وفقًا للقانون الجديد.. تعرف على اشتراطات إصدار الفتوى    جدول امتحانات الصف الخامس الابتدائي الترم الثاني 2025 بالمنيا    النائب محمد الجبلاوي: لديّ مقاطع فيديو تؤكد سرقة مواد بترولية وضخ مياه بدلا منها    بدء موسم حصاد محصول القمح بمزارع جامعة دمنهور    حماس: أجرينا اتصالات مباشرة مع الإدارة الأمريكية.. وسنفرج عن الأسير عيدان ألكسندر    البرلمان العربي يوجّه رسائل عاجلة للأمم المتحدة وحقوق الإنسان واليونسيف لإنقاذ أطفال غزة    تفاصيل مران الزمالك اليوم استعدادًا للقاء بيراميدز    مودرن سبورت ينجو من فخ زد بتعادل ثمين في الدوري    عاكسوا شقيقته.. 3 طلاب يمزقون جسد صديقهم في أكتوبر    "تعليم القاهرة" تشدد على تفعيل البرامج العلاجية المخصصة للطلاب الضعاف دراسيًا    حديقة الأزهر تستقبل أطفال المحافظات الحدودية ضمن مشروع أهل مصر    التقرير المبدئي لحالة صنع الله إبراهيم: يعاني كسرا في الحوض ومضاعفات صحية تؤجل الجراحة    "الاعتماد والرقابة الصحية": تعزيز كفاءة المنظومة الصحية بشمال سيناء يبدأ بتمكين العنصر البشري    أول تعليق من هانز فليك بعد اكتساح برشلونة نظيره ريال مدريد في الدوري الإسباني    تقرير: الجزائر تطرد عنصرين من الاستخبارات الداخلية الفرنسية    مركز السينما العربية يمنح جائزة الإنجاز النقدي للناقد العراقي عرفان رشيد والقبرصي نينوس ميكيليدس    أمينة الفتوى: لا حرج في استخدام «الكُحل والشامبو الخالي من العطر» في الحج.. والحناء مكروهة لكن غير محرّمة    عمال شركة الشوربجي يواصلون الإضراب عن العمل ويطالبون بزيادة المرتبات    العثور على جثة مجهولة مكبلة اليدين داخل سيارة في بني سويف    البترول تنفي وجود تسريب غاز بطريق الواحات.. لا خطر في موقع الحادث السابق    القبانى يُظهر «العين الحمرا»..وتساؤل عواد يثير الجدل فى السوشيال ميديا    بث مباشر.. مدبولي يستقبل 150 شابًا من 80 دولة ضمن النسخة الخامسة من "منحة ناصر"    ماذا قال طه دسوقي عن تكريمه في مهرجان المركز الكاثوليكي للسينما؟    جيش الاحتلال: نقل لواء المظليين من الجبهة السورية إلى غزة لتوسيع الهجوم    النائب محمد طارق يكشف كواليس إقرار قانون تنظيم الفتوى    آلاف يتظاهرون في عدة مدن ألمانية تنديدا باليمين المتطرف وحظر البديل    الإفتاء توضح كيف يكون قصر الصلاة في الحج    هل هناك حياة أخرى بعد الموت والحساب؟.. أمين الفتوى يُجيب    وزير الخارجية والهجرة يلتقي قيادات وأعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي    محافظ شمال سيناء يستقبل رئيس الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية    محافظ الغربية: إطلاق أكبر قافلة طبية علاجية بمركز قطور    فرص مفاجئة.. اعرف حظ برج الجوزاء في النصف الثاني من مايو 2025    حملات مكثفة لإزالة الإشغالات والتعديات بمدينة العاشر من رمضان    محامية: نشوز الزوج يمثل خطرًا كبيرًا على تماسك الأسرة    تفاصيل ضبط المتهم بالتعدي على الكلاب الضالة في البحيرة    وزير الخزانة الأمريكي: أحرزنا تقدما ملموسا في المفاوضات التجارية مع الصين    محافظ أسوان يوجه للإسراع بإستكمال المشروعات المدرجة ضمن خطة الرصف بنسبة 98 %    الصور الأولى من فيلم هيبتا: المناظرة الأخيرة    جنى يسري تتألق وتحرز برونزية بطولة العالم للتايكوندو للناشئين تحت 14 سنة    طرح 3 شواطئ بالإسكندرية للإيجار في مزاد علني| التفاصيل والمواعيد    الرياضية: النصر