استسمحكم أعزائى القراء بأن هذا العدد لن اكتب شطحة كما عودتكم بل واقعة حدثت وربما لازالت تحدث وستحدث وأهديها إلى روحى صاحبتى القصة زينب وكريستين. عرفتهما معا وكنت أعجب وأتعجب من صداقتهما وتواجدهما معا فى كل مكان النادى السينما الجامع الكنيسة!! حتى الصيام فقد كانتا تصومان معا رمضان والعدرا وصيام القيامة!! بل وكانتا كثيرًا ما تتبادلان لبس الصليب أو آية الكرسى وكنا نندهش ولا نعلق وفى يوم وجدناهما قد ارتدتا دلاية تحمل كلمة واحدة يارب، ربما لتتخلصا من كم التساؤلات والاستفسارات. ورغم أنى كنت من المقربات لكلتيهما إلا أننى كنت أعرف أن علاقتهما معا فيها شىء من الخصوصية من الصعب فهمها.. ولا أعرف ما الذى جعلها تحكى لى ما دار بينهما من أسبوع مضى وهى فى شدة الغضب وإن كانت حاولت قدر المستطاع أن تضفى الطابع الكوميدى على روايتها. تصورى.. بعد العمر ده كله بتقولى إنها قلقانة علىّ وخايفة إننا نكون فى الآخرة فى مكانين مختلفين!! وإنى أكيد هأكون فى جهنم وهاتعذب لأنى من دين غير دينها؟!.. بعد العمر ده كله بتطلب منى أغير دينى؟؟ واندهشت ولم أجرؤ على سؤالها هل ما تقوله جد أم هزل كعادتها.. إلا أن الانفعال الذى كانت تتكلم به لا يدل على أى هزل.. ولم أنطق بل انتظرت لتكمل قصتها وإن كانت نبرة صوتها باتت أهدأ. وطبعاً ماقدرتش أقولها أنها مجنونة ولا حتى قلت وليه ماتغيريش أنت دينك؟! ثم نظرت إلىّ وبمنتهى الجدية: أصلى بصراحة لا أشعر بأى سعادة أو فخر لو أضيف لمن يتبع دينى شخص أو ألف. وبصوت كله عتاب وحزن.. إلا أنه وللأسف تكرارها للموضوع جعلنا نخوض مناقشات عقيمة وسخيفة. وقتلنى فضولى لأعرف كيف تخلصت من هذه المشكلة خاصة والصداقة الحميمة التى تربط بينهما من سنين.. وكأنها كانت تقرأ ما يدور بداخلى وسرعان ما أكملت قصتها. وبصراحة سألتها هو أنتم عندكم صيام وصلاة ودفع فلوس للغلابة؟؟ وجاء ردها طبعا عندنا.. وسألتها مرة تانية.. طيب هو أنا ممكن أزنى أسرق أغش أكدب ولا عقاب ولا وجع دماغ؟! وفوجئت بها وقد تجهم وجهها متهمة إياى بالعبط والبله مضيفة أن كل هذه الأشياء لها عقاب أليم. فقلت لها طيب أغير ليه بقى ما اللى عندك عندى وبعدين من إمتى وإحنا بنهتم بدينك ودينى!! ماتخلى الموضوع ده لما نبقى فوق.. وسكتت.. وهززت رأسى وسألتها طيب ووصلتم لإيه فى الآخر. وابتسمت ابتسامة عريضة كنت قد افتقدتها من أول حديثها.. أبدا قررنا نزور السيدة زينب ودير الأنبا بيشوى بس بعد مانعدى نجيب الزعف!! تذكرت هذا ونحن نقف أمام جثتيهما بعد الحادثة المروعة التى لحقت بهما فى طريق العودة.. وهاهما الشيخ والقسيس قد وقفا ليصليا عليهما معا بعد أن عجز الأهل عن تحديد ملامح أى واحدة منهما فاللهم ارحمهما معا.