اندهشوا كثيرا من سؤالى عن مصير هذه القوى والأحزاب الإسلامية التى تفجرت بعد الثورة إذا اختلفت الأحداث ولم يكن هتاف الثوار سوى صدى يرتطم بأسوار الميدان، فهل كانت هذه الجماعات ستظل تحمل لقب المحظورة أم أن الأمور ستزداد اشتعالا وتكون المعتقلات هى المأوى الأبدى لهذه الأصوات؟ وإذا كان بعضهم قد تقدم بمبادرات كما فى مبادرة الجماعة الإسلامية لوقف العنف فلماذا لم تكن لديهم مبادرات أخرى لا تقل أهمية للثورة على الظلم؟! يتحدث هانى فوزى وكيل حزب الأصالة قائلا على المستوى العام كان سيفرد الإعلام كالعادة ساعات طويلة للاستماع إلى مداخلات تندد بأعداء الشعب والمخربين، وسينقل على الهواء جموع المؤيدين من الموظفين والعمال والذين يحملون لافتات التأييد والرغبة فى الاستقرار والحفاظ على الإنجازات. أما عن الإسلاميين بصفة خاصة فلاشك أنهم سيكونون أول كبش فداء كما هو معتاد سابقا، حيث كان سيتم القبض على كل العناصر المشاركة وغير المشاركة فى هذه الثورة من أصحاب اللحى بتهمة قلب نظام الحكم، لأن الضوء كان مسلطا بشكل غير طبيعى على الإسلاميين وكأنهم لا يفعلون شيئا سوى أن يحيكوا المؤامرات ويشعلوا الفتن فى البلاد، فإذا كان النظام السابق قد أطبق الميدان على من فيه فسيقذف بنصف الشعب فى السجون والنصف الباقى عبيد يؤمرون فيطيعون أما عن الإسلاميين فلن تقوم لهم قائمة أخرى لانها ستكون هذه المرة حرب إبادة. الشيخ أسامة حافظ القيادى البارز بالجماعة الإسلامية عضو مجلس شورى الجماعة يقول: عندما قامت الثورة لم نتخاذل عنها رغم عدم التأكد من نجاحها إلا أن الضغط الذى وقع على الشعب من الظلم والاضطهاد على مدار هذه السنوات وعلينا خاصة فى سجون أمن الدولة لم يترك لأى أحد الاختيار إنما التنفيذ. واقول للحكام الجدد لا ترتعشوا من الحرية فهى صمام الأمن لكم وللشعب وللبلد.. اتركوا الشباب يعبر عن نفسه فى الجامعات يتناقش، يتحاور ويتظاهر وارفعوا أيديكم عن النقابات ليمارس عقول البلد ومفكروها دورهم فى المشاركة والتفاعل مع مشاكل البلاد، أطلقوا حرية ممارسة العمل العام لكل من يريد من أبناء الشعب أن يشارك وتأكدوا أن تجاوزات الأحرار تقل كثيرا فى أضرارها عن خنوع العبيد. يؤكد د. خالد سعيد المتحدث باسم الجبهة السلفية إنه فى حالة إجهاض الثورة المصرية كان سيتم استئصال معظم الشعب المصرى وستكون المقصلة فى ميدان التحرير. وعند قيام ثورة يناير شاركنا فيها ودعونا الجميع بالنزول والاحتشاد لأنها لو فشلت ستتم تصفية الشعب وسنكون نحن الإسلاميين فى «وش» المدفع ولن يكون هناك زوار فجر إنما «42» ساعة وسنكون أول من سيتم اعتقاله واغتياله فى السجون إلى أن تقوم ثورة أخرى ولكنها هذه المرة لن تكون فقط من الصعب التنبؤ بها ولكن من المستحيل رفع قامتها لينطق بها أحد. وفى توضيح لسؤالى عن عدم مبادرتهم بالقيام بثورة نابعة من الصف الإسلامى الذى عانى كثيرا من النظام السياسى كذلك اتهام التيار السلفى على وجه الخصوص بأنهم خرجوا علينا من الكهوف بعد أن آمنوا بدلا من حمل لواء الثورة؟ فأجاب ضاحكا نحن كنا ممنوعين من التنفس وليس من التظاهر حتى يسمحوا لنا بذلك، ولم نكن نعيش بالكهوف التى تحدث عنها النخبة المعزولة عن المجتمع لكنهم إذا اعتبروا أمن الدولة كهوف فنرحب بهذا الوصف. ∎ سجن الإسلاميين وتوريث الفساد اعترف محمد نور المتحدث الإعلامى لحزب النور أن التيار الإسلامى جميعه يدين بالفضل بعد الله إلى الثورة المصرية لأن الإسلاميين كانوا أول من سينكل بهم فى حالة فشل الثورة وهذا لأنهم دائما ما يكشفون خبايا النظام ويرفضون معه التبعية والتوريث لذلك كان دائما ما يمثل للنظام مكمن الخطر والتحفز الدائم لوأده. وحتى إذا بلغ النظام من القوة ما ساعده على إخماد صوت الشعب ووضعنا بالسجون فليس هناك من يقضى على فكرنا وقناعتنا وكما خرج مسجونو زمن عبدالناصر بعد أن فقدنا الأمل فيهم فسيخرج كل مظلوم من هاوية أى ظالم. سألنا الدكتور محمود غزلان المتحدث الرسمى باسم جماعة الإخوان المسلمين: «ماذا لو فشلت الثورة ولم يحقق الإخوان كل هذه المكاسب السياسية التي حققوها بعد الثورة؟»، أجاب قائلاً: «أنا لا أحب أن أجيب عن ماذا لو.. ولكن أود أن أقول لا شك أن هناك جملة الإيجابيات قد تحققت، ولاتزال بقية المطالب من المطلوب تحقيقها ولا ينكر ذلك إلا جاحد. وبالنسبة للمكاسب أولها الإطاحة برأس النظام وأركان النظام وحل مجلسى الشعب والشوري والمجالس المحلية وتحويل هؤلاء المفسدين إلي المحاكمة، وإن كانت المحاكمة بطيئة ولكنهم تحولوا للمحاكمة فحدث تطهير جزئى لبعض المؤسسات، وتم الاستفتاء علي تعديل الدستور، ومسموح الآن بالمظاهرات، كما أنه لدينا خطة طريق لنقل السلطة بدأت بالانتخابات البرلمانية، سُمح بإنشاء أحزاب ثم الانتخابات في عدد من النقابات، كذلك أخذت الجامعات المبادرة بنفسها وبدأت تنتخب العمداء والرؤساء، فكلها إيجابيات لا يستطيع أحد أن ينكرها. وبسؤاله عن إمكانية استخدام نظام مبارك للإخوان لخدمة مشروع التوريث قال غزلان: الله لطف بنا من مشروع التوريث ووفق الشعب للخروج وتحققت الثورة، وأراد أن يضع حداً أو نهاية لهذا الظلم وهؤلاء الظالمين. ويستطرد قائلاً: في عهد حسني مبارك الرئيس السابق أو في العشرين سنة الأخيرة اعتقل «54» ألفاً من الإخوان المسلمين، وكانت تلك هي سياسته تجاههم والحمد لله سبحانه وتعالي الذي أعان الشعب المصري، وأطاح بمبارك وبنظامه.. والكل استرد حريته وليس الإخوان المسلمين فقط وأصبح لكل فرد أن يؤسس حزبًا بدون معوقات وليس الإخوان المسلمين. أما شريف أيمن عضو حزب التيار المصري فيقول: إن النظام السابق لم يكن يفتح باباً للحوار مع أي شخص بعيدًا عما يقال عن الصفقات بين الإخوان والنظام السابق، والذي لم يكن لديه أي استعداد لتقديم أي تنازلات.. فتأثير الإخوان في الشارع حتى لو كان كبيرًا فلم يكونوا يستطيعوا أن يحركوا الناس في الشارع أو يقوموا بفعالية جماهيرية تجعل مشروع التوريث يتوقف، فالإخوان بطبيعتهم ضد التصادم حتى لو فُرض أن مشروع التوريث بدأ يتم الإعداد له، فأظن أن احتياجات الإخوان ستكون بسيطة ولن يكون لها تأثير على القرار السياسى.. ويدل علي ذلك أن الإخوان فى الخمس أو ست سنوات الأخيرة كان لهم تواجد فى المساجد بدون أى فعالية علي القرار السياسى السيادى بالذات.. فمن الممكن أن يستطيع الإخوان أن يغيروا شيئًا ولكنها ستكون أشياء بسيطة وليست دينية، وعمر الإخوان ما نجحوا في شىء مثل هذا وخاصة في الفترة الأخيرة ولو كان حصل تحالف بين الإخوان والبرلمان لا أظن أنه كان سيحدث.. لكن برلمان إخوانى تتحالف فيه مع النظام من الصعب أن يتحقق.. لأن لا أحد من البرلمان سيسمح بذلك ولا أحد من قيادات الإخوان كان سيقبل هذا.. لأن أيضا أفراد الإخوان عقلانيون ولا يسمحون بالتفاوض بهذا الشكل.. ولا أعتقد أن أحداً من قيادات الإخوان كان سيساهم في مشروع التوريث بل كانت ستمتلئ السجون بالإخوان في هذه الفترة.