فتحى عبدالوهاب نجم لابد أن يرتبط فى ذاكرتك بكل ما يقدمه من أدوار سينمائية، هو الوحيد من أبناء جيله الذى اقتنص الجوائز فى المهرجانات العربية والدولية عن أدواره فى أفلام متميزة مثل «سهر الليالى» و«خلطة فوزية»، و«عصافير النيل»، ولأنه لا يشبه أحدا من أبناء جيله فى طريقة التفكير فمن البديهى أن يحتل مكانة متميزة. ذهبنا له ليحدثنا عن سر انجذابه لشخصية عبدالرحيم التى جسدها فى فيلم «عصافير النيل» للمخرج «مجدى أحمد على» وأصعب المراحل العمرية التى جسدها ورأيه فى سجن شباك التذاكر والمصطلحات التى يرفضها. بداية كيف رشحك المخرج «مجدى أحمد على» لدور عبدالرحيم وهل وافقت فورا؟ - الترشيح جاء بعد أول أسبوع من تصوير فيلم «خلطة فوزية» حيث قال لى الأستاذ مجدى على هذا العمل ولن أقل لكى الكلام الذى نسمعه كثيرا أنى خفت واترعبت، هو كلام حقيقى إلى حد ما ولكن كلما كان السيناريو حقيقياً وكانت الشخصية بسيطة وقابلة للتصديق كلما قل الخوف لدى الممثل دائما. وما الذى رآه «مجدى أحمد على» فيك لتكون عبدالرحيم؟ - هذا سؤال يسئل له كمخرج ولكن بعد أن شاهدنا الفيلم معا لأول مرة قال: «هو ده عبدالرحيم» وهذا يعنى أنى نجحت فى مهمتى وبعثت الروح فى الشخصية المكتوبة. وما الذى جذبك لتقديم هذا الدور؟ - ربما لأنه شخص حقيقى جدا وبسيط ويشبه ملايين البشر الذين يعيشون معنا بالإضافة إلى أن فكرة تجسيد سيرة حياة شخص على مدار سنوات عمره هى فكرة مغرية جدا لأى ممثل، لأنى أقدم شخصية على مدار 25 أو 26 عاماً فهى تمر بكل الأحداث والمشاعر فى حياة هذه الشخصية وهذه فرصة لأى ممثل على وجه الأرض. ما هى أوجه الاختلاف بين الفيلم وبين الرواية الأصلية ل«إبراهيم أصلان»؟ - أنا شاهدت الفيلم أكثر من أربع مرات فى عروض المهرجانات وبالفعل عندما شاهدت الفيلم لم تخطر فى بالى الرواية على الرغم من أن أجواء إبراهيم أصلان الموجودة فى الرواية هى نفسها الأجواء الموجودة فى الفيلم ولكنك هنا أمام وسيط مختلف تماما فلن نستطيع أن نقارن وسيط مقروء كالرواية بالسينما بعد أن دبت الحياة فيها وأصبحت مفعمة بالحياة والأشخاص على الرغم من أن أساسهما واحد. ألم تقلقك الضجة التى أثيرت حول الفيلم بسبب جرأته؟ أصبح هذا العادى عندنا وفى هذا الوقت تحديدا خاصة فى الخمس سنوات الأخيرة وأصبح الحكم من مجرد مشاهدة أفيش أو برومو الفيلم وفجأة تظهر الانتقادات لجرأة الفيلم وكل هذا قبل مشاهدته بالأصل، وأنا كفنان هبطل سينما لو خفت أو قلقت والجرأة مطلوبة فى الفن. هناك من شبهوا شخصية عبدالرحيم بالشخصية التى قدمتها فى فيلم «فرحان ملازم آدم»؟ - من يرى هذا فهو إما أنه لم يشاهد «عصافير النيل» أو لم يشاهد «فرحان ملازم آدم» فالبطل فى العملين شاب يأتى إلى القاهرة ليصطدم بأجوائها وهذا النموذج موجود بالملايين فى حياتنا ولو وسط هذا العدد من الذين يأتون إلى القاهرة يوميا سنجد عدة نماذج مختلفة تماما وإذا كنت قدمت منهم نموذجين لشخصين مختلفين فى فيلمين مختلفين وأحداث مختلفة إذن أنا أمامى أكثر من 30 إلى 40 فيلما آخر لأقدمه على نفس الموضوع، فمثلاً نحن لا يمكن أن نسقط كل الصحفيين على شخصية صحفى واحد ونقدمه ونقول إن كل الصحفيين مثل هذا وهكذا على أى شخصية أو مهنة فى الحياة كل منهم مختلف بأسلوب مختلف وتفاصيل شخصية وحياتية مختلفة ولكن فى مجتمعنا بعض الأشخاص الذين يحبون التنميط وادعاء المعرفة وهذا خطأ بكل معنى الكلمة. وهل هناك عبدالرحيم بيننا فى الواقع؟ - يوجد منه ملايين فى مصر بيننا وفى حياتنا اليومية وهم من غيروا شكل القاهرة. قدمت أكثر من مرحلة عمرية فى الفيلم ما هى أصعب المراحل بالنسبة لك؟ - من أصعب المراحل مرحلة العجز وكبر السن ومرحلة المرض بكل ما تحمله من ألم ومعاناة لأن بها كما كبيرا من الواقعية وكانت صعبة جدا. كيف كانت مشاهدك مع الفنانة دلال عبدالعزيز؟ - أنا من جمهورها وأحد معجبيها وكنت قد تشرفت بالعمل معها من قبل فى مسلسل «كفر عسكر» وهى ممثلة حقيقية جداً وتعطى للفنان أمامها مجالاً وحالة من التمثيل وهذه سمة من سمات الممثل لذلك استمتعت جدا بالعمل معها. قدمت مع «مجدى أحمد على» عصافير النيل، وخلطة فوزية، والفيلمان حصدا العديد من الجوائز فى المهرجانات فهل أنت تميل إلى هذه النوعية من الأفلام؟! - أنا فى الأصل أرفض أن يتم تصنيف الفيلم كفيلم تجارى وفيلم مهرجانات لأن أى فيلم فى العالم هو فيلم تجارى وأى صانع أفلام فى العالم يقوم بتقديم فيلمه ليعرضه على الناس ويحقق مكسباً وفى الفترة الأخيرة ظهرت مصطلحات لا معنى لها «كأفلام المهرجانات، أفلام نظيفة، أفلام لكل أفراد الأسرة»، ففيلم مثل «سهر الليالى» حصلت فيه على جوائز لم أخذها فى معظم أعمالى حيث بلغت 8 جوائز أحسن ممثل ومع ذلك فهو فيلم جماهيرى من الدرجة الأولى وأستطيع أن أضرب على هذا أمثلة كثيرة سواء لأفلام لى أو لغيرى من الفنانين لذلك أنا ضد هذه المصطلحات لأن جملة فيلم مهرجانات قد تستفز المتفرج وتجعله محاطاً بسلسلة من التصورات المسبقة حتى قبل مشاهدة العمل والموضوع أبسط من هذا بكثير. فى معظم أدوارك تركيبة نفسية مختلفة فهل تستهويك هذه النوعية التى تحتاج إلى قدرات تمثيلية؟ - من مكونات الإنسان الطبيعى أن يكون لديه تراث نفسى تراكمى وخريطة نفسية تفرقه وتميزه عن غيره وأنا عندما أنظر لشخصية وأرى ما تحتاجه وما تشعر به فهى تظل حبراً على ورق حتى أعيشها ودور أى ممثل هو إضافة الروح والإحساس إلى الشخصية ويضيف إليها تلك التركيبة النفسية وهذا هو التحدى أمام أى ممثل جديد. ما هى المعايير التى تضعها فى حساباتك عند اختيار أدوارك؟! - المعايير العادية لأى فنان، وهى أن يكون دور جيداً وجذاباً لى ومستفزاً لأدواتى ويدخلنى كممثل إلى أماكن جديدة لم أتطرق إليها من قبل وبالتأكيد أجد صعوبة أحيانا فى هذا بدليل أنى أقدم 10% فقط من الأعمال التى تعرض وبالطبع أتمنى أن تكون هذه النسبة أكبر. فتحى عبدالوهاب فى منطقة مختلفة عن غيره ولا يشبه أحداً ولا يرتبط بقوانين السوق التى تؤكد أن النجم يستهلك نفسه فنيا بقبوله أعمال تليفزيونية، ما تعليقك؟ - وجهة نظرى فى هذا الموضوع بسيطة جدا فمن المستحيل أننى أقدم دوراً ممتعاً للمتفرج فى شكل من أشكال الميديا كالتليفزيون ثم يعاقبنى هو بألا يشاهدنى فى النوع الآخر وهو السينما فكيف يعقل أننى اجتهد وأؤدى دوراً جيداً يسعده فى فيلم ثم يرفض الذهاب لمشاهدته لمجرد أنه شاهدنى فى التليفزيون، المقياس هنا هو الاختيار الجيد لأن الشخصية الجيدة لا يمكن أن تحرق الممثل فى السينما أو فى التليفزيون أو حتى فى الراديو. ما هو تقييمك لتجاربك مع المخرج «مجدى أحمد على» بعد «عصافير النيل»، و«خلطة فوزية» وهل تثق فى كل ما يقدمه؟ - هى تجربة مغرية جدا وممتعة وسعدت بها بكل المقاييس ونحن تخطينا مرحلة الثقة لأن الثقة هنا نابعة من أن «مجدى أحمد على» يحب شخصياته التى يقدمها أكثر مما يحب أصدقاءه من الفنانين ومخلص لشخصياته أكثر من إخلاصه لأى أحد فى الكون ويريد أن يقدمها فى أحسن صورة ممكنة ولن يغامر أبدا لمجاملة أحد ومعنى أنه اختارنى معه لدور ما أنه لم ير أحداً آخر مكانى وبهذا يكون مطمئنا لى كفنان ويجعلنى أجتهد لأكون على مستويهذا الاختيار خاصة لأنه يختار أعمالا ثقيلة وليست هينة بالمرة.؟