منظومة التعليم بين تصريحات وزير وإضراب معلمين. طرفان يعيش كل منهما فى صراع مع الآخر وقد سقط من حساباتهما الطالب الذى لا يعترف أصلا بهذه المنظومة التعليمية فخرج باحثا عن درسه الخصوصى والذى يدفع فيه بنظام ال (ستوب ووتش)، تاركا صراعهما الذى ينتهى دائما بحلول مؤقتة مسكنة غير مجدية. إلا أننا قررنا البحث عن العلاج الحقيقى لإصلاح هذا الكيان التعليمى وحتى نعود جميعا لنقول مدارسنا حلوة نظيفة متطورة. الطالب فيها جاء ليتعلم وليس موظفا يمضى ويمشى! * أين الإبداع؟ أكد د. رشاد أحمد أستاذ تنظيم مجتمع بكلية الخدمة الاجتماعية أن الثورة أحدثت تغييراً فى كل شىء وجعلتنا فى أمس الحاجة لثورة تعليمية بدءاً من مرحلة رياض الأطفال وحتى الجامعة لتخريج متعلم قادر على التعامل مع المعطيات المحلية والحفاظ على مخرجات هذه الثورة. وطالب د. رشاد بضرورة تخفيض كم المعلومات بالمناهج الدراسية إلى النصف فى مرحلة التعليم قبل الجامعى.. مع أنه قد يتهمنا البعض بأننا بهذا المطلب سنتسبب فى إغفال الأساسيات للمادة.. وهذا غير صحيح لأن المتعلم لابد أن يتلقى مناهج سهلة الهضم والفهم ولا تكبل عقله بمعلومات كثيرة. كذلك تفعيل دور الإخصائى الاجتماعى من قبل إدارة المدرسة التى كثيرا ما تفضل حصة اللغة العربية عن تخصيص وقت للتربية الاجتماعية باعتبارها إحدى الكماليات والتى لا تضاف للمجموع، أما بالنسبة للامتحانات فلا ينفع مع هذه الثورة والتى هى نوع من التمرد على الواقع الأساليب التى تتبع فى الامتحانات.. والأمر يتطلب إدخال مفهوم الإبداع فى الامتحانات للوصول إلى حلول جديدة فلابد أن تواكب الامتحانات هذه الثورة بأن تكون أسئلتها إبداعية تقيس ما سوف يتنبأ عنه فى المستقبل مثل أسئلة (ماذا يحدث لو....؟) على أن تكون الإجابات متعددة ومختلفة وإدخال مواصفات جديدة على امتحانات الثانوية العامة وأن تتصف الأسئلة بالتنوع وقياس المستويات العقلية للطلبة والتى تجمع بين التركيز والتفكير معاً بعيداً عن الألغاز والتعقيد. مع توسيع فرص الاختيار فى الأسئلة بحيث تشكل نسبة الاختيار 30% من الأسئلة الكلية للورقة الامتحانية لكل مادة.. وأيضاً مراعاة الجمع فى الأسئلة بين الأسئلة النظرية والربط بين الأحداث الجارية والقضايا والأحداث الموجودة على الساحة دون تعسف. والإبقاء على عقد 3 لجان لوضع أسئلة امتحان كل مادة والتى تقوم بوضع مجموعتين من الأسئلة على أن تختار اللجنة الثالثة مجموعة منهما.. واستبعاد أساتذة الجامعات من المشاركة فى وضع أسئلة امتحانات الثانوية العامة.. والاقتصار على وضعها من قبل المركز القومى للامتحانات والتقويم التربوى. * مهزلة من جانبها تؤكد د. ليلى ابراهيم أبو المجد أستاذ الدراسات التلمودية والأدب العربى فى العصر الوسيط آداب عين شمس على احتياجنا لثورة كبيرة وتعديلات كثيرة فى التعليم لتتناسب مع العهد الجديد وتتلاءم مع النهضة التى تتطلع إليها مصر بعد الثورة والتحول الكبير الذى تعرضت له مصر فى الفترة الأخيرة، فبالنسبة للتعليم العام كما تقول د. ليلى فإنه يحتاج لتعديل كبير، حيث يعتمد على الحفظ والتلقين، حيث يحتاج لخبراء فى الجوانب النفسية والاجتماعية لكى يعدوا لنا الوسيلة لتدريب الأبناء على حرية الفكر وإبداء الرأى وتقييم الأمور، كذلك الظاهرة المؤسفة من تدنى مستوى اللغة العربية فى المدارس وهذه مسألة فى منتهى الخطورة لأنها إحدى مقومات الشخصية العربية. هذا إضافة إلى المدارس الأجنبية والتى انتشرت كثيرا فى الفترة الأخيرة . واصفة هذا بأنه مهزلة فالمسألة ليست تعليم اللغات ولكن فى الانتماء لأن الانتماء الثقافى يمهد للانتماء للوطن ويؤثر على الانتماء بحكم الدراسة، حيث يتأثر الدارس بالثقافة الأجنبية ويبتعد عن الثقافة العربية وبهذا الأسلوب نفتقد انتماء العديد من الأبناء الذين هم مستقبل مصر.. فهذا نوع من الغزو الثقافى المدعم من الدولة وهذا لابد أن يتغير. وتضيف أنها لا تعترض على تدريس اللغات، بل إنها تؤيد تعلمها كلغة وليس كتعليم.. فالمصيبة الكبرى أن امتحانات هذه المدارس تأتى من الخارج.. وأنها تنتهز فرصة العهد الجديد لتفجر هذه القضية الخطيرة قبل أن نفقد جزءاً كبيراً من أبنائنا المتعلمين وهذه قضية مرفوضة ولابد أن نغلق الباب أمامها. * القائد التربوى أكد أ. مدحت مسعد وكيل أول وزارة التربية والتعليم سابقا أن هناك خطة لتطوير التعليم بدأتها الوزارة من 2008 وتنتهى 2012 ولكن للأسف دائما ما تأخذ نتائج التطوير وقتا طويلا حتى تعود علينا نتائجها، ولكنى كمسئول أرى أن الإصلاح يأتى من ثلاثة عناصر: تطوير المعلم والذى تنقطع صلته بالعالم الخارجى بانتهاء دراسته الجامعية، إضافة إلى تطوير المناهج بمعنى أن تكون أكثر واقعية، كما يجب الاهتمام بتطوير المعامل واستخدام التكنولوجيا وذلك بما يتلاءم مع متطلبات العصر خاصة بعد ثورة 25 يناير، أما العامل الثالث فيقع على المدرسة والتى لابد أن يتوافر فيها قائد تربوى يكون على رأس الإدارة المدرسية لأن هذا هو ما سيعيد انضباطها، كما أننا نحتاج إلى إدارة وطنية حكيمة بالمجال التربوى فى جميع المستويات التعليمية بدءاً من المعلم وانتهاء بالوزير. هذه الإدارة لابد أن تمتاز بالمرونة والخبرة والكفاءة وتؤمن بالتسامح والعيش معاً.. والعمل على إدخال تعليم يقوم على اللامركزية فى التنفيذ بحيث يكون كل محافظ فى محافظته ومع قيادات المجتمع المدنى والأحزاب السياسية مسئولاً عن التعليم ويصبح مدير التعليم بالمحافظة وزيرا للتعليم فى محافظته ويصبح لكل مدرسة مجلس أمناء دوره تحقيق جودة التعليم وتنفيذ الاستراتيجيات الحديثة فى التعليم والتقويم.