الثانوية العامة «بعبع» إما أن يتغلب عليها الطلبة أو تتغلب هي عليهم.. فيتحدد مصيرهم ومستقبلهم بناء علي هذه المرحلة وعلي الرغم من الظروف التي مرت بها البلاد وقت الثورة من تأجيل في بدء الفصل الدراسي الثاني وعدم الاستقرار وخوف أولياء الأمور فإن الطلبة هذا العام رفعوا نسبة النجاح عن كل عام لتصل إلي 2,87%.. وطلبة الثانوية هذا العام مختلفون فهم طلبة الثورة والأوائل منهم هم أوائل الثانوية الثورية. التقينا بهم ليرووا لنا قصة كفاحهم وسط أحداث الثورة. مشوار طويل.. عامان يتوقف عليهما مستقبل وتحديد مصير فإما يكرم المرء أو يهان.. رهف محمد عبد الرحمن الأولي مكرر في الثانوية العامة شعبة علمي علوم والحاصلة علي مجموع 409 اختارت الطريق الأصعب، فلم تكتف بالنجاح واختارت طريق التحدي للتفوق وبالفعل وصلت لمرادها.. وقالت لنا: شعرت أنني سأكون من الأوائل لكن لم أكن أتوقع أنني سأكون الأولي علي الجمهورية وزادت فرحتي عندما هنأني وزير التربية والتعليم الدكتور أحمد جمال الدين وفرحة أهلي وفخرهم بي هما السبب الرئيسي لسعادتي.. وهما السبب لما وصلت إليه وسبب لدخولي كلية الطب وبدأت تروي لنا عن رحلة كفاحها بين الكتب المدرسية والدروس الخصوصية قائلة: اعتمدت في دراستي علي ثلاثة أركان: الحصة المدرسية وكتب الوزارة والدروس الخصوصية ولكن ليس في كل المواد وإنما أخذت دروسا في المواد العلمية فقط مثل الكيمياء، والفيزياء، الأحياء والرياضيات والحمد لله الثورة خدمتني وخدمت طلبة الثانوية العامة جميعا، فالامتحانات جاءت سهلة مقارنة بالأعوام الماضية ولأول مرة يوضع امتحان بطريقة علمية، كان امتحان الكيمياء واللغة العربية وضعا بطريقة سليمة وعلمية وليس سهلا لدرجة سهولة الفيزياء.. أود أن أشكر اللجان الشعبية الذين اهتموا بتواجدهم أمام المدارس أثناء الامتحانات. عندما حصلنا علي إجازة نصف العام واندلعت الثورة انشغلت بمتابعة الأخبار في التليفزيون ولكن للأسف لم أستطع النزول إلي التحرير علي الرغم من أنني طلبت هذا ولكن أهلي رفضوا وما استطعت القيام به هو مساعدة اللجان الشعبية في توفير ما يحتاجونه من أكل وشرب ونزلت لتنظيف الشارع معهم. لا أستطيع التعبير عن مدي فرحتي بالثورة فهي إنجاز وأتمني أن يعود الاستقرار إلي مصر ونهتم بالتنمية ونمنع الفساد بكل صوره وأشكاله ولابد أن نهتم بالتعليم بكل مراحله لأن التعليم يعني تقدم البلاد وتطورها.. أود أن أطمئن القادمين علي مرحلة الثانوية أنها مرحلة سهلة إذا كان الاهتمام بها من أول يوم وليس معني أننا أوائل هو عدم حصولنا علي أوقات راحة أو ترفيه.. فأنا في وقت ترفيهي أقوم بعمل مشغولات يدوية بالخرز وأتابع الأخبار وأشاهد التليفزيون ولكن لابد من التنظيم وتقسيم الوقت.. والعمل بمبدأ لكل وقت أذان. فخور أنني مصري «كتاب الوزارة ده رقم واحد عندي» هذه هي الجملة الأولي التي قالها جورج صموئيل عياد صليب الأول في الثانوية العامة شعبة علمي رياضيات بمجموع 5,408 عندما كان يروي لنا رحلة كفاحه الدراسية حيث قال: عندما دخلت المرحلة الثانوية كنت دائما أسمع عن أهمية كتاب المدرسة وبالفعل زاد اهتمامي به بل جعلته