لوس أنجلوس: جميل يوسف أدى الجدل حول المسلسل الواقعى أو بمعنى أصح شو «أوول أميركان مسلم» (مسلم مثل كل الأمريكيين) الذى بدأ فى الشهر الماضى فى قناة «تى إل سى» الثقافية. وهو يعرض بصدق وبطبيعية مطلقة الحياة اليومية لأفراد خمس عائلات مسلمة من الطبقة المتوسطة فى ضاحية ديربورن، من ضواحى ديترويت (ولاية ميتشيجان) حيث تقيم أكبر جالية مسلمة فى الولاياتالمتحدة إلى الكثير من الاهتمام به. ومع زيادة الجدل، زاد الإقبال. وشاهد آخر حلقة أكثر من مليون مشاهد، وهذا عدد كبير بالمقارنة مع قوة القناة الثقافية وسط القنوات الإخبارية العملاقة. ركزت الحملة الإعلامية على استهداف الشركات التى تعلن فى المسلسل الواقعى، نظرا لقدرة المعلنين على تحديد مصير المسلسل أو البرنامج. وبدأت الحملة ضد هذا المسلسل بالضغط على شركة «لوز» العملاقة لمواد البناء، التى لها فروع فى كل الولاياتالأمريكية، تقريبا، بأن تسحب إعلاناتها من المسلسل بهدف أن تضطر القناة التلفزيونية لوقف المسلسل بحجة عدم وجود دعم إعلانى. ومن بين قادة الحملة ضد الشو أو المسلسل باميلا جيلر، رئيسة منظمة سياسية يهودية فى نيويورك، وكانت قد اشتركت فى قيادة المعارضة ضد مشروع المجمع الإسلامى والمسجد بالقرب من «جراوند زيرو» مكان مركز التجارة العالمى الذى دمره هجوم 11 سبتمبر 2001. وهى التى كتبت إلى رئيس شركة «لوز» وحثت غيرها على الكتابة إليه. وفى الحقيقة، اعترف رئيس الشركة بأنه تلقى عشرات الآلاف من رسائل الاحتجاج ضد دعم إعلانات الشركة للمسلسل. فى بيان الشركة بسحب الإعلانات التى تدعم المسلسل، جاء أن المسلسل «أصبح مصدر إثارة ومشكلات للأفراد والجماعات الذين لهم آراء سياسية واجتماعية قوية. وأصبح يؤثر، بقوة، على هذا الموضوع». وأضاف البيان: «نعتقد أنه من الأفضل أن نتخلى نحن عن الاشتراك فى هذه المشكلة، ونترك للمجتمعات والأفراد والمجموعات مناقشة ودراسة مثل هذه القضايا المهمة». وانضمت إلى الحملة وممارسة الضغوط على المعلنين بعض النشطاء المشهورين بتعصبهم وتطرفهم فى ولاية فلوريدا بدعوى أن المسلسل يدعو إلى قضية التطرف وتطبيق الشريعة فى أمريكا. قد خيبت الحلقة الأخيرة التى أذيعت يوم الأحد الماضى آمال الخبثاء عندما شنت وبغضب شديد هجوما شرسا على أسامة بن لادن الذى عبرت عنه منتجة المسلسل نينا بازى بالقول: «لم ينجح بن لادن فى تدمير حياتنا كمسلمين فقط، بل إنه دمر مستقبل أطفالنا وجعلنا نجلس خائفين فى بيوتنا...». وأيضا عندما شاهد الأمريكيون نائب رئيس شرطة مقاطعة «وين» مايك جعفر والدموع فى عينيه وهو يحمل بفخر «العلم الأمريكى» فى لحظة تحية لذكرى الشهداء فى مباراة لفريق البيسبول لنمورديترويت. وبذلك أكد هذا الفريق من جديد أن هدف المسلسل، هو إبراز حقيقة أن المسلمين الأمريكيين مثل بقية الأمريكيين: يحبون الحرية، ويقدسون العمل، ويستمتعون بالمتعة. وإن قلت فرديتهم، بالمقارنة مع الفردية والخصوصية الأمريكية المشهورة، فإن سبب ذلك هو أن دينهم يدعوهم إلى التقارب والتآلف. وعلى أى حال، يقدرون على الجمع بين مطالب الفرد ومطالب المجتمع. وقال بيان أصدرته شركة «تى إل سى» التى تنتج المسلسل: «إننا نقف وراء هذا المسلسل. ونحن سعداء لأنه وجد دعما إعلانيا كبيرا» لكن، رفضت لورى جولدبرج المتحدثة باسم الشركة التعليق على حملة مجموعة فلوريدا وغيرها. وتتذكر بأسى «نوال عودة»، وهى طبيبة