«نولد جميعا سعداء، نولد وفى داخلنا توق طبيعى إلى السعادة، يظل معنا طوال العمر ، كل شخص يمكن أن يكون سعيدا.. السعادة هى درجة رضا الفرد عن حياته، ليست لحظات هانئة نقضيها قبل أن نعود إلى الحياة القاسية.. نخلط كثيرا بين السرور والبهجة والسعادة، هى شىء مختلف، لا تروح ولا تجىء، هى باقيةمعنا بغض النظر عن الانفعالات الوقتية سواء بالفرح أو الحزن.. السعادة حالة من حالات الشخصية تبقى مع الفرد وهو يمر بشتى الانفعالات». . هذه كلمات للعالم د. « أحمد مستجير» فى مقدمة مقاله عن « علم اسمه السعادة». ∎ كبسولات السعادة ولأن العالم د. مستجير قد تخصص فى علوم الجينات الوراثية فقد كتب عن هذه الجينات وتكوين مخ الإنسان وعلاقتهما بالسعادة، فقد بدأت الأبحاث تهتم بالعوامل الداخلية الغامضة المرتبطة بالوراثة والمزاج والجينات.. ويحدثنا العالم الجليل عن الأدوية التى صنعت فى القرن العشرين لتجلب السعادة، وتهافت عليها الناس فى العالم، بدأت شركة أدوية فى صناعة كبسولات السعادة وتبعتها أخرى.. و.. و.. وأصبحت حبوب السعادة مرتعا خصبا للتجارة والمنافسة بصرف النظر عما تفعله من أعراض جانبية، أو ما تفعله فى مخ الإنسان. ولن ندخل فى هذه التفاصيل العلمية الصعبة التى شرحها د.مستجير.. وكتب عن عقود من البحوث المتأنية فى طبيعة السعادة.. أثبتت أنها على عكس ما ترغبه طبيعة الإنسان، فهى لا ترتبط كثيرا بالمال أو.. غيره من العوامل الخارجية، وإنما تعتمد على شىء أكثر غموضاً، على صفة داخلية تسمح للناس باكتشاف السعادة والتمتع بها بغض النظر عن الظروف الخارجية، فقد وجد العلماء أن الرابطة ضعيفة بين السعادة وبين ما يعتقد معظم الناس أنه يجلب السعادة وهى الماديات. ∎ جذور السعادة نلتقط خيط السعادة من كتابات العالم والطبيب النفسانى د. «أحمد عكاشة» ليؤكد لنا أن البحوث الحديثة أثبتت أن ترابط المال والقوة والسلطة بالسعادة سراب غير حقيقى، مثلا المال قد يشترى بعض السعادة، ولكن ليس الكثير منها، والزيادة على مستوى مالى معين لا تعنى مستوى أكثر من السعادة.. ويرشدنا د. « عكاشة» إلى أن الحب والحنان، وخصوصية المشاعر هى جذور سعادتنا وأيضا تعاستنا، وأن المساندة الاجتماعية والتواصل مع الآخرين لهما تأثير قوى على البقاء فى الحياة، وقد ثبت من خلال تصوير المخ أن الكروب والاكتئاب والعزلة تسبب ضمورا فى خلايا المخ، خاصة الفص الخاص بالمزاج والتعلم والذاكرة والتكيف مع الحياة، وأن العلاج بمفرحات النفوس يوقف الضمور فى المخ، ويساعد على تكوين خلايا واتصالات عصبية جديدة، ويهمنا فى تأكيد البحوث أن وجود الحب والعاطفة والمساندة الاجتماعية تساعد على تكوين الخلايا العصبية وزيادة الاتصالات بهما.. ويؤكد لنا أن المصداقية العلمية قد أثبتت أن قيمة الحب والرحمة والتسامح والتضحية وخدمة الآخرين وهى قيم فى كل الأديان والروحانيات لها تأثيرها الواقى من الاكتئاب والقلق وأمراض القلب.. نحن فى حاجة شديدة إلى عودة اكتشاف كلمة الحب والرحمة التى قد تساعد على البقاء والتعايش فى عالم مملوء بسفك الدماء والحروب والقمع والقهر والكوارث المتكررة.. ويرشدنا د. « عكاشة» إلى أن أساس السعادة النفسية هو إحساس الفرد بانتمائه بداية من أسرة إلى مجتمع.. إلى وطن.. والانتماء الإنسانى يشمل كل الانتماءات. ∎ الطبيعة سر السعادة بعد أن ينكد علينا زميلنا «عبدالفتاح عنانى» عن التلوث الذى يسيطر على حياتنا فى الهواء والطعام والشراب، وكل ما تلمسه أيدينا فى الجزء الأول من كتابه الجديد « الطبيعة سر السعادة» ينصحنا