أشرف على الملف : مها عمران - كاريكاتير ياسمين مأمون طوابير بشرية.. ليست هذه المرة أمام أفران الخبز أو جمعية استهلاكية أو مستودع أنابيب البوتاجاز ولكنها أمام مقار اللجان الانتخابية. فى سابقة هى الأولى من نوعها خرج المصرى الأب والابن والأم والابنة ليعطوا صوتهم لمن يستحق. رأينا المرأة العجوز التى تقف فى طابور كبار السن والجميع يتساءل متهامسا عن سبب نزولها فترى التساؤل فى أعينهم فتجيب هى الأخرى هامسة: خرجت لأحمى مستقبل حفيدى.. مرشحون كثيرون وقوائم متعددة وكثير منا لا يعرف من هؤلاء المرشحون وما هى برامجهم فيقف أمام لجنته الانتخابية متحيرا لمن يعطى صوته؟! ومع ذلك فيكفى أنه خرج عن صمته وقرر المشاركة وتحمل مشقة البحث عن لجنته والوقوف فى طابور طويل منتظرا دوره للإدلاء بصوته بعد أن اعتاد دوره فى طابور الأنبوبة ورغيف العيش. فى طريقى إلى شبرا لرصد مشاهداتى عن سير الحالة الانتخابية كان المترو مزدحما كعادته وبخاصة عربة السيدات واللاتى يتحدثن فيها عن كل شىء وأى شىء، إلا أن حديثهن هذه المرة كان مختلفا وأكثر جدية فتحدثن عن السياسة وميدان التحرير والانتخابات والرئيس القادم وغيرها من الأحداث على الساحة السياسية. إلا أن أكثر ما جذب انتباهى حديث فتاة فى العشرينيات من العمر ترتدى خمارا وتتحدث مع فتيات أخريات عن الانتخابات وبصفة خاصة المرشحين من حزب الحرية والعدالة وكيف أنهم جاهدوا كثيرا فى السجون والمعتقلات بعد تعذيبهم على يد النظام السابق ليحظى المصريون الآن بهذه اللحظة الديموقراطية ويأمنوا لنا حياة كريمة وعلينا الآن أن نعطيهم الفرصة ليفوزوا بالبرلمان حتى يحققوا أهدافهم التى يعرفون فيها جيدا ما يريده الشعب المصرى فاعتقدت فى البداية أنهن صديقات يتبادلن الحديث ولكنى وجدتها تنتقل إلى الحديث مع غيرهن واتسعت دائرة الحوار لتشمل العربة كلها فى محاولة قوية من الفتاة لإقناع الجميع بانتخاب الحزب وعندما سألتها إحداهن عن سبب اختيار الحزب دون غيره فالجميع يقول نفس الكلام أجابتها الفتاة بابتسامة بأن الإخوان المسلمين يراعون الله ولن يتحدثوا كذبا ولا زورا كما يفعل المرشحون الذين دائما يعدون ولا يوفون فهم حقا يحملون الخير لمصر وقبل أن تكمل حديثها سألتها فتاة أخرى مسيحية قائلة: أنتم تقولون أن الإسلام هو الحل فما مصير الديانات الأخرى هل لا يصح أن تكون هى الأخرى حلا للنهوض بمصر؟ فردت عليها الفتاة مبتسمة أنتم شركاؤنا فى الوطن ولكم حقوق علينا ونحسن معاملتكم فقاطعتها الفتاة إننا أصحاب أرض وهذا وطننا ولسنا ضيوفا لتحسنوا معاملتنا ثم انتهى الحوار بنزول الفتاة المختمرة فى المحطة التالية. وما إن وصلت إلى شبرا حتى كان المشهد الطاغى لطوابير من الناخبين من مختلف الأعمار وقد شهدت اللجان ذاتها زحامًا شديدًا بسبب تأخر وصول مظاريف استمارات الناخبين للجنة القضائية، ما تسبب فى حدوث مشاجرات بين الناخبين بعضهم البعض، وكادت تحدث اشتباكات بينهم وبين عناصر من الشرطة المكلفة بتأمين اللجان إلا أن وصول القضاة وبدء فتح اللجان أنهى الاشتباك. كما قام أئمة المساجد بمنطقة شبرا بتوعية المواطنين بضرورة المشاركة فى العملية الانتخابية، عبر مكبرات الصوت المتواجدة فى الطرقات خارج المسجد. واهتموا بتقديم شرح تفصيلى لكيفية الانتخاب مطالبين المواطنين باختيار قائمة واحدة ومرشحين فرديين أحدهما عمال، كما سرد الأئمة عبر مكبرات الصوت أسباب إبطال الصوت الانتخابى مطالبين المواطنين بتوخى الحذر. وشهدت لجان مدرسة شبرا الثانوية الميكانيكية الصناعية عدم ختم الأوراق وطلب من الناخبين الإدلاء بأصواتهم بحجة أنه سيتم ختم الاستمارات بعد الانتهاء من عملية الانتخاب فيما شهدت لجان مدرسة السيدة خديجة المشتركة بشارع عبيد بداية من اللجنة 32 حتى اللجنة 36 عدم تواجد لأى من القضاة حتى اقتراب الساعة من الحادية عشرة رغم أن موعد بدء التصويت فى الثامنة صباحًا، وكذلك شهدت مدرسة «رفعت» حالة من الفوضى فى عمليات الإدلاء بالأصوات بسبب تأخر القضاة المسئولين عن الإشراف على العملية الانتخابية. أما عن التصويت فقد كانت هناك حالة من التزاحم الشديد وكان مئات السيدات قد توافدن صباحا على اللجان مثل لجنة مدرسة السيدة عائشة الثانوية للبنات حيث كن يندفعن وسط حالة من عدم النظام وتصاعد الصيحات المنددة