علاج طبيعى والتى كانت لاتزال فى المدرسة الثانوية فى 11 سبتمبر 2001 المعاملة القاسية التى واجهتها والدتها من قبل الجيران فى ذلك اليوم عندما ذهبت للمواساة: «إنهم بصقوا فى وجهها وركلوها وطردوها خارج البيت». وتضيف «شادية أمين»: ذهبت للتمشى فى شوارع مانهاتن فى نيويورك، وأنا أرتدى تى شيرت تقول «لست إرهابية» وسطر آخر يقول لأسامة بن لادن: «نحن لا ندعم هذا الرجل، وأنه بالتأكيد لا يعبرعنا فلماذا نواجه هذا الجحيم ؟» وقال مايك جعفر (37عاما) وهو أب لأربعة هاجر والده مثل كثيرين آخرين، من لبنان إلى ديترويت فى 1960للعمل فى مصانع السيارات: «إن المنفذين والمشاركين فى11/9 قد جلبوا للمسلمين الأمريكيين الذين مازالوا يعيشون بفخر فى هذا البلد كل التخلف والكراهية والازدراء. وفى رأيى فإن المسلمين الأمريكيين شعروا بالضيق والغضب أكثرمن الأمريكيين غير المسلمين نحو ما حدث فى ذلك اليوم». وأضاف: «أصيب الدين الإسلامى مرتين فى ذلك اليوم، كأمريكى أصابنى الفزع من جراء العمل الوحشى، ولكن كمسلم أمريكى كنت أيضا مفزوعا من الحقيقة المرة أن المهاجمين كانوا يدعون أنهم مسلمون ونفذوا العمل باسم الإسلام». فمنذ أن بث مسلسل «أوول أميركان مسلم» (مسلم مثل كل الأمريكيين) لأول مرة وهو يتمتع بأفضل نقد واستحسان من نقاد التليفزيون ويشاهده ما يقرب من مليون مشاهد أسبوعيا. لكن ذلك أثار غضب ديفيد كيتون، مؤسس ما يدعى برابطة العائلة بولاية فلوريدا، التى تروج ضد المسلسل حملات مستمرة بالبريد الإلكترونى إلى مقدمى البرامج التليفزيونية والتوك شو مدعيا أن المسلسل يدعو إلى تعزيز التطرف الإسلامى فى أمريكا ونشر اللواط والمواد الإباحية. وحاولت «صباح الخير» الاتصال بديفيد كيتون للحصول على تعليق، لكنه رفض التعليق واكتفى بالإشارة إلى المعلومات المدونة على موقعه على الإنترنت وادعى أن هناك أكثر من مليون بريد إلكترونى خرج لمعلنى ومؤيدى مسلسل «أوول أميركان مسلم» (مسلم مثل كل الأمريكيين)، وأن 87من المعلنين قد سحبوا بالفعل إعلاناتهم، على الرغم من أن عدة أشخاص آخرين لا يزالون مؤيدين وداعمين للمسلسل. وقال جعفر بعد عودته مؤخرا من عطلة فى جنوب فلوريدا مع زوجته وأطفاله، إن أكبر أبنائه الذى كان عنده شهور قليلة من العمر فى 11 / 9 «دهش» من عدد الأشخاص الذين التقى بهم الذين شاهدوا المسلسل وأعجبوا به بشدة. وقال: «غالبية الناس الذين شاهدوا المسلسل كانوا فى منتهى الإيجابية، ومفتونين جدا بالعمل، وعبروا لنا عن شكرهم». ومن ناحية أخرى، سارعت بعض منظمات إسلامية وشخصيات إسلامية قيادية أمريكية إلى مواجهة ما سموها «حملة سلبية ضد شىء إيجابى نادر عن المسلمين الأمريكيين». وقال كيث أليسون، أول عضو كونجرس مسلم (ديمقراطى من ولاية منيسوتا): «الشركات الأمريكية بحاجة إلى اتخاذ موقف ضد هذه الجماعات الهامشية المعادية للمسلمين. وبحاجة إلى الوقوف إلى جانب ما هو صحيح، لأن هذا هو معنى أن الشركة أو الشخص أمريكى». ولكن فى الأيام القليلة الماضية أعلنت بعض الشركات الكبرى، أنها ستتوقف عن بث إعلاناتها للموسم الثانى خلال إذاعة المسلسل، نظرا للإحصائيات الإعلانية المحبطة الجديدة التى أفادت بأن الحملة المعادية ضد المسلسل أثرت بالسلب على استمراره وشعبيته، وعدم رغبة إقبال المشاهدين عليه، مما سبب إحباطا شديدا لشركة «تى إل سى» التى تنتج المسلسل الشهير فى ضواحى ديترويت.