بالهروب إلى الطبيعة.. كيف يا عبده ؟! يقول زميلنا المتخصص فى كتاباته العلمية والبيئية المرتبطة بصحة وسعادة الإنسان: «ثورة طبية تجتاح العالم هى العلاج بالهروب إلى الطبيعة.. فقد توصل العلماء إلى أن تأمل ورؤية مخلوقات الله فى سماء زرقاء صافية، وجبال شاهقة، ورمال.. وصحراء والتمتع برؤية النجوم والطيور ومياه البحر والهواء النقى وأشعة الشمس الدافئة.. كل ذلك يحمى الإنسان من أمراض كثيرة.. فلا تتردد واترك العاصمة الملوثة بضجيجها وزحامها ولو لبعض الوقت من أجل صحتك». ويتحدث « عنانى» عن الطبيعة الساحرة فى مصرنا الحبيبة ويصف فى تجلىَّ كاتب روائى أو فنان رسام عن هذه المناطق البكر التى لم يلوثها الإنسان حتى يصل إلى أن شبه جزيرة سيناء أنقى هواء فى العالم، بإثبات دراسة علمية أكاديمية فى أمريكا.. ويصف سيناء بجمالها وجبالها وبحورها، وأنها حقيقة كنز لشفاء الكثير من الأمراض.. ويحدثنا عن تجربة علاج بعض الأمراض الجلدية والروماتيزمية بواسطة أطباء مصريين فى مناطق من جنوبسيناء.. ∎ التنفس خلال الأشجار يحدثنا « عنانى» عن أهمية الأشجار فى حياتنا من الأساطير القديمة إلى وقتنا الحالى، يحكى لنا عن قصة شجرة من بين ملايين الأشجار التى خلقها الله وأنعم بها علينا وهى شجرة « الوِنكة الوردية» أو «وِنكة مدغشقر» حيث أصل اكتشافها فى هذه الجزيرة، والتى تستخدم من قرون فى الطب التقليدى، وقد أصحبت الآن تستخدم فى علاج أمراض كثيرة.. وينصحنا بالجلوس تحت شجرة للاستفادة من مصدر الأوكسجين النقى لمدة دقائق صحيا ونفسيا. وتصرخ كلماته!! اهرب بجلدك من المدن الملوثة المزدحمة بالمبانى والسيارات والناس.. اهرب بعيدا إلى الريف وسط الحقول.. إلى شاطئ بحر حيث أنقى هواء ، فقد أدرك العالم أهمية الهواء النقى لصحة الإنسان، وبدأت اليابان بتوفير هذا الهواء لمواطنيها بطرق مختلفة.. سواء مجانياً أو بالشراء. ويرشدنا « عنانى» إلى طريقة لنأخذ نفسا عميقا لصحة أبداننا، لكن لابد أن يكون هذا خلال هواء نقى، ويشرح لنا هذه الطريقة لإكسير الحياة.. ألا وهو الهواء، الشىء الوحيد الذى لا يستطيع الإنسان أن يعيش بدونه.. وينتقل إلى أهمية الشمس ونعمة الله على الكون بها فهى التى تكون الفيتامينات فى أجسادنا التى تحمينا من الأمراض، ويصف لنا الأوقات المحددة من اليوم التى تكون فيها أشعة الشمس غير ضارة. ∎ كيمياء الحب والسعادة الكاتب والباحث عبدالفتاح عنانى ركز على السعادة الخارجية للإنسان فى الطبيعة ووجوهها الكثيرة، والطعام الصحى للخضراوات والفواكه.. ونجد أن صحة الإنسان الجيدة تشعره بالسعادة لكنه لم ينس صحته النفسية، والتى لا تبتعد عن صحته البدنية فيكتب عن أهمية الحب فى الشعور بالسعادة وكيف يفرز المخ كيماويات معينة جيدة لحياة الإنسان ويسمونها « كيمياء الحب» والتى بدورها تقوى جهاز المناعة فى جسم الإنسان وتساعده على مقاومة الأمراض.. وهو يتحدث عن الحب عموما.. أولا.. حب الله، حب الوالدين، حب الوطن.. الحب بين الشاب والفتاة.. الحب بين الزوجين، حب الأبناء.. ويقول : « لو عرف البشر أن كيمياء الحب وكيمياء المخ توأمان لا يفترقان لزراعة الحب داخلهم طول العمر.. فالحب منحة إلهية وسلاح قوى ضد الأمراض والشيخوخة والاكتئاب ومن فضل الله أن كل عوامل حمايتنا من الأمراض وسعادتنا تسبح فى دمائنا وعروقنا وما علينا إلا أن ننشط الحب فى خلايانا وأنسجتنا لنعيش حياة كلها صحة وسعادة». ∎ كان لابد أن ينكد علينا « عنانى» فى الجزء الأول من كتابه ليرشدنا إلى الطريق الصحيح فى بحثنا عن السعادة.