هزل.. هذا الذى نراه حولنا فى مصر بعد الثورة، لم أكن أتخيل أننا انحدرنا أخلاقيا لهذه الدرجة المفجعة والموجعة، الكل كشف عن وجهه الحقيقى، النفاق والكذب والانتهازية، وكالعادة، ركب كل هؤلاء موجة الثورة، الجميع الآن يدعى البطولة، وأنه كان على يسار النظام، وأنه كان غير راض ومعارضا لذلك استبعدوه من الدائرة المغلقة حول الرئيس وابنه وشلته الشيطانية، كيف لى أن أصدق الآن رجلا مثل الدكتور حسام بدراوى وهو يدعى البطولة ويقول هنا وهناك أنه كان معارضا أو غير موافق على كثير مما كان يحدث فى الحزب الوطنى المنحل، كيف أصدق ذلك وهو كان أحد مرشحى الحزب المزور طوال تاريخه فى انتخابات 2005 فى دائرة قصر النيل ورسب فى الانتخابات بالتزوير أيضا، ورغم ذلك استمر فى الحزب عضوا، الدكتور مثال لكثيرين أسرعوا بقلب حقيقتهم الانتهازية وركبوا موجة الثورة كى يطهروا أنفسهم ويغسلوا وجوههم القذرة فى تعاونهم مع نظام فاسد ومزور، كيف أصدق كاتبا يمتلك جريدة كان يسبح بحمد مبارك ويسافر معه على طائرته وكان يقول فى كل حوار تليفزيونى وإذاعى وصحفى، أن مبارك هو الذى حماه وقت أن كان كل رجالات الحكومة تتربص به، والآن يكتب بالصفحات عن فساد الرجل وديكتاتوريته، كيف يمكن لنا أن نصدق هذا الكم من الكذب والادعاء ونصدق تلك الانتهازية السياسية، كل من على الساحة الآن، إلا من رحم ربى وهم قلة، لحم أكتافهم كان من فساد مبارك ونظامه الأفسد، الآن خذ حكمة كى تعيش وتقبض، هاجم جارك وكل من تراه يسير فى الشارع وانعته بأنه ابن النظام كى يخلو لك وجه الثورة.. الكل يخون الكل.. الكل يتهم الكل بالعمالة للحزب الوطنى وأمن الدولة وأمانة السياسات.. الحقيقة المرة التى لابد أن نعرفها جميعا، أن كل من تقلد منصبا أو كانت له مصلحة مباشرة أو بالبلدى يأكل عيش فى ظل هذا النظام، كان رجل النظام بشكل أو بآخر، لذلك لا داعى لإدعاء البطولة الشريفة، ومما يزيد الدهشة أن الثورة الشعبية المجيدة، قفز عليها كتاب نصبوا أنفسهم كتاب الثورة، ينظرون ويدعون الفكر والثقافة ويدعون أنهم تنبأوا بالثورة، وأعرف كاتبا منهم طلب قبل الثورة بأيام مقابلة ضابط من أمن الدولة لأنه يريد أن يتم اتصاله مع هذا الجهاز.. وفور وقوع الثورة كان أول من ينادى بسقوط هذا الجهاز، وأعرف مذيعا كان يسبح بحمد النظام وبجمال مبارك وكان يقول أنا أعيش فى حماية الرئيس مبارك وأصبح بقدرة قادر مذيع الثورة! بالفعل نحن نعيش زمن المسخ، زمن النفاق والانتهازية والتخوين والتشكيك كى نصبح كلنا عملة واحدة عملة رديئة غير قابلة للصرف، عزائى الوحيد، أن كل الثورات فى كل العالم منذ بداية التاريخ، يقفز عليها مثل هؤلاء فى بداية الثورة، ثم وبعد قليل من الزمن، تنظف الثورة نفسها كما ينظف البحر نفسه وتقذف أمواجه كل القمامة الموجودة على سطحه والمدفونة فى قاعه، الثورة خلال شهور معدودة ستقذف بكل هذه القمامة التى ترونها، كى يخرج أولادها الحقيقيون ليعبروا عنها ويصبحوا بحكم التاريخ هم رجال الثورة، رجال النصر، لذلك احتفظوا بصور كل من فى الساحة الآن وكل من على الفضائيات الآن، لأنهم بعد قليل سيصبحون ذكرى، نضحك عليهم ونتندر كما كنا نضحك على عز وصفوت وجمال وغيرهم، التاريخ لا يخذلنا أبدا، فقط بعض من القراءة كى يمكننا الصبر على رؤية هؤلاء الانتهازيين.. كلها أيام.