لازلنا نحتفل هذه الأيام بعيد ميلاد مجلتنا العزيزة صباح الخير والتي شهدت محطات مهمة وأخري ليست جديرة حتي بالذكر. كتبت في الأسبوع الماضي عن أستاذي حسن فؤاد وذكرت فضل رءوف توفيق و لويس جريس علي إلا أنني لم أذكر أستاذاً هو محطة رئيسية في حياتي لم أتعمد عدم ذكره إلا أننا جميعاً مصابون بالزهايمر الذي ضرب ذاكرتنا مبكراً. أستاذي مفيد فوزي لم أذكره ربما لأني ذكرت فضله علي مسبقاً ومع ذلك فإنني أكرر أن عصره كان مميزاً في تاريخ مجلتنا، حيث كان القراء يسألوننا دائماً: هل أنتم من مجلة مفيد فوزي فكنا نجيب بنعم وبفخر شديد، حيث كان أستاذ مفيد شعلة من النشاط المعدي والذي كان يسري في أرجاء المجلة مكاناً وأشخاصاً، كان برنامج غداً تقول الصحافة من البرامج الأسبوعية التي كان ينتظرها المشاهد من أسبوع إلي آخر وذلك عندما كان يقدمه أستاذ مفيد. وعندما أكتب عن الأساتذة أذكر الفنان الجميل حجازي الرسام الذي تعلمنا منه الدأب والذي كنت أفتقده وأنا صغيرة إلا أن رسوماته التي كانت تزخر بالتفاصيل التي تستغرق وقتاً كبيراً في صنعها كانت نموذجاً لفن صناعة رسماية صغيرة جداً في وقت طويل، كان الفنان حجازي أول من يصل إلي المكتب حيث اعتاد أن يبدأ يومه في الخامسة صباحاً، يعشق الاستيقاظ والناس نيام، ثم يبدأ عمله في السادسة ولمدة ساعتين حتي الثامنة ثم يعود إلي منزله، رسم الفنان حجازي عن جميع العوالم التي تحيط بنا: أحداث سياسية، اجتماعية، فنية، قدم أعدادا كبيرة من الكاريكاتير الذي يناقش قضايانا المهمة والتي نعاني منها حتي الآن: الأمية، الفقر، الانشقاق العربي، البطالة، كانت خطوطه لاتخطئها العين له وجه سيدة مستديرة الرأس وعيون كبيرة وابتسامة راضية رمزاً لمصر، كان اللصوص لديهم ملبس خاص أصبح فيما بعد رمزاً لهم. حجازي كان أستاذاً من نوع خاص فعندما تجلس معه لا تشعر مطلقاً أنه يملك ذخيرة من المعلومات العامة لاحصر لها فقط بل ويملك آراء في جميع الموضوعات والقضايا المحيطة بنا، كان يؤمن مسَّاه الله بكل خير أنه خلق ليرسم فقط لا لأن يتكلم أو يفرض رأيه علي أحد، حجازي وحتي هذه الأيام يدفع ثمن اختياره بأن يعيش وحيداً، لم يؤمن بفكرة الزواج، فإنه كائن يعشق الحرية وهذه هي أعلي قيمة في حياته اختارها منذ البداية ولم يندم عليها مطلقاً، لذلك فإنه عاد منذ سنوات إلي مسقط رأسه طنطا ويعيش هناك في هدوء شديد، توقف عن رسم الكاريكاتير لسببين الأول ليعطي مساحة للشباب الجدد أما السبب الثاني وكما يقول فلأنه قد رسم رأيه في كل شيء وليس لديه ما هو جديد. -آخر حركة - حجازي لايتكلم كثيراً وإنما يستمع لجميع من قابلوه، لذلك فإنه بئر أسرارنا.