القدس هى قلب القضية الفلسطينية.. واستيلاء إسرائيل على القدس ينهى الصراع بانتصار مدو لأساطير الصهيونية.. ووقتها ستظل القدس أسيرة حتى يأتى جيل آخر قادر على تحريرها وعودتها منارة للإسلام والعروبة. وإسرائيل منذ نشأتها وعينها على القدس، لم تخف أبداً هدفها الساعى إلى إعلان القدس كلها "غربية وشرقية" عاصمة إسرائيل الأبدية. وقد كان العالم يقدر موقفنا من القدس ويرفض إقامة سفارات بها، حتى شعر بتراجعنا وتنازلنا عن الثوابت التاريخية فبدأ فى الاعتراف الرسمى والدبلوماسى بالقدس كعاصمة لإسرائيل. وعلى عكس التراجع العربى الرسمى عن حماية القدس، وجعلها لب المشكلة من خلال وضعها فى أولويات المباحثات والإصرار على استردادها وحمايتها، يأتى التماسك الشعبى الرائع من المقدسيين الذين يعانون يومياً وبشكل مباشر من مواجهة الاحتلال وجيش الاحتلال. ولعلها فرصة أن نقدم اعتذاراً تاريخياً للفلسطينيين من "أهل 84" الذين تمسكوا بالبقاء فى بيوتهم ومدنهم، وقبلوا أن يخضعوا لسطوة الدولة الإسرائيلية، بدلاً من الهجرة منها.. حيث كان البعض يرى فى بقائهم خيانة للقضية، وقد ثبت العكس فوجودهم يحمى المدينة بأجسادهم التى لا يمتلكون غيرها. وخطة تهويد القدس معروفة للجميع، ومعلنة دون مواراة، فالمستعمرات الإسرائيلية التى تحيط بالقدس وتقطع أوصالها لم تتوقف أى حكومة إسرائيلية عن بنائها، وقد أصر نتانياهو على استثناء القدس من أى وقف للبناء، ويستكمل الآن بناء عشر مستعمرات كبرى على الأرض المنزوعة ملكيتها من المقدسيين، بالإضافة إلى 9 متنزهات تأخذ الطابع اليهودى لإثبات الحق التاريخى فى أرض القدس. والبناء فى القدس يقتضى الاستيلاء على الأرض بنزع ملكيتها من المقدسيين، ومن ثم طردهم وإحلال الإسرائيليين مكانهم، وقد تم بالفعل إبعاد 021 ألف فلسطينى من القدس واستقدام 091 ألف إسرائيلى إلى المدينة المقدسة، هذا بالإضافة إلى الحفريات الخطيرة أسفل المسجد الأقصى للبحث عن هيكل سليمان المزعوم والتى تهدد بتقويض المسجد وهدمه. إن أهل القدس المرابطين يتعرضون لكل أنواع القهر، ويواجهون أسلحة الجيش الإسرائيلى وقنابله بأجسادهم لحماية مدينتهم، يحتاجون إلى أكثر من مظاهرات الغضب.. إنهم يحتاجون إلى الأموال التى تمكنهم من مواجهة القضايا الإسرائيلية التى تنتهى بنزع ملكيتهم لبيوتهم لأنهم لا يقدرون على دفع مصروفات المحامين، ويحتاجون إلى تحرك سياسى عربى وإسلامى يساند حقهم التاريخى ويحتاجون وأكثر من أى شىء الإصرار على عروبة القدس وعدم التنازل عن قضيتها تحت أى ضغوط.