نأكل إيه النهاردة؟ سؤال يومى أسأله وتسأله كل زوجة لزوجها فى الصباح حتى لا ينتهى موعد الغداء إلى خناقة. غالبا ما يجيب زوجى وكل الأزواج «أى حاجة» حتى لا يفوت الغضب اليومى الذى يجدد الحب! المهم أقرر طبخ لحمة لأننى أحبها أنا وزوجى، فأفاجأ - على طريقة مفاجأة الحكومة أن هناك مدينة وقرية ومطارا ومصنعا قد انشئوا على منحدرات السيول - أنه قد تم ضبط 47 طنا من اللحوم الأثيوبية فى محافظة الجيزة - حيث أسكن - قد تم تهريبها إلى الأسواق، لا تحمل شهادة الإفراج الجمركى لأن التهريب قد تم قبل الكشف الجمركى عليها من قبل المعامل التابعة لوزارة الصحة والطب البيطرى والصادرات والواردات، وطارت بعد أن لبست طقية الإخفاء إلى ثلاجة المستورد ثم تسربت إلى الفنادق والمطاعم الشهيرة، وأحمد الله أن زوجى يرفض رفضا تاما أن نتناول الطعام أو حتى مرورنا أمام الأماكن الشهيرة وأننى أخيراً اكتشفت مدى حكمته التى تعنى أنه تقدم فى السن دون أن يدرى! بلاش لحمة دى حتى الأولاد لا يحبونها.. نعمل صنية فراخ فى الفرن والحمد لله، الحكومة ذبحت معظم الدواجن المصرية خوفا من أنفلونزا الطيور ونصحتنا ألا نأكل سوى الدواجن المجمدة.. ولكنى - من غير مفاجأة هذه المرة - اقرأ أنه قد تم إعدام خمسة أطنان دواجن فاسدة قام أصحاب الثلاجات بإعادة تعبئتها وطبع بيانات غير صحيحة عليها. خلينا فى الفراخ المصرية المجمدة.. ولكن واحد صحفى غلس كتب فى الصفحة الأولى أن هيئة الرقابة على الواردات قد سمحت بدخول أعلاف دواجن مستوردة عبارة عن مخلفات وزبالة المجازر فى الخارج! مفيش غير السمك.. بس نبعد عن السمك اللى أصيب بكومة سكر فى ترعة المريوطية لأن شركة السكر تصرف مخلفاتها فيها، ونشترى «سمك» من خارج القاهرة أضمن.. لكن أهالى منطقة الدخيلة قد سبقونى وجمعوا 50 جنيها من كل بيت لتركيب مواسير صرف أهلى لأن مشروع الحكومة لم يكتمل، والمشروع الأهلى لم يعمل برضه وغرقوا فى مياه الصرف فحفروا فتحات على الترعة لتمتلئ بالصرف الصحى إضافة إلى الحيوانات النافقة والقمامة.. والغريب أن قرى أخرى فى محافظات أخرى قلدت الدخيلة وألقت ببقاياها «الصحية» فى الترع ومنها تسربت إلى البحيرات، والمصانع ماكدبتش خبر وألقت بمخلفاتها الصناعية فى الترع والبحيرات ووصلت إلى البحر. المهم الدكتور حسين منصور رئيس مشروع سلامة الغذاء قرر أن يقضى هو الآخر على أكلة السمك حين صرح أن إلقاء مخلفات الصرف الصحى أو الصناعى فى المجارى المائية سوف تصيب الإنسان المصرى بالغباء والتبلد الفكرى أو التناحة، وقد لاحظت أعراض التناحة فعلا على ابنى الذى يحب السمك كلما سألته عن نتيجة الامتحانات ينظر إلى ويتنح ويغلق الباب على نفسه، ويبدو أن أعراض الغباء والتبلد الفكرى قد أثرت على نتجية الامتحانات التى أسأل عنها. بالمناسبة رئيس مشروع سلامة الغذاء كان يتحدث عن مياه الشرب وأضاف حكاية التناحة إلى أمراض الكبد والكلى ونقص المناعة والحساسية، وبالمناسبة كلما ذهبنا إلى أى طبيب ولم يجد مرضا معروفا يصرخ فى وجوهنا «حساسية». قلت لنفسى نوفر فلوس اللحمة والفراخ والسمك ونطبخ خضار «اوردحى» لكن يافرحة ما تمت، فبعد أن لاحظ زوجى كبر حجم الخضار والفاكهة كان يلعن الهندسة الوراثية اللى خلت الحاجة من غير طعم.. إلى أن اكتشفنا براءة الهندسة الوراثية حين شاهدنا على التليفزيون الفلاحين فى منطقة بين المعادى وحلوان وفى أيديهم خيار عملاق وأكدوا أن السر فى الرى بمياه المجارى.. بعدها اكتشفنا أن هذا يحدث فى محافظات كثيرة وخرج علينا وزير الزراعة فى تليفزيون الحكومة قائلاً «لا ننكر وجود فواكه وخضروات فاسدة».. بعد هذا التصريح رفض أولادى أكل الخضروات والفاكهة واتجهوا إلى المكرونة. شعرت بصداع واقترب موعد الغداء فقلت خليها «عيش وملح» وبدأت أغنى «والعيش والملح وعشرتنا.. ماتهونش علينا محبتنا» وسخنت العيش وخلطت الملح بالفلفل والكمون ووضعت لكل فرد رغيف عيش وطبق ملح. صرخ زوجى: ياشيخة حرام عليكى.. أنت عايزة تموتينا! ظننت أنه يعترض على تقشف الطعام ويتهمنى بالكسل وقبل أن أدافع عن نفسى.. صرخ مرة أخرى أنت مابتقريش جرايد ومابتشوفيش تليفزيون.. القمح مسرطن وفاسد ده الساحات المخصصة لتشوين القمح موجودة إلى جوار أرصفة المواد التى تدخل فى صناعة الأسمنت بالإضافة إلى الفحم وخردة الحديد. والملح مأخوذ من ملاحات بحيرة تصل إليها مياه الصرف الصحى والصرف الزراعى والصرف الصناعى وبالتالى يتلوث بالعناصر الثقيلة مثل الرصاص والنحاس والزئبق والزرنيخ. زرنيخ.. لا لا.. بلاش نأكل.