الموضة الآن هي الكتابة عن «الطماطم» نثراً وشعراً ولوحات قلمية وذكريات تاريخية، وتحليل سياسي واجتماعي وربما نفسي أيضاً!! ولم تتخلف الفضائيات ببرامجها الليلية عن الكلام واللت والعجن والتفعيص في مسألة الطماطم المجنونة السعرانة!! كل من هب ودب راح يفتي بغير علم وبكثير من الجهل العصامي، حتي يساير الموضة ولا يتخلف عن الموجة والموضة السائدة والرائجة!! واختلط الكلام عن الطماطم والصلصة بالكلام عن التفاح والكمثري، ولا مانع أيضاً من نشر وكتابة أخبار طريفة - لا تعرف إذا كانت حقيقية أم من خيال كاتبها - ومنها خبر عنوانه «ممنوع لمس الطماطم» وتقول تفاصيله: «مع الارتفاع الرهيب لأسعار الطماطم والتي وصل سعرها إلي عشرة جنيهات للكيلو قامت سيدة مصرية «!!!» بتحذير أبنائها من أكل الطماطم التي قامت بشرائها ووضعتها في ثلاجة المنزل من أجل الطبخ حيث فوجئ الأبناء بورقة تحذير داخل الثلاجة تقول: ممنوع لمس الطماطم، الأبناء لم يقتربوا من الطماطم حتي لا يحرموا من مصروفهم اليومي»، (أخبار اليوم 16 أكتوبر). أما الأكثر طرافة بالفعل فهو ما جاء في مناقشات ومكلمة ورشة العمل الإقليمية لدعم جمعيات حماية المستهلك التي نظمها جهاز حماية المستهلك بالتعاون مع وزارة التجارة الأمريكية برنامج تنمية القانون التجاري وبتمويل من المعونة الأمريكية، وحسب التقرير الذي نشرته الزميلة «الشروق» - السبت 16 أكتوبر - فإن مستر «تشوبك بيل» مدير برامج اتحاد المستهلكين في كلامه حول ما يحدث في مصر حالياً من ارتفاع كبير في أسعار الخضر خاصة الطماطم دعا الجمعيات إلي مطالبة المستهلك بالتوقف عن شراء الطماطم واستهلاك «الملوخية» (تصوروا). إن هذه النصيحة الأمريكية الطريفة والمهمة لابد أن تثير شهية بعض الأقلام والأصوات المعارضة وتجدها فرصة ذهبية للهجوم علي الحكومة وكيف أنها - أي الحكومة - تنفذ أجندة أمريكية إمبريالية في مسلسل التبعية والانبطاح!! لكن المعارضين الأقل شراسة وممانعة سوف يهاجمون هذه الفكرة الإمبريالية الخبيثة التي تريد تشويه تراثنا الغذائي المصري، فلا ملوخية بغير أرانب!! ولا مانع أن يتفنن ذهن أحد المحللين الاستراتيجيين - وما أكثرهم - بالربط بين دعوة استهلاك الملوخية والاستغناء عن الطماطم إلي أنها حلقة جديدة من حلقات الهيمنة الأمريكية الإمبريالية ضمن مخطط التبعية للسيطرة علي أذواق وبطون ومعدة المصريين!! ولا أستبعد إطلاقاً - في هذا المناخ الإعلامي الفضائي - الذي اختلط فيه الحابل بالنابل والذي يطبق شعار «كله عند العرب صابون» أن يخرج أحدهم علينا متحدثاً عن أسباب هبوط مستوي المنتخب الكروي بتعادله مع سيراليون وهزيمته أمام النيجر، بأن طعام لاعبي الكرة قد خلا تماماً من الطماطم أو حتي الصلصة، وقد رأينا تأثير غياب الطماطم علي كل لاعبي مصر، فقد كانت اللياقة البدنية صفراً، وكل لاعب يمشي في الملعب وكأن في أقدامه أكياساً من الرمل، والوحيد الذي حافظ علي مستواه كان «عصام الحضري» ويقال إنه خالف تعليمات مسئولي المنتخب وحمل معه إلي النيجر عدداً لا بأس به من حبات الطماطم تناولها وحده بعيداً عن أعين الجميع!! وأختتم هذا الهذيان الصحفي بخبر الزميلة الشروق - في نفس اليوم - عن زوج يمزق جسد زوجته في سوهاج بعد فشله في شراء كيلو طماطم بعشرة جنيهات ويقول الخبر الغريب: مزق «علي السيد 38 عاماً» وهو عامل باليومية يقطن قرية المشاودة البحرية بجرجا في سوهاج، جسد زوجته «عايدة إبراهيم جمال» ربة منزل بالسكين بعد مطالبتها له قبل خروجه إلي العمل صباحاً بضرورة إحضار كيلو طماطم معه.. وعقب انتهائه من العمل وذهابه لشراء كيلو الطماطم فوجئ بأن سعر كيلو الطماطم الجيدة 10 جنيهات والأقل جودة ب8 جنيهات وهو ما يعادل نصف يوميته التي لا تتخطي 20 جنيهاً فرفض شراءها وعند رجوعه للمنزل سألته زوجته عن كيلو الطماطم فأكد لها أنه لم يستطع شراءها بسبب زيادة سعرها فوبخته الزوجة عدة مرات وهددته بترك المنزل.. و.. ونشبت بين الزوجين مشادة كلامية تطورت إلي مشاجرة عنيفة وأسرع الزوج إلي المطبخ وأحضر سكيناً وانهال علي زوجته بعدة طعنات فسقطت علي الأرض جثة هامدة ثم فر هارباً، ووصلت الزوجة إلي مستشفي جرجا المركزي وبها عدة طعنات نافذة بالصدر والبطن وتهتك بالكبد ولفظت أنفاسها الأخيرة فور وصولها، وعلي الفور تم تشكيل فريق بحث ضم العميد «محمود العبودي» رئيس المباحث الجنائية بالمديرية والعقيد عبدالفتاح الشحات رئيس فرع البحث لقطاع الجنوب بإشراف العميد عاصم حمزة مدير المباحث الجنائية وتم القبض علي المتهم وبمواجهته انهار واعترف تفصيلياً بارتكاب الواقعة، وأمرت النيابة بإشراف القاضي «معتز بربري» المحامي العام لنيابات جنوبسوهاج بحبسه 4 أيام علي ذمة التحقيق مع مراعاة التجديد له في الميعاد. انتهي ما كتبه الزميل «محمد عبده» علي صفحات الشروق، والملفت للنظر ويثير الدهشة أن الزميلة «الجمهورية» وفي نفس اليوم نشرت هذه الحادثة «ص16» التي كتبها الزميل «حربي عبدالهادي» الذي أرجع الحادثة إلي خلافات أسرية بين «علي .أ.ع.خ» «23 سنة» وعروسه «عايدة .أ.ج» «23 سنة».. إلخ. هل سبب الجريمة هو الطماطم كما قالت الشروق أم الخلافات الأسرية كما كتبت «الجمهورية» من يعرف الإجابة الصحيحة له مني «حبة طماطم» هدية!!