ترددت كثيرا قبل أن أبدأ الكتابة.. ترددى يرجع إلى أن ما أنوى مناقشته اليوم ربما لا يهم القارئ.. فما ذنب حضرتك بكل ما تحمله من مشاكل تكفيك وزيادة.. أن أضيف إليها بعض مشاكلنا نحن الصحفيين.. حسمت أمرى فى النهاية.. بأنهم ضربوا الأعور على عينه قال خسرانه.. فإذا كان لديك تلاتين أربعين مشكلة فى حياتك فإن أصبحت واحدا وثلاثين لن تفرق معك كثيرا.. لكن ربما تجعلك تتحمس لحقك فى الحصول على صحافة لاتبغى سوى رضاء سيادتك ومصلحتك كقارئ فى المقام الأول. أكتب هذه السطور صباح السبت.. وغدا ستجرى الانتخابات فى نقابة الصحفيين على منصب النقيب.. السباق فى صورته النهائية تحدد بين اثنين الأستاذ مكرم محمد أحمد النقيب الحالى.. والأستاذ ضياء رشوان المرشح لمنصب النقيب. يجىء هذا فى الوقت الذى لم يعد يخفى فيه على أحد مدى التدنى فى رواتب الصحفيين، هذا التدنى الذى دفع البعض منا إلى العمل فى أكثر من جهة، وإلى قبول العمل كمستشارين إعلاميين للسادة الوزراء أو للعمل كمندوبين لبعض الوزارات فى صحفهم أو للعمل على جلب الإعلانات.. وكلها فى النهاية مظاهر مسيئة للمهنة وتقلل من مصداقية الصحفى أمام قرائه. وهى على أى حال بلاوى ابتليت بها الصحافة نتيجة لتدنى الرواتب.. وهى أمور تدعو للاكتئاب.. لكن للأمانة ما يزيد حالة الاكتئاب لدى الغالبية العظمى منا.. ما يحدث لنا كل سنتين عندما يحين موعد انتخابات النقيب، ففى هذا التوقيت بالذات نفاجأ كل مرة بمرشح استطاع بقدرة قادر (بحكم أنه واصل أو مسنود) أن ينتزع للصحفيين كام جنيه من جيب الحكومة (اسمها الصحيح رشوة انتخابية) لكن المرشح يسميها بدل.. ولسنوات طويلة استقر الأمر على هذا الحال، مرشح الحكومة يجيب البدل فينجح.. إلى أن كسر الأستاذ جلال عارف هذه القاعدة ونجح بدون رشوة فى عام 2003. ولكن على أية حال القاعدة السائدة هى أنه مادامت هناك انتخابات يعنى هناك رشوة.. يعنى هناك عشرة عشرين ستين جنيه سيحصل عليها الصحفى فى مقابل انتخاب، فلان أو علان.. ورغم أن هناك مشروعاً جاهزاً تقدم به الزميل جلال عارف لتحسين أجور الصحفيين من خلال آلية منظمة تعفيهم من مذلة انتظار الرشوة أو غيرها من المذلات التى يتعرض لها الصحفى.. إلا أن هذا المشروع مازال حبيس الأدراج.. والسبب يمكن معرفته بسهولة، وهو أن تظل لقمة عيش الصحفى فى يد الحكومة تمدها وقتما تشاء وتمنعها عمن لا تريده..!! أعرف أن هذه السطور لن ترى النور إلا بعد إعلان نتيجة الانتخابات، ولكن أرجو أن نعتبرها مساحة للفضفضة عن بعض ما يعانيه الصحفى فى بلدنا. وبالرغم من أنى لست من جيل الشباب.. إلا أنى أومن بشدة بحق الشباب فى تولى أمور نقابتهم.. بنفس الدرجة من إيمانى بضرورة التغيير وضرورة ضخ دماء جديدة.. قبل أن تتكلس عظامنا ونموت مللا. وهذا أحد الأسباب التى تدفعنى لعدم انتخاب الأستاذ مكرم نقيبا للصحفيين.. وانتخاب ضياء رشوان رغم تكاتف الجميع ضده.. وهذا حقهم فى الاختيار بالطبع.. ولكنها معركة غير متكافئة للأسف.. فإن نفاجأ على صدر الصفحة الأولى بأحدى الجرائد (السبت 5/12) بثلاث دعايات انتخابية للأستاذ مكرم.. أولاها: أن النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود يؤكد فى إطار الحرص على الممارسة الصحفية وتمكين الصحفيين من أداء دورهم أنه اتفق مع الأستاذ مكرم (مرشح) على أن تتم محاسبة الصحفى المتهم فى قضايا نشر داخل النقابة بدلا من إحالته للجنايات أو الجنح!!، دون أن يعلمنا سيادة النائب العام ما إذا كانت القوانين المعمول بها فى الدولة تم تغييرها أو أنه تم إسقاط المواد التى تقضى بحبس الصحفى فى قضايا النشر.. والتى نعلم أنها مازالت موجودة بالطبع، رغم أن البرنامج الانتخابى فى المدة الأولى للأستاذ مكرم كان أهم بنوده العمل على إلغاء هذه القوانين الحابسة.. وهو ما لم يحدث بالطبع. والثانية: خبر فى نفس الصفحة كان لوزارة الإسكان التى يبدو أنها أبت إلا أن تشارك فى المولد المقام.. فقد أعلن المهندس أحمد المغربى وزير الإسكان أنه استجابة لمطالب الأستاذ مكرم ستقدم الوزارة دعمها لإنشاء مدينة سكنية للصحفيين بأسعار تقل عن مثيلاتها.. شايفين الكرم.. يجاور خبر وزارة الإسكان.. خبر آخر أكد فيه الدكتور يوسف بطرس غالى وزير المالية أنه استجاب لمطالب الأستاذ مكرم وقام بحل المشاكل التأمينية للصحفيين فى جريدة الشعب، بعدما تبينت الوزارة أن العلاقة لم تنقطع بين الجريدة والعاملين بها، بالرغم من توقف الجريدة عن الصدور.. حكمتك يا رب.. المشكلة عمرها سنتان وصحفيو جريدة الشعب معتصمون فى النقابة من ستة أشهر، والأستاذ مكرم أعطاهم الطرشة.. إلا أن مشكلتهم اتضح أنها لا مشكلة قبل الانتخابات بيوم..!! غدا.. سأنتخب ضياء رشوان.. ورهانى هنا على وعى الصحفيين وآمالى أن يرتفعوا بأنفسهم كى لا يظلوا سلعة تباع وتشترى فى كل موسم انتخابى.. وإن كان الشك يملؤنى لاعترافى أن ضغوط الحياة فى بلدنا أكبر من قدرة معظم الصحفيين خاصة الشباب منهم. ساعة قراءة هذه السطور ستكون النتيجة معروفة.. ولك أن تفرح لنا فى سرك أو تأسف علينا فى سرك برضه.. ومين عارف.. ربنا كبير يمكن...