حينما أتأمل عالم النساء لا أشعر بأية غرابة فيما تحكين، أنت من النوع الذى يبيع رفيقه فى الحياة عند أول ناصية، حتى لو أشعل أصابعه العشرة من أجل أن تستمتعى بحياتك، لكن ليس كل النساء مثلك، بل الحقيقة أن كل امرأة هى تجربة وحالة فريدة قد لا تتكرر. نورهان نموذج غريب من النساء، وقعت فى الحب من أول نظرة مع أكرم زميلها فى كلية التجارة، عاشا معا أحلى سنوات العمر، وتوجاها بخطوبة فى السنة النهائية وزواج بعد إعلان النتيجة مباشرة قبل أن يعمل الاثنان فى شركة ألمانية فى مصر. عاشا معا عامين فى بيت الزوجية حياة كلها سعادة، اكتملت بوصول هنادى ابنتهما الأولى، وفجأة بدأ أكرم فى التغير، لم يعد مهتما بالعودة إلى البيت، لا يشغله كثيرا أن نورهان غيرت لون شعرها أو طريقة تصفيفه، حتى ابنتهما هنادى التى كان يعود ملهوفا ليلعب معها أصبحت تمر أيام دون أن يسأل عنها أو يراها. قالت نورهان لنفسها: ربما هذا التغيير راجع إلى أننى لم أستعد رشاقتى بعد الحمل والولادة.. أو ربما لم يعتد أكرم على فكرة أنه أصبح أبا.. لكن الأيام كفيلة بعودته إلى حب العمر كله! هكذا حسبت نورهان الأمر ولم تعتقد أن أكرم قد تغير بشكل مختلف وأن فى حياته امرأة أخرى، لكنها أفاقت على الحقيقة المرة بعد ذلك، حين عاد أكرم إلى البيت وقال لها بمنتهى الصراحة ودون ذرة ندم: أنت تعرفين سيلفيا زميلتنا الألمانية التى تعمل معنا؟ قالت نورهان: نعم أعرفها ماذا حدث لها؟! رد أكرم بحدة: سنسافر أنا وهى إلى ألمانيا وسنتزوج ونعيش هناك. لم تدر نورهان ما حدث بعد ذلك لكنها أفاقت على سريرها وأمها بجوارها فقد اتصل أكرم بها وطلب منها الحضور لأن نورهان مغمى عليها ثم تركها وذهب. أخذت نورهان تحكى لأمها بدموعها كيف ضاع حب العمر كله، كيف خطفته زميلتها الألمانية.. لكنها لم تسمع كلمات أمها وهى تطلب منها نسيانه.. فما كان بينهما ليس حبا، ومن باع زوجته وابنته من أجل الهجرة لا يستحق دمعة واحدة على فراقه.. لكن عقل نورهان لم يكن معها. إنها لم تعرف فى حياتها سوى أكرم، كل الشوارع سارت فيها معه، أيام الدراسة حافلة بالذكريات.. فى هذا المكان كنا نجلس.. وهنا قال لى أول مرة إنه يحبنى.. وهنا طلب منى الزواج.. وهناك أخبرته أننى حامل.. كيف يمكن ان أبيع كل هذه الذكريات. سارعت نورهان ورفعت سماعة التليفون واتصلت بأكرم فى منزل والده وقالت بصوت ملهوف: أكرم كل حاجة ممكن تتصلح.. فرد عليها بصوت جامد: لو سمحتِ لا تتصلى بهذا الرقم مرة أخرى!