وصلتنى هذه الرسالة على الإيميل من فتاة لم تذكر اسمها، لكننى قررت أن أحييها وأحيى شجاعتها وأيضاً أحيى إيجابيتها فى تقديم النصح والإرشاد والتوعية لبنات كثيرات. هذه الفتاة كادت تقع ضحية عملية نصب واحتيال وسرقة، وربما كاد الأمر يتطور إلى ما هو أخطر، لكن حكمتها وذكاءها أنقذاها من هذا الخطر. .أكثر ما أعجبنى فى هذه الفتاة وقررت أن أضع قصتها فى باب «بنات كده» هو أن الفتاة لم تلزم الصمت ولم تتعامل مع قصتها على أنها مسألة شخصية أو حادث عارض تحكيه صدفة أمام أقاربها وصديقاتها، لكنها قررت أن تبذل مجهوداً حقيقياً فى نشر هذه القصة وتحذير العديد من الفتيات والنساء من الوقوع فى مثل هذا الخطر. تحكى الفتاة الشجاعة والحكيمة قائلة: فى يوم 2/8/2010 الموافق الاثنين فى حوالى الساعة السابعة والنصف صباحا فى طريق النصر بمدينة نصر أمام نادى الفروسية بمقابل النادى الأهلى، تعرضت لموقف لن أنساه طيلة حياتى، وسوف أظل أشكر الله كل صلاة على رعايته لى وإنقاذى من مأساة محققة! كنت فى طريقى من بيتى بمصر الجديدة متوجهة لبيت أخى فى مدينة نصر لتوصيله إلى المطار، ومعى والدتى، ووجدت سائق سيارة تاكسى دوجان تقريبا رقم 811 شاب أسمر نحيف متوسط الطول يشير إلى عجلة السيارة اليمنى وأنها على حد زعمه (بترف جدا) ويجب أن أتوقف حتى لا تحدث كارثة. وبالفعل توقفت ونزلت من السيارة وتوقف هو الآخر وأمسك بالعجلة وحركها وقال: «الحمد لله...انت ربنا بيحبك ده انتى فى خطر كبيييير العجلة بترف جدا والمسمار اللى ماسكها مكسور وممكن تحصل كارثة لو تحركت بها»، ولكن لا أعلم لماذا دخل الشك قلبى من كلامه لأننى كنت أمشى بسرعة كبيرة ولم ألحظ حتى أى غربلة فى عجلة القيادة ولم أتمكن من مشاهدة المسمار المكسور الواضح وضوح الشمس له، وازداد يقينى بأنه نصاب عندما اقترح علىً أن يأخذنى معه إلى محطة البنزين فى آخر الشارع كى نحضر أى ميكانيكى ليصلحها لنا. إذا كان حقا بكل هذه الرجولة والشهامة.. لماذا سوف يأخذنى معه؟! لماذا لا يذهب هو وحده ويحضر لنا الميكانيكى؟! لماذا يجب أن أذهب معه فى التاكسى الخاص به؟! بعد كل هذه التساؤلات التى دارت فى فكرى فى لحظات.. أدركت أنه لا يوجد غير حل واحد أوحد هو الفرار.. فعقلى لم يقتنع بكل ما سمعته منه وهو واضح عليه الكذب فعيناه زائغتان. فشكرته على تعبه معى وقلت له إن بيتى قريب وسأقودها بهدوء حتى أصل لأننى لا أستطيع تركها فى الطريق السريع. ولكنه أصر أن هذا فيه خطر كبير جدا، ولكن أنا ركبت سيارتى وتحركت والشك يملأ قلبى وعقلى من هذا الشاب. مشيت بسيارتى ببطء شديد وعيناى على هذا السائق الذى ظل يبطىء من سرعة سيارته كى يبتعد عنى ويزيد المسافة بيننا وهذا ما أكد لى أن شكوكى فيه سليمة. ولكن كنت مضطرة أن أدخل فى الاتجاه المعاكس كى أكمل طريقى لبيت أخى ولكن لم أستطع أن أبعد نظرى عن هذا السائق. وفجأة حدث ما كنت أتوقعه.. فقد أوقف بنتا أخرى تقود سيارتها بمفردها ويحكى لها نفس السيناريو الذى قاله لى: فوجدت نفسى أوقف سيارتى وأرجع بها بسرعة كبيرة ونزلت منها وقطعت الشارعين ركضا حتى وصلت إلى البنت ووجدتها معه خارج سيارتها يحكى لها نفس الكلام. فبدأت بالصياح واتهامه بالكذب والنصب وأنه قال لى نفس الكلام من خمس دقائق بالضبط. والبنت تقف فى ذهول تام وتردد «هو فى إيه؟!» ولحسن حظنا كنا أمام موقع بناء فحضر الأمن فأسرع الشاب إلى سيارته التاكسى ولاذ بالفرار قبل أن يتمكنوا من إمساكه، ولم أتمكن من رؤية لوحة السيارة كاملة مجرد الأرقام ولم أستطع مشاهدة الأحرف فقد كان يقود على سرعة عالية جدا. ومع كل هذا والبنت تقف عاجزة عن الكلام فشرحت لها ما حدث بالتفصيل. ولن أنسى أبدا طيلة حياتى نظرات هذه البنت.. نظرات كلها رعب ودهشة وصدمة وشكر. وظلت تردد: «ربنا يخليكى أنا متشكرة قوى أنا مش عارفة أشكرك إزاى»، فقلت لها الحمد لله الّذى أنقذنى منه وألهمنى سرعة التصرف هكذا حتى أنقذها هى الأخرى من أيدى هذا الكذاب النصاب الذى يعلم الله وحده ما كان فى عقله وما كان ينوى أن يفعل بى أو بها. الحمد لله الحمد لله الحمد لله.. لقد تعلمت الدرس جيدا وتأكدت أن من يذكر الله يذكره الله.. وعرفت قيمة تسبيحى فى السيارة قبل هذا الموقف.. فقد كان صباحاً جميلاً والسماء كانت فى منتهى الروعة بيضاء ناصعة وبها نور شديد صافٍ أجبرنى على ترديد جملة : «سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم» وجعلنى الله أرى عظمته وقوتها فى نفس اللحظة. ولم يكتف بإنقاذى من أيدى هذا المجرم ولكن تكرم على ببعض حسنات وجعلنى سببا فى إنقاذ روح أخرى بريئة تستحق المساعدة. أحمدك ربى وأشكرك على نعمتك علىّ وعلى إلهامك لى كى أنجو اليوم من كارثة محتومة وإلهامك لى كى أنقذ هذه البنت البريئة من نفس الكارثة. آسفة لو أطلت عليكم ولكن كنت أحاول أن أنقل لكم تجربتى بكل تفاصيلها حتى لا تتعرض أى بنت أو أى سيدة لهذا الموقف وأرجو منكم أن تنشروا هذا الموضوع حتى يصل التحذير إلى أكبر عدد من الناس. بالفعل .. كما قالت الصديقة الواعية .. علينا أن نتوخى الحذر ونقوم بإعمال عقولنا بشكل منطقى لأن الاندفاع قد يؤدى إلى عواقب وخيمة.