جاءت كلينتون.. ذهبت كلينتون.. والنتيجة "الحصول على نصف الرغيف أفضل من لا شىء"! فى كل مرة تأتى هيلارى كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية ومبعوث عملية السلام جورج ميتشل إلى المنطقة يتوقع الفلسطينيون أن الفرج قد جاء، وأن الإدارة الأمريكية التى أكد رئيسها أن إقامة دولة فلسطينية مستقلة خلال 42 شهرا "مصلحة أمريكية عليا" تستطيع أن تفرض ضغوطها على إسرائيل وتجبرها على الجلوس إلى مائدة مفاوضات مع السلطة الفلسطينية. ولكن الفلسطينيين ومن ورائهم العرب اكتشفوا مبكرا أن العكس هو ما حدث، وأن الحكومة اليمينية التى انتخبت على أساس برنامج يرفض السلام كما يفهمه العالم هى التى مارست الضغوط على الإدارة الأمريكية من خلال نجاح اللوبى اليهودى فى تجنيد أعضاء الكونجرس ضد موقف الإدارة الأمريكية المطالب بوقف البناء الاستيطانى، حيث هددوا بعدم تحرير البرنامج الصحى الذى يعتمد عليه أوباما لزيادة شعبيته. وقد نجحت الضغوط وتغيرت لهجة أوباما وإدارته ومطالبه من الإيقاف الكامل للاستيطان إلى الإيقاف الجزئى إلى الإيقاف المؤقت بعدة شهور، حتى وصل الأمرإلى الضغط على السلطة الفلسطينية لتقبل "نصف الرغيف أفضل من لا شىء" ولا أحد يعرف ماذا يساوى نصف الرغيف؟! وهل يساوى نصف الضفة بدون القدس؟! وإن كنت أرى أن حكومة نتاتياهو لن توافق حتى على نصف الرغيف. ويحسب للسلطة الفلسطينية إصرارها على شرط وقف الاستيطان بما فى ذلك النمو الطبيعى للمستوطنات تنفيذا لالتزامات خارطة الطريق، وأن ذلك لا يشكل شروطاً جديدة كما يدعى نتاتياهو وتوافقه على الملأ هيلارى كلينتون. والحقيقة أن السلطة الفلسطينية وعلى رأسها محمود عباس تواجه ظروفا سياسية لا تحسد عليها، فهى ترغب فى الفوز فى الانتخابات التى حددتها فى 42 يناير القادم مما يلزمها عدم تقديم أى تنازلات فى المفاوضات لإرضاء الشعب الفلسطينى وفى نفس الوقت مطالبة بالتنازلات لإرضاء الإدارة الأمريكية ولإرضاء بعض العرب الذين يرغبون فى إنهاء القضية الفلسطينية بأى شكل، والخوف أن تلعب السلطة لعبة سياسية فتقبل بمطالب الشعب الفلسطينى وثوابته حول قضايا الحدود والقدس واللاجئين والسيادة والماء، ثم تنسى كل ذلك بعد الفوز وتعود إلى المباحثات مرة أخرى متعللة بالضغوط الأمريكية والعربية والأمر الواقع.