في واحدة من الصدامات الساخنة يسعي مئات الأقباط حاليا إلي التمرد علي سلطة الكنيسة فيما يتعلق بحق الزواج الثاني ممارسين ضغوطا غير مسبوقة بما فيها التظاهر أمام وزارة العدل والاعتصام داخل الكاتدرائية والمطالبة باستبعاد الأنبا بولا وهو الرجل المسئول عن ملفات الأحوال الشخصية للأقباط ورفع شعارات تعلن بكل صراحة الرغبة في التمرد علي السلطة الكنسية واللجوء إلي القوانين المدنية فيما يتعلق بمشاكل الأحوال الشخصية. ما يطالب به هؤلاء الأقباط الآن لا يصطدم في الحقيقة بسلطة الكنيسة وإنما يصطدم بتعاليم الإنجيل التي تؤكد أنه لا طلاق إلا لعلة الزني ولذلك يظل الزواج الثاني للأقباط محكوما بتلك القاعدة فلا يوجد طلاق في المسيحية إلا لتلك العلة فقط وفي حالة إثبات الزني يقع الطلاق والطرف الذي لم يزن هو فقط صاحب الحق في الزواج مرة أخري بمباركة الكنيسة أما الطرف الثاني المتهم بالزني فليس له الحق في الزواج الثاني. لكن تلك القاعدة تصطدم برغبات مئات الأقباط في الزواج الثاني ممن يرون أن عدم اعتراف الكنيسة بحقهم في هذا الزواج يحول دون استكمال حياتهم بشكل طبيعي. إلا أن التعارض بين تمسك الكنيسة بتعاليم الإنجيل ومطالبة هؤلاء بفتح باب الزواج الثاني لهم كان يظل دائما في إطار هادئ كانت أقصي درجات سخونته الوصول إلي المحكمة بحثا عن حكم يلزم الكنيسة بالزواج الثاني لصاحبه ووقتها أيضا كانت الكنيسة تعلن بكل صراحة أنها لن تنفذ أي حكم يصطدم بالإنجيل وهو ما حدث قبل عام عندما حصل طليق هالة صدقي علي حكم بالزواج الثاني رفضت الكنيسة تنفيذه ووقتها وأعلن قداسة البابا شنودة رفضه منح تصريح الزواج الثاني بالمخالفة لتعاليم الإنجيل مستخدما عبارة (مهما حدث) في تأكيد منه علي عدم إجبار الكنيسة بأي حال من الأحوال وتحت أي ضغوط علي القيام بعمل ضد تعاليم المسيحية. لكن مؤخرا ارتفعت حرارة الصدام بين الأقباط الباحثين عن الزواج الثاني وبين الكنيسة إلي درجة غير مسبوقة بعد أن قرر مئات الأقباط تنظيم وقفة احتجاجية أمام وزارة العدل للمطالبة بقانون مدني يتيح الزواج والطلاق دون تدخل الكنيسة، وإتاحة الفرصة لمن حصلوا علي أحكام قضائية بالطلاق أن يتزوجوا مرة أخري دون الحصول علي تصريح من الكنيسة، مؤكدين أن صدور مثل ذلك القانون سيعطيهم مرونة أكبر في الطلاق والزواج مرة أخري، أو العودة للعمل بلائحة 1983 التي تضم تسعة أسباب للطلاق، وليس سببا واحدا وهو الزني، كما تصر الكنيسة. ورفع المتظاهرون لافتات «الحق في الطلاق لمن استحالت بينهم العشرة».. ورددوا هتافات «مدنية.. مدنية.. لا للسلطة الكنسية»، «اصحوا وفوقوا يا مسيحيين.. مش هنقول للكهنة آمين.. إحنا إحنا مصريين قبل ما نكون مسيحيين»، «عايزين كنيسة حرة». كما طالبوا بتطبيق اللائحة رقم 38 المعروفة بقانون الأحوال الشخصية لغير المسلمين، وإتاحة الزواج بدون تصريح من الكنيسة أو الطلاق في حالة استحالة العشرة بين الزوجين، أو الاتفاق بينهما علي استحالة العشرة. - معاناة من جهة أخري أقامت مؤسسة قضايا المرأة ندوة بعنوان «قانون مدني للأحوال الشخصية