قبل الثورة كان من يعرف مسئولا فى أى منصب قيادى أو ضابط شرطة يعتبر نفسه مسنودا أما الآن فالكل فى الشارع يدرك أن المسنود الحقيقى الآن هو من له علاقة بأحد البلطجية! ولا يبدو الأمر بالطبع غريبا بعد أن انتشر البلطجية وفرضوا كلماتهم على الشارع المصرى دون رادع وضاعت من نفوسهم كل معانى الرهبة والخوف بعد أن ضاعت هيبة الدولة فى أكثر من محك وموقف وأصبحت الشرطة مكبلة اليدين وفاقدة لشهية العمل وبالتالى أصبح البلطجى الآن هو السند لأهله وأصحابه ولمن يدفع أيضا وزاد من خطورة البلطجية انتشار السلاح الذى أصبح ضرورة لكل بلطجى باعتباره جزءا من هويته الشخصية تختلف نوعية السلاح من بلطجى لآخر حسب رتبة كل بلطجى وأهمية المهام التى يقوم بها بدءًا من المطواة والسنجة مرورا بالخرطوش وانتهاء بالآلى! ومادام الأمر كذلك فلم يكن غريبا أبدا أن تقرر الحكومة بالاتفاق مع المجلس العسكرى تفعيل قانون الطوارئ وإطلاق يد الشرطة لتخسر الثورة بذلك أحد أهم المكاسب التى كانت على وشك الفوز بها وهو إلغاء قانون الطوارئ لكن قرار تفعيل قانون الطوارئ رغم معارضة بعض القوى السياسية له وهى معارضة متوقعة بالطبع لكنه وجد ترحيبا من الكثيرين خاصة البسطاء الذين افتقدوا الأمان لأنهم ببساطة ليسوا مسنودين ببلطجية ويحلمون باستعادة الدولة للهيبة والامان. والغريب أنه حدث خلط خلال الفترة الأخيرة بين شباب الثورة الحقيقيين الذين لديهم وعى سياسيى وفكر وثقافة ويستخدمون سلاح التظاهر السلمى والضغوط المدروسة وبين هؤلاء البلطجية الذين يتحدثون عن الثورة وكأنهم أصحابها هذا الخلط كان واضحا جدا فى أحداث السفارة الإسرائيلية الأخيرة فالبداية كانت من شباب الثورة الحقيقيين الذين مارسوا حقهم فى التظاهر السلمى أمام السفارة والتعبير عن مشاعرهم وموافقتهم وعرض مطالبهم بما فيها طرد السفير الإسرائيلى لكن وجود بلطجية بينهم أنهى الأمر بكارثة وصدامات مع الأمن وإحراق لسيارات الأمن المركزى وإصابات بالمئات وحالات وفيات. والخلط بين شباب الثورة وبين البلطجية أمر أصبح خطيراً لأن هؤلاء البلطجية مهما كانت دوافعهم ومصالحهم إلا أنهم يتكلمون الآن وكأنهم المتحدثون الرسميون باسم الثورة المصرية ولا يتوقفون بالطبع عند الحديث وإلا كان الأمر هينا لكنهم يشعلون المواقف ويخربون البلد بكل أشكال البلطجة التى يتفننون فيها وعلى شباب الثورة الذين يطالبون بتطهير البلد من كل أشكال الفساد أن يطهروا هم أيضا أنفسهم من هؤلاء البلطجية وهى أهم خطوة فى طريق تصحيح مسار الثورة.