لقد تغير الزمن بدرجة مخيفة، تغير إلى درجة الشك بالرجولة، فعندما يصل الأمر إلى التلاعب بمشاعر وسمعة الفتيات من أجل أغراض دنيئة.. فهذا أمر يثير الخوف مما وصل إليه المجتمع. ببساطة رغم أن الأمر ليس بسيطاً على الإطلاق، هناك بعض الشباب رغم أنه لا يجوز تلقيبهم أو وصفهم بالرجال.. يلجأون إلى حيلة رخيصة للإيقاع بالفتيات فى فخ العلاقة العاطفية ثم التنصل منها.. يوقعون بهن باسم الزواج والحب والإجراءات الرسمية لإثبات حسن النوايا ثم استغلالهن فى علاقة كاملة تحت مسمى أنها ستكون زوجة المستقبل وأنه سيكون زوج المستقبل، وبعد نيل هذا الغرض الدنىء يتم الانسحاب من العلاقة والبحث عن فريسة أخرى يتم اصطيادها. هذا ما حدث مع بنات كثيرات.. ورغم غيظى الشديد من هذا النوع والنمط المتزايد من انهيار القيم وانهيار معانى الرجولة واستغلال كلمة زواج كقيمة وكفضيلة إنسانية فى خداع شخص آخر، إلا أن هذا كله ليس مجال انتقادى الآن، فما يعنينى حقاً هو أن أتحدث عن الفتيات اللائى يقعن فى هذا الفخ اللعين، فقد لاحظت أن هناك بعض القواسم المشتركة بين هؤلاء الفتيات. الفراغ والاحتياج للحب وللعاطفة وللونس أحياناً، وهذا ما انطبق تماماً على قصة "غادة".. التى شعرت باهتمام زميلها فى العمل، ومحاولته للتقرب الدائم منها، ولأنها مقتنعة بالحدود بين الزملاء فلم يجد الشاب وسيلة سوى أنه تقدم لخطبتها، وبالفعل قابل الأسرة وتم تحديد موعد للخطوبة، ولأن غادة تنتمى إلى فئة "الطيبات" عديمات الخبرة، فكان من السهل خداعها باسم الحب، بالإضافة إلى ظروفها العائلية القاسية التى أشعرها أنها فى حالة حرمان عاطفى، لذلك شعرت بالاستلاب عندما أخذ ذلك الخطيب الوهمى المخادع يضغط على عواطفها.. فآمنت له وكانت النتيجة أنها تعرضت للأذى النفسى والانهيار عندما قال لها: "آسف.. إحنا ماننفعش لبعض". وانسحب من العلاقة وتركها وهى شاعرة بأنها ضحت بعواطفها، ووقعت فى فخ خداعه لها. المشكلة ليست فقط تغير معنى الرجولة وممارسة الاستغلال والابتزاز العاطفى، لكن المشكلة الأكبر هى أن الفتاة فى مجتمعنا تتربى بمنطق "المفعول به"، لا تستطيع أن تتخذ القرارات، لا تستطيع ولم تتعلم أن تكون الفاعلة، تربت بمنطق التخاذل والطاعة العمياء التى لاتؤهلها إلى قوة "الرفض"، ولا تؤهلها لقدرتها على فهم وتقييم الشخص الذى ترتبط به. كثيرات من الفتيات يحرمن من الحب فى حياتهن خاصة فى الحياة العائلية يحرمن من عطف وحنان الأب الذى يمارس عليها دوراً سلطوياً قاسياً، فتبحث عن الحنان فى مكان آخر ومع شخص آخر، لذلك تقع فى شباك أى صياد ومقتنص يقول لها كلاماً معسولاً ويظهر لها مشاعر حب وود حتى وإن كانت وهمية ومزيفة. للأسف.. أغلب البنات فى مجتمعنا لم يتعلمن معنى الحب الحقيقى.. الحب المتوازن، الحب الذى لا يكلفها فاتورة- هى وحدها التى تدفع ثمنها- وعلى الخط المتوازى الآخر، فإن المجتمع لم يرب الصبى أو الولد أنه غير شريف.. إن لم يتعلم معنى صيانة وحماية من يحبها- مجتمع لم يعلم الولد أن عليه دفع نفس ضريبة الخطأ.. لأنه أحد أطراف ارتكاب ذلك الخطأ، مجتمع للأسف يبارك الخطأ للشاب ويعلق المشانق للفتاة إذا كانا شريكين فى نفس الخطأ، مجتمع علَّم الفتاة أنها مذنبة حتى وإن كانت هى الضحية، ومجتمع يصفق للشاب إذا كان هو الجانى ويصفه "بالدونجوان" أو "بالولد الشقى"!! عفواً.. إنها لعنة.. إذا كان المجتمع يفرق بين القيم وبعضها، يبيح الخطأ لبعض ناسه ويعدم بعض ناسه إذا ارتكبوا نفس الخطأ. احموا بناتكم.. احموهن بالحب.. علموهن الثقة والقدرة على فهم الناس وفهم أنفسهن، علموا بناتكم معنى الحب، مسئوليته.. علموهن كلمة "لا".. ومتى تقال ولمن تقال وكيف تقال!!