ليست رجولة ولا مجدعة ولا عنترية ولا ثورية تجريح المجلس العسكرى صباحاً مساءً، هذا المجلس الذى حمى الثورة واحتضنها ونزل المشير طنطاوى بنفسه فى ميدان التحرير يثنى على رجاله بالوقوف مع الثوار فى خندق واحد. لماذا انقلب عليه الميدان إلى حد أن يقال له «ارحل» وغير ذلك. مما يثير الاستغراب أن يخرج هذا من شعب له عراقته ويفهم معنى الخشا والعيب؟ لماذا لا يصدر قرار بإعدام كل من تجاوز الخامسة والستين من العمر ويصبح المجتمع كله شباب فى شباب؟! أليس هذا النداء على ألسنة شباب الميدان؟! كيف تستقيم المعادلة إذا كان المجتمع كله شباب؟! ألا نخشى عليه من الحماس الذى يصل إلى حد التهور فى إصدار القرارات وربما نخاف من انفلاته «العمرى»؟! لماذا هذه النبرة والرغبة فى إسقاط الأبوة والنضج والخبرة؟ لماذا العداء للشيب؟ هل كل شاب هو حكيم زمانه وسقراط جيله؟ تعقلوا فى الأمور، فما أكثر كفاءات البلد التى تجاوزت الخامسة والستين. العمر ليس بالسنين، إنما بتجربة الإنسان، وفى نيجيريا البلد الأفريقى الكبير «مجلس المائة عاقل»، إنه يخطط لنيجيريا الغد إنهم عقلاء البلد يثقون فى رؤيتهم ولا يتندرون بسذاجة على أعمارهم«!» لماذا لا نعى تجارب الدول؟ إن د. الجنزورى - ولا أعرف كيف ارتضى هذه المهمة العسيرة الصعبة الخطرة فى تشكيل حكومة إنقاذ، إننى أثق فى حسه السياسى وفى خوفه على مصر وفى تخطيطه وذهنه المرتب، ولكن هذه معايير تصلح لمجتمع راسخ ثابت آمن وليس لمجتمع على كف عفريت وغير ثابت وغير آمن وفوضاه أكثر من استقراره كيف يشق د. الجنزورى - المحترم تاريخاً - طريقه إلى مجلس الوزراء وهل سيقبل كل السهام التى ستوجه إليه؟ لقد ذهلت عندما كنت أتابع نشرة أخبار التليفزيون المصرى ووجدت المذيع يقول إن د.جنزورى اجتمع للمشاورة بممثلى ميدان التحرير وإذا بمداخلة من مسئول ائتلافات شباب يقول إن هؤلاء لا يمثلون الميدان ولا علاقة لهم بالميدان «!!» وذهلت وأنهى المذيع المداخلة بالشكر الجزيل وتساءلت بحيرة «حجم الأفق»: من هم - بالضبط - الشباب الذين يفوضهم الميدان للاجتماع بالرجل رئيس الوزراء المكلف بالإنقاذ؟ وما الحال إذا خرج فصيل آخر وأعلن أن هؤلاء لا يمثلون ميدان التحرير؟! كنت أظن أن اختفاءها مقصود وأنها تعد بحثاً اجتماعياً عن «مصر الثورة» والشرائح الاجتماعية، فهى موهوبة حقا فى البحث الاستقصائى الميدانى، وكنت أظن أنها تعد مقالات تتفق فيها مع «الأهرام» ليتوالى نشرها فهى كاتبة صحفية تملك المعلومة والرقم والدليل، وكنت أظن أنها فى رحلة ما مع صديقات فهى صديقة صديقه وكنت لم أسمع صوتها منذ شهور ثم فوجئت أنها كانت تستعد للسفر للمجهول.. الموت: بهيرة مختار.