاع في نسبة الطلاق، فإن بعض المراقبين توقفوا عن هذا الترابط، واعتبروا أن تزايد حالات الطلاق، من العوامل التي تدفع الشباب إلي التريث، فلماذا يتزوجون، إذا كان الأمر سوف ينتهي في الأغلب إلي الطلاق. وعزت الكتابات حالات الطلاق، التي تتم بعد وقت قريب من الزواج، إلي عدم معرفة الزوجين ببعضهما، وعزل النساء وراء أسوار البيوت، لا يعرفن عن الحياة شيئا. ومن رحم هذه المناقشات والتفاعلات، كان يولد مفهوم جديد لدور الرجل والمرأة ومسئولية كل منهما. دور لايذعن لما تقول به لائحة الأحوال الشخصية الصادرة سنة 1875 مستهدية بالمذهب الحنفي، أن مسئولية الرجل هي توفير وسائل العيش لامرأته وإعالتها وتلبية ما تحتاجه لتؤدي وظيفتها في خدمة البيت والزوج. وفي هذا الجو، كان حديث نازلي الحكيم، وهي مدرسة، هي وزوجها، إلي الصحافة عن تعاونهما في تأثيث البيت، وهو مسايرة للنداءات الجديدة، التي تناقض القاعدة أن الزوج مسئول عن إعالة زوجته. ويصدر كتاب قاسم أمين الشهير عن تحرير المرأة وكتابه الآخر عن المرأة الجديدة، ليدفع قضية المرأة والمجتمع ودورها، خطوات إلي الأمام. وتري صاحبة البحث أن كتاب قاسم أمين، في جانب كبير منه موجه إلي الرجل، لينشر موقفا جديدا، يضع المرأة في موضع المساواة مع الرجل، ويتيح لها فرص التعليم، ويفتح أمامها الأبواب، ويزودها بالكفاءة والقدرة علي إدارة بيتها وتربية جيل جديد، يبني وطنا قويا. الآباء وبناتهم وساند هذه الدعوات انتشار تعليم البنات في ربوع مصر، وكانت بداية تعليم البنات في 1873، وأول مدرسة ثانوية للبنات في 1920، ووصل عدد المدارس الابتدائية للبنات في 1937 إلي 31 مدرسة بها 4000 بنت والمدارس الثانوية إلي سبع مدارس بها 2000 بنت غير 115 مدرسة إعدادية، خاصة بها 15 ألف بنت . وكان المبعوثون القادمون من أوروبا، يقارنون بين المرأة الأوروبية التي رأوها تناقش وتعمل وتشارك، وبين المرأة المصرية، ويتساءلون: كيف يجدون زوجة في مصر تملك هذه المؤهلات. وكان تعليم البنات هو الطريق لبناء هذه الزوجة. وزادت حدة المطالبة برفع يد الآباء عن تزويج بناتهم صغارا وترك الفرصة لهن في الاختيار. وارتفعت دعوات تطالب بتغيير القواعد التي يقوم عليها قانون الأحوال الشخصية سنة 1875. بل رفعت بعض الزوجات قضايا أمام المحاكم، يطالبن بالطلاق، لأنهن تزوجن قاصرات، والآن كبرن ويرين أن الأزواج ليسوا صالحين لهن. واستجاب القضاة لطلبهن وإذا كانت قضية زواج الشيخ علي يوسف، من القضايا التي شغلت الرأي العام في تلك الفترة، فإن الباحثة تعيد قراءة هذه القضية، وتقول لنا إنها ليست القضية الوحيدة آنذاك، فهناك قضايا كثيرة مماثلة، وحكم القضاة فيها للسيدات بحقهن في الطلاق، وأن ظروفا خاصة بقضية الشيخ علي يوسف، جعلت المحكمة تحكم بالتفريق بينه وبين زوجته، بعد زواجهما دون موافقة الأهل. فموافقة الأهل أصبحت آنذاك موضع مناقشة ومؤاخذة. وفي الوقت الذي كانت فيه مصر، تعمل لنيل استقلالها، وبناء