للمسيحيين.. هل ينهي معاناة المرأة المسيحية»؟. وذلك ضمن المشروع الذي أعده مركز قضايا المرأة المصرية، لمناقشة الأحوال الشخصية للمسيحيين، في إطار مشروع تم الإعداد له منذ أربع سنوات تحت شعار «عدالة أكثر للنساء مسلمات ومسيحيات»، بهدف رفع المعاناة عن المرأة المصرية خاصة مع ازدياد نسب الدعاوي المرفوعة في المحاكم من المسيحيين في السنوات الأخيرة بشكل ملحوظ، فيما يتعلق بقضايا الأحوال الشخصية. كما قامت مجموعة أخري من هؤلاء الأقباط بالاعتصام أمام الكاتدرائية والمطالبة باستبعاد الأنبا بولا المسئول عن ملف الأحوال الشخصية. - بيان اتحاد شباب ماسبيرو كان له موقف مما يحدث حيث أصدر بيانا بمثابة خارطة طريق لحل أزمة وذلك ردا علي استمرار اعتصام الأقباط أمام الكاتدرائية المرقسية بالعباسية والذين يطالبون بالزواج الثاني أو المدني بمباركة الكنيسة أكد فيه مساندة الاتحاد حق التظاهر السلمي والتعبير عن الرأي فيما لايتعارض مع قدسية دور العبادة مع الاحترام الكامل للرموز الدينية الكنسية كما أن المطالبة بالزواج الثاني أو المدني لا يجب أن تخرج عن إطار الكتاب المقدس الإنجيل وتعاليم الكنيسة ويقترح اتحاد شباب ماسبيرو أن تفتح القيادات الكنيسة قنوات اتصال وحوار مع المتظاهرين عن طريق الندوات واللقاءات للمطالبين بالزواج الثاني وشرح المفهوم الديني والكنسي لهذا الموضوع الشائك في إطار احتضان الكنيسة للشعب القبطي والعمل بمقولة «لا اجتهاد في وجود نص» خاصة أن دراسة كل حالة علي حدة للمتظاهرين عن طريق قيادات الكنيسة المصرية قد ساعد في حل مشاكل الأقباط المتظاهرين أمام الكاتدرائية بالعباسية مع الأخذ في الاعتبار أن قداسة البابا شنودة قد أكد أن الكنيسة لن تستجيب لأي شيء يخالف تعاليم المسيحية والإنجيل. -الفيس بوك بعض الأقباط قرروا في صدامهم مع الكنيسة استخدام سلاح الفيس بوك مؤكدين أنهم يطالبون بعمل قانون مدني للأحوال الشخصية للمسيحيين وأن هذا لا يعني أبدا أنهم ضد الكنيسة، ولكن هذا المطلب يعد ضد تصور ديني موجود داخل الكنيسة المصرية لا يسمح بالطلاق إلا لعلة الزني وهو ما لا يتناسب مع ضرورة وجود حلول واقعية لقضايا الأحوال الشخصية للمسيحيين. معظم الصفحات التي تم إنشاؤها علي الفيس بوك هي لأشخاص تضرروا من قضايا الأحوال الشخصية للمسيحيين، والقوانين الحالية التي تحكمها، مما دفعهم للمطالبة بقانون مدني يسمح بالطلاق، ولكن مع عدم السماح بتعدد الزوجات والتمسك بالزوجة الواحدة، مع فصل تام للقوانين المدنية عن اللوائح الكنسية. ويري المؤيدون لهذا المطلب أن الطلاق المدني للمسيحيين أصبح حاجة ملحة لا يجب التعامل معها بمنطق كنسي فقط، فالكنيسة تتعامل مع أبنائها من اصحاب المشاكل الشخصية بتباطؤ فلا يجدوا مفر للخلاص إلا بتغيير الديانة وهو ما يتسبب فيما بعد في وقوع توترات طائفية. المؤكد أن الكنيسة صاحبة موقف واضح وصحيح في الالتزام بتعاليم الإنجيل لكن في المقابل لابد من المسئولين عن ملفات الأحوال الشخصية داخل الكنيسة البحث عن حلول سريعة وأكثر عملية لأصحاب المشاكل الشخصية