يقترب من الموافقة على رحيل لابورت    انطلاق قافلة دعوية مشتركة بين الأزهر الشريف والأوقاف    فتح باب التسجيل للتدريبات الصيفية بمكاتب المحاماة الدولية والبنوك لطلبة جامعة حلوان    رئيس ائتلاف ملاك الإيجارات القديمة يرفض مشروع قانون الحكومة    السكرتير العام المساعد لبني سويف يتابع سير منظومة العمل بملف التصالح بالمركز التكنولوجي في الواسطى    هل يجبُ عليَّ الحجُّ بمجرد استطاعتي، أم يجوزُ لي تأجيلُه؟.. الأزهر للفتوى يوضح    محافظ الشرقية يشهد حفل أداء القسم لأطباء الأسنان دفعة 2023    وفاة سيدة أثناء ولادة قيصرية بعيادة خاصة فى سوهاج    الأحوال المدنية تستخرج 32 ألف بطاقة رقم قومي للمواطنين بمحل إقامتهم    وزير الخارجية يؤكد على موقف مصر الداعي لضرورة إصلاح مجلس الأمن    تأجيل محاكمة 41 متهم ب "لجان العمليات النوعية بالنزهة" استهدفوا محكمة مصر الجديدة    خبر في الجول - عمر خضر يقترب من الغياب أمام غانا بسبب الإصابة    جامعة الدول العربية تحيي يوم التضامن مع الإعلام الفلسطيني    ارتفاع كميات القمح المحلي الموردة للشون والصوامع بأسيوط إلى 89 ألف طن    محافظ الدقهلية يحيل مدير مستشفى التأمين الصحي بجديلة ونائبه للتحقيق    ماذا يحدث للشرايين والقلب في ارتفاع الحرارة وطرق الوقاية    عاجل- البترول تعلن نتائج تحليل شكاوى البنزين: 5 عينات غير مطابقة وصرف تعويضات للمتضررين    الدوري الفرنسي.. مارسيليا وموناكو يتأهلان إلى دوري أبطال أوروبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خريطة للقاهرة وفهرسا بأسماء 12 ألف شارع
نشر في صباح الخير يوم 29 - 09 - 2009

بمناسبة الذكرى الخمسين لإنشاء قسم النشر بالجامعة الأمريكية، زف إلينا رئيس القسم مارك لينز، فى الاحتفال بهذه المناسبة على مائدة إفطار رمضانية ثلاث بشائر، أولاها انتقال مكتبة القسم من المقر الحالى بشارع محمد محمود، إلى المقر الرئيسى بشارع الشيخ ريحان، حيث يتم استكماله كمركز ثقافى، تابع للجامعة، التى انتقلت بكاملها إلى مبناها الجديد بالقاهرة الجديدة.ويضم المركز الثقافى أيضاً ثلاثة معارض؛ معرض مارجو فيلون للفن المعاصر، ومعرضاً للتراث، وثالثاً لفنون المستقبل، بالإضافة إلى قاعة إيوارات والقاعة الشرقية.
والبشرى الثانية، إصدار ستين كتابا، فى خريف هذا العام، وهو رقم قياسى بالنسبة لأى فصل من الفصول.
والثالثة هى نشر ثلاثة كتب فى حقل الدراسات الدينية، كتاب نادر لمحمد أفندى على سعودى، عن رحلة الحج من مصر فى أوائل القرن العشرين حيث رافق إبراهيم رفعت أمير الحج مرتين، وكتاب مصور عن الحج للأميرة ريم الفيصل حفيدة الملك فيصل، والكتاب الثالث عن المسيحية والرهبنة فى الصعيد الأقصى لجودت جبرا وهانى تكلا.
ولم ينس التذكير ببقية الأنشطة السنوية، معرض كتب الإجازة فى 5 ديسمبر، والاحتفال بتسليم جائزة نجيب محفوظ فى 11 ديسمبر.
ويصدر قسم النشر سنويا ما يزيد على مائة كتاب فى فروع مختلفة، أكاديمية وعامة، ولا يغالى لينز عندما يؤكد أن القسم أكبر ناشر فى الشرق الأوسط باللغة الإنجليزية. ومن الكتب التى تصدر هذا الخريف:
- الحياة فى الجنة لزاهى حواس، عن مئات المقابر، التى تضم حاشية ملوك الفراعنة، وكبار الموظفين والفنانين الذين أشرفوا على تأسيس المقابر الملكية.
- الفن المصرى القديم لأليس كارتوش، وهو مرجع مهم، يتناول الفن المصرى القديم، من أقدم العصور وتطوره عبر الزمن، ويضم 063 صورة ملونة فى مختلف متاحف العالم.