اقتصاد مستقل، وطلعت حرب ينشئ بنك مصر، وتولد الجامعة المصرية في العشرنيات والثلاثينيات، كانت بنات الطبقة المتوسطة، عرفن الطريق إلي المدرسة، ويتمتعن بحضور المسارح والأوبرا والمتنزهات ويظهرن في وسائل النقل ويؤسسن الجمعيات ويسبحن علي شواطئ الإسكندرية . وفي المناقشات المستعرة، نما مفهوم جديد للذكورة والأنوثة، يعد الأم لتربية أطفالها، وغرس قيم الوطنية والأخلاق فيهم، بما يعني مراجعة المفهوم السائد الذي ينيط هذه المهمة بالرجل. وأن تقوم هذه المرأة بهذه المهمة، فهذا يعني ألا تكون في مرتبة أدني، وعليها طاعة الرجل، وإجبارها بالقوة علي الالتزام (ببيت الطاعة). وكتبت سيزا نبراوي سنة 1927 تدعو إلي إلغاء بيت الطاعة. واعترض المحافظون علي هذه الروح النامية وكتب محمود مسعود سنة 1927 يتساءل: ( هل خروج المرأة وارتيادها المقاهي وصالات الرقص يجعل فرص زواجها ممكنة ؟ إن مسئوليتها عن الشرف تقتضي أن تعود لتبقي وراء البيت ). وأشار بعض المثقفين الإسلاميين إلي أنه كيف أن تعليم المرأة يصيبها بالغطرسة، ويشجعها علي عدم القيام بواجباتها المنزلية. وأفاض الآخرون في توضيح أن عجز المرأة وانعدام كفاءاتها وغياب القدرة علي تربية الأطفال، هي من أسباب نفور الأجيال الجديدة من الزواج. وأن مشاركة المرأة وإعدادها يقتضي تغيير كثير من الأوضاع والقوانين. وحين تقارن الباحثة بين حال أوائل القرن والوضع اليوم، لا تبدو سعيدة بالمنجزات، فعلي مدي القرن ظل قانون الأحوال الشخصية كما هو، لم يتغير منه شيء، ومازالت المطالب المرفوعة منذ أوائل القرن كما هي، وحتي القانون الذي صدر في عهد السادات تم التراجع عنه، والطاعة الجبرية ألغيت فقط سنة 1967. وفي بعض الجوانب، فإن الفرص في أوائل القرن كانت أفضل من اليوم . ومعها حق ولكن التراكم الذي تحقق، زاد من رقعة الذين تغلغلت المفاهيم التقدمية في أرواحهم، حتي وإن لم تجد لها ترجمة قانونية وإلزامية. وهذا أمر يستحق الانتباه والتقدير والحرص عليه وتعميقه، فالإيمان الحقيقي بالمساواة لن يتم دون توعية مستمرة. وأذكر هنا بالمثل الذي ضربته الكاتبة، عندما كتب أحمد الصاوي محمد، يعلق علي زيادة نسبة الطلاق، قائلا إن هذه النسبة تختلف بين أفراد الطبقة المتوسطة وبين الطبقات الدنيا، وهو لا يعرف بين المحيطين به، من تعرض لعاصفة الطلاق. وما أن تزوج هو من درية شفيق، حتي انفصلا بعد شهر واحد، وقالت زوجته إنها كبيرة بين أقواله وكتاباته ودعوته وبين سلوكه وتطبيقه ومعاملته داخل البيت. إن التمكين للمرأة، وفتح الأبواب أمامها، والمساواة الحقيقية، ومراجعة كثير من القواعد المستقرة الخاصة بحضانة الأطفال وحقوق الزوجة والسيطرة الذكورية في حاجة إلي صياغة جديدة، ما تزال مطروحة علي الجيل المعاصر. وليس المطلوب قوانين علي الورق، ولكن تغييرا حقيقيا في الأدوار علي الأرض وفي الحياة.. وإني أطمع في جزء ثان، تبحث فيه الدكتورة جنان، أوضاع الزواج، علي الجانب المسيحي، لتكتمل الصورة.