تحدثنا مع «سوزان حسن» عن حياتها داخل ماسبيرو وذكرياتها وحلمها الذى تحقق بمحض الصدفة بعد أن ابتعدت عنه ودرست التجارة وعادت لتحقيق حلمها القديم بجواب من القوى العاملة ليضعها على بداية طريق جديد لتصل فى نهايته إلى رئاسة التليفزيون المصرى.. كيف كانت بدايتك مع مبنى الإذاعة والتليفزيون؟ - أولا هذا المبنى حياة كاملة بالنسبة لى وعشت فيه أجمل سنوات عمرى ومنذ كنت طفلة وأنا أراه وكنت أحلم به دائما وكان مبهراً بالنسبة لى فإذا ذكرنا أسماء ليلى رستم، سلوى حجازى وهذا الجيل من العظماء والأسماء اللامعة التى شكلت جزءا من تاريخ هذا المبنى ومن ذاكرتى أنا، وكان الحلم كبيراً داخلى كما أننى بطبعى كنت مطلعة وأحب قراءة الأدب، بجانب حبى لأخبار الفن والغناء فى حفلات المدرسة وكنت أعرض أزياء وأنا طفلة وغيرها من الاهتمامات التى زرعتها فى أمى، ولكن فى مرحلة الجامعة درست فى كلية التجارة وتفوقت فيها وكنت من الأوائل، وبدأ حلمى بالعمل فى التليفزيون يتلاشى وأصبح كل تصورى هو أن أصبح أستاذة جامعية لأنى أحببت كلية التجارة وأحببت المناهج فيها وأردت تدريسها وبدأت أشعر بأنى أريد أن أفيد الناس بشكل عام وحلمت بأن أكون معيدة فى الجامعة ومع التخرج كان من الصعب أن أعمل معيدة حيث كان يتوجب علىَّ السفر إلى محافظة أخرى لذلك قررت عدم السفر، وبعدها جاءنى جواب القوى العاملة وكانت الصدفة الجميلة أنه رشحنى للعمل فى التليفزيون فى الشئون المالية والإدارية لأنى خريجة كلية التجارة وكانت صدفة بحتة غيرت حياتى كلها ففجأة ظهر الحلم القديم مرة أخرى وصادف بعد ثلاثة شهور أن هناك اختبارا للمذيعات فتقدمت ونجحت فيه وأعتبر الحمد لله أننى كنت سعيدة الحظ فى هذا التغيير فى مسار حياتى وكان هناك وقتها فئات للتقديم يتم ترشيح المذيعة للعمل فى إحداها فإما أن تكون مذيعة ربط أو نشرة أو مقدمة برامج وأنا تم اختيارى لأكون مذيعة ربط ومقدمة برامج، وكانت وقتها دفعة المذيعات قليلة فكان هناك احتفاء بهن كوجوه جديدة وذلك لعدم وجود الزخم الموجود الآن لعدم وجود ساعات الإرسال الضخمة، وبدأت العمل فى القناتين الأولى والثانية وتزوجت بعد ستة أشهر من عملى كمذيعة وسافرت بعدها لمدة ست سنوات إلى إنجلترا حيث أنجبت أولادى وبعد عودتى كان من المنطقى أن أجد أن قياداتى يتذكروننى ولكن مفاجأتى هى أن أجد أن المشاهدين أيضا يتذكروننى وعدت إلى العمل وقدمت نوعيات مختلفة من البرامج وكانت فرصتى رائعة بعد عودتى من إنجلترا لمشاهدتى تليفزيون دولة متقدمة وقناة ال bbc حيث لم يكن هناك ستالايت وقتها ولم تكن فرص مشاهدة الآخر ومتابعته متاحة وقتها فكانت تلك الفترة مدرسة بالنسبة لى فى حد ذاتها. واستفدت منها كثيرا منها. وما أهم المراحل فى حياتك المهنية وأهم البرامج التى قدمتها؟ - برنامج «لقاء الأجيال» كان من أهم البرامج التى قدمتها من وجهة نظرى لفكرته الرائعة وقبلى كانت تقدمه السيدة عائشة البحراوى ثم سافرت هى وتم اختيارى لتقديمه واستمر البرنامج لمدة عشر سنوات وكانت فكرته جبارة وهى أن يتم جمع ثلاثة أجيال مختلفة مع بعضهم ونحاول الاستماع إلى وجهات النظر، وجمال البرنامج كان يكمن فى أننا نحاول خلق انسجام بين الأجيال وليس صراعا، وغيرها من البرامج التى قدمتها بعد ذلك كاليوم المفتوح وصباح الخير يا مصر، ولكن المرحلة التى اعتبرها فارقة فى حياتى ومن أهم المراحل التى مررت بها هى التغطية الإعلامية لأعمال السيدة سوزان مبارك والتى اختارتنى لهذه المهمة هى السيدة سامية صادق واستمررت فيها لمدة 25 عاما وشعرت أنى أقدم شيئا ذا قيمة عرفنى بجوانب الحياة المختلفة فى مصر إلى أن أصبح رسالة بالنسبة لى ومن أهم المراحل فى حياتى المهنية وصقلنى على الجانب الشخصى وليس المهنى فقط كإعلامية. وأعتقد أن هذه المرحلة كانت من أهم الأسباب التى شجعت سيادة الوزير صفوت الشريف على أن يختارنى لتأسيس أول قناة بحث علمى فى العالم العربى وهى قناة المنارة وذلك فى بداية إنشاء (قطاع القنوات المتخصصة) وكانت فكرة علمية مغرية جدا وذلك لاقتناعى بأهمية وجود أساس علمى لأى موضوع، ثم من المراحل المهمة بعد ذلك فترة رئاستى للقناة الأولى ومن ثم رئاسة التليفزيون المصرى. اشتهرت وعرفك الناس كمذيعة ثم كرئيس للتليفزيون المصرى، هل وجدت نفسك أكثر كمذيعة أم فى العمل الإدارى؟ - أحببت العمل الإدارى كثيرا وبالطبع كان لدى حنين لتقديم البرامج والكاميرا ولكن شعرت أنه لكى أعود بفكرة جديدة سيحتاج ذلك منى جهدا وتفكيراً وتركيزا بالإضافة إلى جهد الإدارة، وأنا أحببت فكرة أننى أخرج أجيالاً جديدة وتعليمهم والإشراف عليهم طوال الوقت وأنه يجب إعطاء فرص للجيل الجديد، ووجدت نفسى فعلا فى الإدارة أعمل على ملء الشاشة بأفكار ومواضيع تفيد الناس. فى رأيك، بعد مرور50 عاما.. هل تطور التليفزيون المصرى كما كان يجب أن يكون خلال هذه الفترة، وهل أصبح قادرا على مواجهة حرب الفضائيات؟ - بالطبع لا.. لأنه توقف عن التطور لفترة طويلة جدا، والحق يقال، لهذا حدث تأخر بشكل عام فى بداية التطوير ولو كانت عملية التطوير بدأت قبل سنوات لكان الوضع اختلف كثيرا حيث بدأ التطوير فى عام 2005، وإذ كنا بدأنا التطوير فى النصف الثانى من التسعينيات أو بداية 2000 لكان الوضع مختلفاً ولكنه بدأ المواجهة فى هذه الحرب الإعلامية لأنه تليفزيون دولة فلابد أن نعيد هذه الكفة من الميزان ونقدم النغمة الصحيحة بشكل قادر على المنافسة وهذا ليس سهلا ولكنه سيحدث مع الوقت وأنا أراهن على المستقبل بشكل كبير، ومع الإصرار ومع أجيال جديدة عندها علم أكثر وكوادر تنال تدريبا مستمرا طوال الوقت فنحن توقفنا عن التطوير سنوات طويلة وتوقفنا أيضا عن تدريب الكوادر وهذا فى رأيى من أهم الأخطاء. ويجب أن ندرس منافسينا ونشاهدهم، وتنقصنا دراسات تخبرنا بمقاييس المشاهدة بشكل شفاف واستطلاعات وأن نعمل طوال الوقت على إدهاش المشاهد وجذبه بموضوع جيد وصورة مدهشة وكوادر موهوبة بداية من المذيعين إلى المخرجين، المعدين، مصورين ومهندسى الديكور. ما رأيك فى برامج التوك شو، وهل هى بالفعل تقدم الوجه السيئ فقط لمصر؟ - هى أصبحت أساساً موجوداً لا مفر منه وبالتأكيد يوجد بها جوانب جيدة وفتحوا باباً للحوار والجدل حول موضوعات مهمة كان الناس بحاجة إليها ولكن أحيانا يقعون فى أخطاء كثيرة ونشعر أن هناك حرباً وحالة من الغليان وهذا ليس الهدف فى البداية، خاصة أن البث يكون فى أوقات ذروة المشاهدة وأنا ضد أن يشاهد الناس هذا الكم من المشاكل فى وقت الذروة فمن الممكن تغطية هذه المشاكل وعرضها ولكن بجانبها نحاول تقديم ما يخفف وطأتها على المتفرج لنعطيه بعض الأمل، ولا أنفى أن فكرة وجود التوك شو كانت مطلوبة والناس سعيدة بها ولكن أحيانا أراها تقدم الوجه القبيح فقط وليس معنى كلامى أن يتم التعتيم على المشاكل أو عدم نقل المواضيع الحيوية والخطيرة، ولكن أن يكون هناك توازن خاصة فى طريقة التناول للموضوعات. ما نوعية البرامج التى يحتاجها مشاهد التليفزيون المصرى؟ - البرامج الثقافية والتنويرية التى تعلم الناس أساليب الحياة لتناسب وضعنا وظروفنا وكيف نحاول الخروج من مشاكلنا بشتى الطرق وهذا ليس دور برنامج تليفزيونى فقط لأن هذا مجتمع بأكمله ودور التليفزيون هو أن يحثه ويستنهضه، وفى رأيى أن دور المجتمع المدنى غير واضح فى البرامج ولابد من تعزيزه لنعلم الناس فكرة المساعدة لأننا مازلنا بعيدين عنها وتقابل أحيانا بسخرية، فقبل أن نعلم الناس أن يبدأوا فى حملة لتنظيف شوارعهم علينا أن نوعيهم أين يذهبون بما جمعوا من قمامة لكى نكون بدأنا بالمشكلة من أساسها وليس بمجرد حل خارجى. لماذا دائما توجه انتقادات لمذيعات التليفزيون المصرى بأنهن أقل خبرة من مذيعات القنوات الفضائية؟ - هذه المسألة يحكمها من البداية الاختيار الجيد، فالذنب ليس ذنب المذيعة، بل ذنب من قام باختيارها وهناك أشياء ننتبه إليها مثل عامل المظهر الخارجى والملابس وكان الأمر متروكا للمذيعة فبدأ يظهر شكل من عدم التناسب أحيانا بين مظهرها وبين شكل أو نوعية المادة والبرنامج الذى تقدمه، لذلك يجب ألا تقوم المذيعة باختيار ملابسها بنفسها بل يجب أن يكون هناك فريق مسئول عن هذا، إلى جانب المظهر هناك عوامل أخرى لا تقل أهمية كأن يكون المظهر متفقاً مع الجوهر مع المضمون مع الديكور مع الإيقاع فى التقديم، كل هذه عناصر مهمة لا يجب إغفالها، وفى الحالتين يجب أن تدرس ما تقدمه جيدا وتكون مقتنعة ومؤمنة به وفى النهاية أؤكد أن الاختيار الجيد من البداية هو الأساس. ماذا توجهين للتليفزيون فى عيده ال 50؟ - كل عام وهو بخير ومتقدم ومتطور وأن يستمر على ما هو عليه الآن من تطور وارتياد لمناطق جديدة واحترام للحريات وتقدم للناس احتياجاتهم وما يستفيدون منه ويتعلمونه ويترك أثراً فى حياتهم وأتمنى أن تحظى الدراما باهتمام أكبر والعديد من القضايا الأخرى كقضايا المرأة لأنه مازال هناك فهم خاطئ لها وتحتاج أن تطرح بطريقة مختلفة.