بما يحدث مما دفع العديد من الناخبات إلى الاندفاع بصورة غير منظمة إلى داخل اللجنة ووقعت حالة من التكدس الشديد ولم تستطع قوات الشرطة أو الجيش الموجودة بالمكان السيطرة عليها واضطر رجال الأمن فى النهاية إلى الوقوف أمام الأبواب لمنع دخولهم. إلا أن الناخبات انتظمن أخيرا ووقفت معهن فى الطابور أكلمهن وأسمع حديثهن لكنى فوجئت بفتاة منتقبة تجذبنى من يدى وتعطينى ورقة لأحد مرشحى حزب النور وعليها الرقم وهكذا فعلت مع غيرى ولكنها أضافت أن المسلمة الحقة عليها أن تنصر دينها وتنصر من يرفع رايته ثم نظرت لى قائلة «صوتى لحزب النور إذا كنت تحبين الله ورسوله فهذا جهادنا نحن المسلمات» والغريب أن العديد من السيدات تفاعلن معها وأكدن حبهن لله ورسوله واختيارهن لحزب النور. كما كان هناك سيدات يتحدثن بفكر آخر وهو أنهن يخترن المرشحين الأكثر ظهورا فى الإعلام وعبر المؤتمرات السياسية والندوات بالدائرة، مؤكدات عدم علمهن ببرامج المرشحين، وعدم معرفتهن الكاملة بتفاصيل أو معلومات كافية عن المرشحين فى الدائرة. بينما أكدت أخريات أنهن سيدلين بأصواتهن خوفا من الغرامة 500 جنيه. ادفع 50 قرشا لمعرفة لجنتك وعلى جانب آخر لجأ بعض الأهالى الذين فشلوا فى التوصل لأماكن اللجان الانتخابية التى يدلون فيها بأصواتهم، إلى مراكز الإنترنت للحصول على معلومات عن اللجان، فى الوقت الذى أصيب فيه البعض بإحباط، نتيجة عدم وجود أسمائهم فى اللجان الانتخابية. وانتهز أحد الشباب الفرصة، وأحضر جهاز «لاب توب» خاصا به مستخدما «يو إس بى» للدخول على موقع اللجنة العليا للانتخابات لمساعدة الأهالى فى معرفة لجانهم وأماكنهم مقابل 50 قرشاً للشخص. - قساوسة أمام اللجان ومن المشاهد التى لم أعتدها أن أشاهد قساوسة يقفون أمام اللجان الانتخابية لدعوة المواطنين إلى التصويت لصالح فصيل معين وهو قائمة الكتلة المصرية وحزب «المصريين الأحرار» الذى أسسه رجل الأعمال نجيب ساويرس. مما أثار غضب الإخوان المسلمين الذين اعتبروه مخالفة لقواعد الدعاية الانتخابية كما أصدروا بيانا إعلاميا، صادرا عن الحملة الانتخابية لحزب الحرية والعدالة، بالدائرة الأولى، بأن عدداً من القساوسة بمنطقة شبرا، «انتهكوا قواعد الدعاية الانتخابية»، مشيراً إلى أن رجال الدين المسيحى تواجدوا منذ الصباح الباكر أمام اللجان ودعوا إلى انتخاب فصيل معين دون غيره وأضاف البيان: «أنهم تواجدوا بالقرب من لجنة مدرسة باحثة البادية فى شبرا وبدأوا بتوجيه المواطنين للتصويت للكتلة المصرية وحزب المصريين الأحرار». واستنكر البيان حدوث هذا بالرغم من الهجوم الإعلامى على الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية فى استخدام الدعاية الدينية فى توجيه أصوات المواطنين. أما عن الناخبين والذين كان معظمهم من الأقباط، فقد أجمع غالبيتهم على أنهم يصوِّتون للمرة الأولى لشعورهم بتأمين الانتخابات هذه المرة وتلاشى ظاهرة البلطجة وتزوير الأصوات. وأمام إحدى اللجان قال هانى مينا: إنه جاء ليشارك من أجل تخوفه من الإخوان والسلفيين وخطورتهم على المجتمع، حسب تأكيده، حال سيطرتهم على مجلس الشعب المقبل، وتابع: «نريد دولة مساواة وعدل لا تقوم على التمييز الدينى». - سيدات فقراء على باب اللجنة ورأيت استغلال حاجة سيدات فقراء إلى المال ووقوفهن يحملن أوراق دعاية لمرشح معين من الساعة السابعة صباحا وحتى انتهاء اللجنة ويتحدثن إلى كل من يمر عليهن وتبدأ بكلمة «لو سمحت» فهناك من يقف ويرد عليها ومن يتجاهلها ومن يتعامل معهما بتحقير شديد دون أدنى سبب. والغريب أن دورها لا يتوقف على إعطاء الورقة الخاصة بالمرشح للناخب ولكن تتولى بالشرح التفصيلى كيفية الدخول إلى اللجنة والتصويت لمرشحها. وفى تعاون بين الناخبين وأعضاء اللجان الانتخابية، قام العديد من السيدات المنتقبات فى لجنة مدرسة فاطمة الزهراء بكشف وجوههن داخل اللجان بمنطقة شبرا ، أثناء الإدلاء بأصواتهن بعد طلب رئيس اللجنة منهن كشف وجوههن للتأكد من تحقيق هويتهن.وأعربت بعض المنتقبات عن ارتياحهن لسير العملية الانتخابية، فى ظل توافد المئات من السيدات على اللجان للإدلاء بأصواتهن، مؤكدات أن كشف الوجه جاء كنوع من التعاون مع أعضاء اللجان الانتخابية، على أن تسير الانتخابات بشكل منظم، ولتفادى أى مشاكل تعوق العملية الانتخابية.