لمرسى جميل عزيز أغنية فريدة فى معناها.. غير مسبوقة وغير ملحوقة فى التقاطها للحظة نادرة فى مرحلة ما من مراحل الحب.. لم يتحدث عنها غير مرسى جميل عزيز. ولمن لا يصدقنى.. أرجوك اقرأ هذه الكلمات من أغنية أكدب عليك التى شدت بها وردة: أكدب عليك لو قلت بحبك لسه.. أكدب عليك وأكدب عليك لو قلت نسيتك همسة.. أكدب عليك أمال أنا إيه؟ قولى أنت أنا إيه؟ اختار لى بر وأنا أرسى عليه أنت حبيبى عشان كنت حبيبى ولا حبيبى عشان لسه حبيبى قول يا حبيبى!!! إنها حالة التباس فى الحب بعد طول العشرة فلا يصبح الإنسان متأكدا من مشاعره هل هو الحب أم العشرة.. أم الاعتياد؟ والآن هل كتب أحد عن هذه المرحلة قبل أو بعد مرسى جميل عزيز؟ الإجابة بالطبع: لا. ولكن السؤال الأهم: هل لو كتب أحد عن هذه المرحلة سيكتب بالتركيز والوضوح والجمال والشاعرية التى كتب بها مرسى جميل عزيز؟ لست أدرى!! فمرسى جميل عزيز حالة خاصة جدا فى ابتكارها للمواقف وتعبيرها عن هذه المواقف وانتقائها لكلمات تساهم فى بناء هذا التعبير بحيث ننتقل معها من حالة التلقى إلى حالة المشاركة أى من مرحلة متابعة مشاعر الشاعر الذى كتب إلى حالة مشاركته الحالة التى كتبها. وهنا أحب أن أشير عليكم بالاستماع مجددا إلى أغنيته العبقرية التى كتبها فى فيلم مولد يا دنيا وغناها الرائع الراحل عبد المنعم مدبولى وهى أغنية طيب يا صبر طيب.. تأملوا كيف صاغت شاعرية مرسى جميل عزيز هذه الأغنية فى كلمات تنتقل بنا من الطرح الفلسفى فى «الدنيا فابريكا بتفرم الإنسان قصدى اللى كان إنسان». إلى الحس الشعبى الذى يصل بنا إلى استخدام كلمة «شى» التى يخاطب بها الحمار دون أن تخدش لنا سمعا ولا ذوقا. حين يقول: يرحم زمان وليالى زمان والناس يا متهنى يا فرحان الدنيا كانت وردة وشمعة ولسه ما اخترعوش أحزان ساعات ألف أزف عرايس وساعات أدور مع نور عرسان وياما كان بيجيلى مزاج ألسوع العزال كرباج ولما أقول شى الزفة تمشى ولما أقول هس كله سمع هس وهكذا نستطيع أن نلمس أن شاعرنا كتب لنا نصا شعبيا فلسفيا تتوازن فيه المعانى والألفاظ والمشاعر والأفكار فى مزيج خاص عنوانه المتفرد.. مرسى جميل عزيز.