آلو... أهلا إزيك وحشتينى أوى.. بتقولى إيه؟ عزومة... مين هايبقى موجود هناك.. وانتظرت لأسمع الاسم الذى تمنيت أن تنطقه..!! وها هى تنطق به وتخبرنى بحضوره وانتهت المكالمة... وعدت بذاكرتى للوراء أيام الجامعة... ولقاءاتى معه وحواراتنا التى تنتهى لتبدأ وتلك النظرة المشعة بالحب واللمسة التى كنا نختلق الفرص لنحصل عليها.. وتلك القبلة السريعة والمخطوفة والتى ظل مذاقها عالقا فى ذاكرتى! ولم أحاول أن أتذكر لم افترقنا وكيف تحملنا أن يمضى كل منا فى طريقه فما حدث قد حدث! وها هى السنوات تمر... وسنلتقى على العشاء ودارت برأسى عشرات الأسئلة.. هل سيتذكرنى.. هل أتعبه البعد كما أتعبنى.. هل تزوج وأنجب.. هل حكى لزوجته علىّ..؟! واندهشت لكل هذه الأسئلة التى قفزت إلى ذهنى وتذكرت حالى.. فأنا تزوجت وأنجبت ولم أذكره أمام زوجى فلماذا يفعل هو؟! ولم أتوقف عن هذه النقطة بل توجهت للميزان لأعرف وزنى وتطلعت للمرآة.. ياه لم ألحظ أننى تغيرت لهذا الحد وأن الحمل والولادة والزمن قد أضافوا كل تلك الخطوط تلك كلها على وجهى.... وقد يكون من الصعب محوها إلا أن هذا لم يهبط من عزيمتى وحسبت الأيام.... إنهما أسبوعان وهى مدة كافية جدا لإنقاص وزنى وعمل ماسكات للبشرة.. وعلى الفور وضعت جدولا زمنيا صارما لمحاولة استرجاع شكلى الذى عرفنى به...!!وفتحت دولابى لأتفحص ملابسى واستبعدت اللون الأبيض لأنه يزيد الوزن.. والموف أيضا لأنه لايحبه.. والفوشيه والأسود من المؤكد خارج المناقشه فلا أحب أن يذكرنى باللون الحزين فليكن الأزرق، فقد كان يعشق هذا اللون ولامانع من ارتداء عقد لولى ليتنى لم أتخلص من العقد الذى أهداه لى.. وتذكرت أننى تركته فى دولابى بمنزل العائلة سأمر لآخذه ... وتخيلت شكلى وأنا أرتدى الفستان الأزرق والعقد اللولى وشعرت بارتياح شديد. وبدأ طوفان من الأسئلة يقفز إلى رأسى هل سيبدأ هو بالسلام أم سأبدأ أنا؟! هل سيطلب رقم تليفونى أم سيحرج وسينتظر منى أن أقوم بالمبادرة أم ربما سيتجاهل كل منا الآخر؟! وأزعجتنى هذه الفكرة وطردتها من رأسى تماما وقررت أن أترك الأمور تسير بلا تدخل منى ولأنتظر ماذا سيحدث.ومر أسبوع وقد بدأ وزنى فى النزول وعادت النضارة لوجهى ولمعت عيناى وكأنى ابنة العشرين.. ولم يلحظ أحد هذا التغيير ولا حتى زوجى.. أما الصديقات المقربات فقد لحظن ذلك.. وكثيرا ما لمحت تلك النظرة الخبيثة مع نصف ابتسامة خاصة أن منهن مدعوات.. لأنه لقاء للدفعة فقط (يعنى ممنوع اصطحاب الزوجات أو الأزواج إلا إذا كانوا من الدفعة). وجاء يوم الحفل وذهبت للكوافير وعدت للمنزل وأنا أسمع دقات قلبى حتى خِلْتُ أن كل من حولى سيتساءلون بعد قليل عن مصدر تلك الدقات غير المنتظمة وبيدين مرتعشتين أخرجت الفستان وبدأت فى وضع الماكياج.. وأكاد أشعر أن سخونة جسدى قد أفسدت شعرى وماكياجى وأخيرا انتهيت من الماكياج ومن ارتدائى للفستان والحذاء وضعت عقد اللولى وتطلعت إلى نفسى بالمرآة وأحسست بالزهو والرضا وعلى الفور وضعت ابتسامة على وجهى وتنفست الصعداء. لقد اقترب اللقاء وتوجهت لباب الشقة... ملقية التحية على زوجى والأولاد بعد أن أخبرته أننى لن أتأخر .. وجاء رده ناعما لا تنزعجى استمتعى بوقتك فأنا أعرف تلك اللقاءات، وهززت رأسى مبتسمة متمتمة داخلى أنك تعرف اللقاءات لكنك لا تعرف ما يدور بداخلى. وأدرت السيارة وانطلقت ووصلت إلى منزل صديقتنا صاحبة الدعوة ونظرت على نفسى النظرة الأخيرة فى مرآة السيارة وأخرجت قلم الروج وزجاجة البرفان وأضفت آخر لمساتى. إلا أننى وبدون مقدمات أرتعش وخاف شىء داخلى..!! وعلى الفور أدرت السيارة لأعود لمنزلى مرددة جرح وأغلق فلنتركه مغلقا ولا داعى للمجازفة وابتسمت مرة أخرى..