عندما كنت أذهب إلي هذا المجمع التجاري الشهير الكائن بمدينة نصر، كان يلفت نظري وجود عدد كبير من السياس يتكدسون حول منطقة صغيرة للغاية، بل ما كان يزيد من دهشتي هو النظام الذي كانوا يعملون به، فعند كل رصيف كنت أجد سايساً علي أهبة الاستعداد لمساعدة قائد أي سيارة علي أن يوقف سيارته، ولكن ما زادني حيرة هو لماذا كل هذه الأعداد المهولة من السيارات المصطفة صفاً ثانياً بل ثالثاً أيضا لذا قررت أن أخترق مجتمع السُياس وأتعرف من قرب علي هذه المهنة وأفهم لماذا كانوا السبب في تعطيل المرور بينما يتمركز دورهم الأساسي في تحقيق السيولة المرورية. مجدي عطية «50 عاماً» كبير السياس بالمنطقة بدأ مجدي كبائع شاي في الشارع المؤدي إلي أحد المجمعات التجارية بمدينة نصر وكانت هذه المهنة تدر له دخلا يومياً حوالي من 50 إلي 70 جنيها، ولكن إعمالاً بمبدأ أن اليد البطالة نجسة قرر عطية كما يناديه زملاؤه أن يعمل سايساً وهو برضه يكسب له قرشين يساهموا في مصاريف العيال وشغلانة تسند الثانية. ولكن المشكلة الحقيقية التي تواجه عم عطية وغيره من السُياس هي أنهم منذ ثلاثة أشهر جاءتهم مجموعة أخري من السُياس تقول لهم إنهم قاموا باستئجار هذا الرصيف من الحي بمبلغ يقدر ب30 ألف جنيه.. وبالتالي تقوم هذه المجموعة بجمع قيمة الإيجار من سياس المنطقة بمبلغ يصل إلي 100 جنيه يومياً.. وهذا يعني إذا كان مكسب السايس في اليوم يتراوح ما بين 120 و130 جنيها فإن 100 جنيه تذهب للمجموعة المستأجرة ويعود السايس بمبلغ «30» جنيه إلي أسرته. ويضيف عم عطية قائلاً: دفعنا هذا الأمر إلي تحصيل قيمة هذا الإيجار من الزبائن.. فالزبون يأتي ليركن سيارته في مكان عام.. والزبون يدفع حق هذه «الركنة» فبذلك أنا أساعده وهو «يساعدني لله» فهم يدفعون مقابل حراستي للسيارة.. ولا أطلب مبلغاً معيناً ولكن عندما تأتي الشركة لاستئجار الرصيف الذي يسع لاصطفاف من «10» إلي «15» سيارة وتفرض علي كسايس 100 جنيه في اليوم، اضطر لتحصيل هذا المبلغ من الزبون، فافرض عليه دفع 5 جنيهات في التو ومن هنا تبدأ المشاكل مع الحي والشركة المستأجرة والزبائن الذين يطالبون بإظهار إيصال الحي. • ثمن الركنة أما محمد ويطلق عليه زملاؤه اسم «تامر» «20 عاماً» يعمل في هذه المنطقة منذ 7 سنوات بدلاً من «عمه» - يقول نحن نتعرض لظلم بين فمن حين إلي آخر نجد شخصاً يدعي أنه من الحي ويفرض علينا إتاوة وبعد ذلك نكتشف أنه مزور.. وعندما ارفع الشكوي إلي الحي ويأتي الرد عليها و«ينجدوننا» نكون قد دفعنا 5 أو 6 آلاف جنيه. • مصدر رزق سامي محمود «41 عاماً» متزوج ولديه أبناء يعمل سايساً في نفس المنطقة يقول: «هذه المنطقة هي مصدر رزقنا جميعاً فهي تفتح بيوت أكثر من «60» أسرة ما بين من يعول زوجته وأبناءه وبين من ينفق علي والديه.. في بداية الأمر كان موظفو الحي يفرضون علينا إتاوة بسيطة تصل إلي 15 جنيها ولكن بمرور الوقت تجاوزت هذه الإتاوة ال200 و300 جنيه.. وللأسف أن كل مكان نعمل فيه تفرض علينا إتاوة.