- غروب العمارنة لإيدان دودسون، وهو دراسة حديثة عن سقوط ثورة إخناتون الدينية، تستعرض خمسة عقود فى الصراع العنيف فى مصر الفرعونية.
- بابليون القاهرة بيتر شيهان، عن القاهرة القديمة مستعينا بالاكتشافات الحديثة التى تمت بين عامى 0002 و6002 أثناء مشروع خفض المياه الجوفية التى تؤثر على كنائس وآثار المنطقة.
- القاهرة مدينة عالمية تحرير ديانا سنجرمان، وبول أمر، لمجموعة من الباحثين عن تأثير مشروعات الانفتاح والخصخصة والمستثمرين، التى أدت إلى إهمال مدينة القاهرة والتركيز على المناطق الصحراوية وغيرها.
- التاريخ الحضرى والاجتماعى للشرق الأوسط 0571 - 0591
- الحياة والسياسة كيف يغير الناس العاديون الشرق الأوسط
- إدوارد لين أول استعراض لحياة المستشرق الكبير
- الصورة المصرية لماريا جوليا عن المصورين المصريين من منتصف القرن التاسع عشر إلى اليوم، مصورى الاستوديوهات والطبيعة والصحف.
- خريطة مدينة القاهرة أدق وأشمل وأحدث خريطة، تعتمد على القمر الصناعى، ومعها كتيب بأسماء 21 ألف شارع.
ولابد أنك من المهتمين بالكتب والثقافة، حتى أنك واصلت قراءة هذه السطور، إلى هذا الحد ولهذا سأضيف لك نماذج من الكتب التى نشرها القسم عبر عمره المديد:
- الأدب العربى المترجم إلى الإنجليزية: (251 كتابا) فى مقدمتها أعمال لنجيب محفوظ، وبهاء طاهر، ومحمود درويش، وعلاء الأسوانى، وزكريا تامر، وأحلام مستفانمى، وسحر خليفة، وحمدى أبوجليل.
- آثار مصر القديمة: (431 كتابا) منها انسكلوبيديا الفراعنة، آلهة وأساطير مصر القديمة، فراعنة النوبة، الموميات الملكية، الحضارة الفرعونية.
- عمارة وفنون: (07 كتابا) منها القاهرة المملوكية، آخر حمامات القاهرة، عالم الفن الإسلامى.
- تاريخ وشخصيات: (87 كتابا) القاهرة مدينة منتصرة، الإسكندرية مدينة لها ذاكرة، حوارات محفوظ.
- سياسة واقتصاد واجتماع: (401 كتب) الجذور الثقافية للأزمة السياسية فى مصر، الاقتصاد السياسى لمصر، القضاة والإصلاح السياسى فى مصر، نساء النوبة.
- دراسات دينية: (28 كتابا) منها المسيحية والرهبنة فى وادى النطرون، كنائس مصر، الإسلام الماضى والحاضر والمستقبل.
رحلات وخرائط: (111 كتابا) منها دليل عملى للقاهرة، قواقع البحر الأحمر، رحلة عبر سيناء، قصص أسماء شوارع القاهرة.
خليل كلفت
هذا الكتاب يضم اثنين وعشرين قصة قصيرة، لاثنى عشر كاتبا من أمريكا اللاتينية، سبعة من البرازيل، واثنين من الأرجنتين، وواحد من أورجواى، وواحد من كوبا، وواحد من شيلى، ومن بين هؤلاء الاثنى عشر خمس كاتبات.
والكتاب جميعهم من الأعلام فى بلدانهم، بل فى أمريكا اللاتينية كلها، وفى أكثر من حالة لهم حضور عالمى، فمن بينهم جابر بيلا ميسترال (شيلى) الشاعرة الشهيرة، وأول أديب من أمريكا اللاتينية يحصل على جائزة نوبل سنة 5491، أما ماشادو البرازيلى المولود فى 9381، فيصفونه بأنه الأب الحقيقى للأدب البرازيلى الحديث.
وكلهم على هذه الشاكلة من النبوغ والتفرد والتأثير.
وهذه المجموعة التى صدرت عن الثقافة الجماهيرية، العام الماضى ترجمة خليل كلفت، تقدم للقارئ المصرى ببراعة وسلاسة، نموذجا معبرا عن أدب القارة الرائعة.
تقدم قطعة من روحها، المتطلعة إلى التقدم والانطلاق، والتى تشارك عالمنا العربى كثيرا من الطموحات والهموم.
تنجح هذه المجموعة المنتقاة بعناية، أن تنقل إلى أنوفنا روائح هذا العالم البعيد، وتجعلنا نستمع إلى دقات قلبه، وضجة حياته اليومية: قرود تباع وتشترى فى الأسواق، وأشجار الدلب وعبيد حتى القرن الماضى، ورياح تدور ويطارد بعضها بعضا، وقساوسة يربتون على ظهور الفقراء والمرضى والمشوهين.
قرأت قصة كوابيس للكاتب الأرجنتينى ذائع الصيت بورخيس مرتين، مرة ككاتب ماهر، ومرة ثانية ككاتب ماكر، على ضوء إشارة وردت فى الهوامش آخر الكتاب، تشير أن القصة آخر ما كتبه قبل وفاته، وربما تكون من وحى المختفون وهى محنة حركت مشاعر الشعب الأرجنتينى، وشغلت أجياله المعاصرة، عندما كانت أجهزة الأمن، أيام الدكتاتورية، تخطف مئات الشباب، ويختفى أثرهم، وقد حرضت أمهات هؤلاء الشباب الناس حتى خارج الأرجنتين، بإصرارهم على الوقوف يوميا فى ميدان مطالبين بأولادهم فى سنوات السبعينيات.
سأحاول أن ألخص لك كوابيس تلخيصا لا يغنى أبداً عن قراءتها وتأملها: تبدأ القصة بميتشا الراقصة الشعبية، لاعبة التنس، ذات العشرين ربيعا، وهى نائمة فى غيبوبة، منذ أسبوعين والطبيب يؤكد أن فى مثل هذه الغيبوبة لا مفر من الانتظار انتظار أن تفيق يوما ويحيط بها الأب والأم والأخ والطبيب والممرضة، ويطول الأسبوعان إلى أسابيع، وتعتاد الأسرة على الانتظار الممض الأليم وتتغير حياة أفرادها وبرنامجهم تحت وطأة هذا الانتظار ويختفى الترمومتر فجأة، رغم أنهم يقيسون به الحرارة ثلاث مرات يوميا، وفى غمرة البحث عن الترمومتر، ترتعش يدا ميتشا لثانية واحدة، ويستعين الطبيب وزملاء له بجهاز جديد ويحاولون ثم يقررون أن شيئا لم يتغير، وأنها تحلم وهذه مجرد كوابيس ولا مفر من الانتظار، واختفت حبوب الدواء يوما، وأثناء البحث عنها لاحظت الأم أن ميتشا تحرك أصابعها بصعوبة، مما يؤكد أن الكابوس مستمر، وتقول الأم إنها هكذا طول الوقت، انظروا كيف يرتعش فمها وتتحرك عيناها كأنها تحاول أن تهرب، واعتاد المحيطون بها على هذا الوضع حتى الطبيب، وذات يوم دوت طلقات رصاص معتادة فى أرجاء الحى وانطلقت صفارات الإنذار، وفجأة تفتح ميتشا عينيها وتثبتهما على نقطة فى السقف ثم تنقلهما لوجه الأم، وترفع يدها إلى خصرها، ويهتز بدنها على صوت الصفارات، وتمتزج الطرقات على الباب والصيحات الآمرة وزخات المدافع بلحظة إفاقة ميتشا التى تعود فى نهاية المطاف إلى الواقع، إلى جمال الحياة.
هذه المجموعة القصصية الرائعة، ترجمها خليل كلفت، المثقف المخلص للفن والفكر، المتبتل فى محرابهما، والذى يتوزع إنتاجه الرصين بين التأليف والترجمة، وتركيزه الأكبر على إبداع كتاب العالم الناطق بالإسبانية والبرتغالية (له ستة كتب مترجمة عن الإنجليزية) ولا تتم الترجمة بهذا الصفاء والإيحاء إلا بجهد محب دؤوب.
شوقى جلال
هناك اهتمام محمود، لدى النخبة عندنا وربما فى كل عالم الجنوب، بموقف الفكر الغربى والأوروبى، من أوضاع العالم خارج أوروبا والولايات المتحدة.
آخر هذه الجهود ترجمة شوقى جلال لكتاب دييرسنفاس الصدام داخل الحضارات.. التفاهم بشأن الصراعات الثقافية.
والمؤلف يجتهد ويتعمق فى فهم أوضاع العالم، الذى يسعى للاستجابة لروح العصر الذى يقوده الغرب بالفكر والتكنولوجيا.
ويهمنا نحن كثيرا أن نسمع هذه الأصوات، لأنها بقدر ما تفهم الغرب وخططه، تبذل جهدا مخلصا لفهم ردود أفعالنا والفلسفات التى تقود خطانا.
وتقديره أن هزائم العالم غير الأوروبى، أمام أوروبا أثارت أربعة ردود أفعال مختلفة، أولها محاكاة الغرب، وثانيها إعادة التفكير فى تراثها، والثالث الجمع بين الاثنين، والرابع الابتكار.
ولو استعرضت تاريخ مصر الحديث، لوجدت التيارات الثلاثة ممثلة عندنا، ولكن المؤلف بنظرة شاملة، ينظر إلى هذه التيارات ومدى قوتها وتأثيرها، فى دائرة واسعة تغطى آسيا وأفريقيا، وتستثنى أمريكا اللاتينية، التى يسود فيها ثقة واحترام وتمثل للحضارة الأوروبية.
والرأى الذى يهيمن على دراسته، أن أوروبا مرت بمثل المرحلة التى لاتزال فيها البلدان المتخلفة ولكن الفرق الذى يجعل الطريق أمام العالم الفقير، اليوم عسيرا أو شائكا، أن التعددية كانت قبل انطلاق الحضارة الأوروبية، هى جوهر وروح الواقع الأوروبى والمعركة الضارية ضد القديم، دارت فى ظل هذا التعدد، وهو ما رسخ قيم المساواة والفردية والديمقراطية والدستورية، وركائز التقدم المعاصر.
وهذا على عكس الفلسفة الجمعية، التى تذيب الفرد فى المجموع (أسرة أو قبيلة أو مذهبا) وهى السمة التى تهيمن على عالم الجنوب وتعطل انطلاقه.
ويمكن ضرب المثل حتى بالصين، التى حققت تقدما اقتصاديا مذهلا، حيث حلت المشكلة الثقافية بنزعة توفيقية على عكس أوروبا ولهذا فرأيه أن الصين تظل مهددة ما لم تحل هذه الإشكالية. أما الهند فيتوقع لها صداما مروعا، بين الإسلام والهندوسية.
إنه ينبه بشدة إلى ضرورة الانتباه إلى الصراع الداخلى، داخل هذه الثقافات، أكثر من الاهتمام غير المجدى بين المسيحية والإسلام.
وهو هنا يميل إلى أن تجسير الهوة بين الإسلام والحداثة، رهن بحركة إصلاح إسلامية وليس بتطبيق العلمانية.
وتتكرر عبارة إدارة الصراع كثيراً فى الحديث عن التجديد الذى لابد منه للاستجابة لمتطلبات العصر.
وسأنقل منه هذا النص:
لم يعد بالإمكان الانعزال عن تأثيرات العالم التعددى، سواء فى الغرب أو الشرق الأقصى، ولا بديل للعالم الإسلامى عن مواجهة التحدى، أعنى أن نهتدى إلى الإساليب الملائمة للتعبير عن نفسه، واتخاذ التدابير المؤسسة لإدارة الصراع، داخل مجتمعات تتزايد فيها مظاهر التعددية. وينصح دول هذا العالم:
حين تفشل الأقليات فى الحصول على الفرص نفسها المتاحة للأغلبية، الفرص السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، فإنها تتحول إلى قضايا ثقافية، إذا أخفقت فى محاولات إيجاد مشاركة سياسية أفضل وفرص متساوية فى الحراك الصاعد فى التعليم والاقتصاد والمساواة. ويحذر أن الرفض للتحديث وللحراك الصاعد، لا يمكن أن يستمر طويلا.
والمترجم القدير شوقى جلال له الشكر والامتنان على تفرغه لترجمة كتب يراها تضيف شيئا ما للحوار الدائر حول قضايا، يجب أن يكون انشغالنا الفكرى والعملى بها، من همومنا الدائمة، التى لا تعرف التأجيل.
وليسمح لى أن أقول له إن المقدمة التى وضعها للكتاب، لا تضىء شيئا للقارئ، فمؤلف الكتاب لا يعنيه أن يفند آراء هنتجتون، إلا بقدر ارتباطها بموضوع الكتاب، ولا يأخذ برأينا فى الوزن الذى نعطيه للجوانب التقليدية؛ بل يرى أن تطويع هذه الجوانب للتجربة الأوروبية هو سبيل الخلاص من الورطة التى نعيشها، بدليل أنه يرى أن البلدين الوحيدين اللذين على مقربة من حسم الوضع هما كوريا الجنوبية وتايوان.
كيف تكون مثل هذه الاجتهادات عونا لنا؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.