المصدر الرئيسي لدراستي ومعه نماذج الوزارة أما الكتب الخارجية فكان استخدامي لها خفيفا. ثم أكمل قائلا: بالطبع أخذت دروسا خصوصية في كل المواد.. الطلبة عادة يتوجهون للدروس الخصوصية لأن مدرسي الفصل ليس كلهم علي درجة من الكفاءة وهناك مدرسون بناؤون ويهتمون بالحصة المدرسية وآخرون يدخلون الحصة لتضييع الوقت.. ولكن مدرستي كل ما فيها من مدرسين هم أكفاء وكانوا يحترمون الطلبة ويقدرون وقتنا وجادون في عملهم.. ولكني كثفت دروسي الخصوصية وقت الثورة لأن تأخر الدراسة جعلنا نقلق علي مستقبلنا ونحتاج إلي مدرس ومرشد يساعدنا في هذه الأيام.. لا أعني بحديثي أنني ضد الثورة بالعكس فأنا افتخرت بكوني مصريا بعد الثورة وسط أصدقائي الأجانب ولكن عندما بدأت الثورة، انشغلت بها وأصبحت متابعا جيدا لكل ما يحدث وتركت دراستي ولكن تأخير بدء الفصل الدراسي الثاني جعلني أنتبه وذاكرت ما فاتني خلال أسبوعي التأخير وسيطرت علي المنهج علي الرغم من أنني نزلت في اللجان الشعبية تحت البيت وأحببت هذا الوقت جدا وكان يوما ممتعا وأصدقائي كانوا يقولون لي: «ما تطلع تجيب كتاب يا جورج تذاكر فيه وانت واقف معانا وماسك شومة» أو «ما تطلع تجيب الكتاب».. فهم دائما يحبون المزاح معي بهذه الطريقة.. في البداية الثورة عطلتنا ولكن ساعدتنا في النهاية، فامتحانات هذا العام جاءت سهلة جدا مقارنة بالعام الماضي، وأنا تقدمت لمنحة الجامعة الأمريكية ورغبتي هي كلية الهندسة قسم ستالايت واليوم تم عرض منحة أخري ولكن من الجامعة الألمانية.. أحب أن أهدي نجاحي لشهداء ثورة يناير وأحداث إمبابة ولجميع شهداء مصر وأتمني بالفعل القصاص من «الناس اللي افترت». الثورة سبب كل حاجة حلوة شروق إمام علي الأول مكرر شعبة الأدبي روت لنا أسلوب مذاكرتها والتي أعانتها علي «بعبع» اسمه الثانوية العامة وقللت من ضغطها النفسي والتوتر حيث قالت: قبل الثورة اعتمدت علي ذهابي إلي المدرسة والتركيز في الحصة المدرسية فالمدرسون عندنا يحترمون الطالب ولا يهدرون وقته فأحيانا كنت أتواجد في الفصل أنا وطالبتان، وكان المدرس يأتي ويشرح بكامل قوته وكان العدد كاملا حتي لو أتيت بمفردي.. بالإضافة إلي الدروس الخصوصية حتي أجمع ما بين كتب الوزارة وملازم الدروس وأحيانا كنت ألجأ الي الكتب الخارجية، أما بعد الثورة فلم أذهب إلي المدرسة فكان القلق والخوف مسيطرين علي أهلي.. تمنيت النزول إلي ميدان التحرير ولكن قوبل طلبي بالرفض خوفا علي وساندتهم معنويا فتابعت جميع الأخبار ونسيت وقتها المذاكرة.. «فعلشان مصر ممكن الواحد ينسي أي حاجة لأنها هي الأهم» ولكن الحمد لله الثورة فادتنا كتير في إلغاء بعض المقرر وفي سهولة الامتحانات. أما عن رغبتي، ففي البداية احترت ما بين الإعلام والألسن ولكن اهتديت للألسن، فاللغات الآن مطلوبة في كل المجالات وأنا أحب اللغات.. بعض الطلبة دائما يطلقون علي الاوائل منا لقب «دحيح» لأنه بيذاكر كتير ويعتقدون أن ليس لدينا أي اهتمامات أخري، ولكن علي العكس فأنا كنت أمارس هواياتي وكنت أخرج في نهاية الأسبوع مع صديقاتي ولكن أهم شيء هو تنظيم وإدارة الوقت لمصلحة الطالب وأهلي هم السبب في تنظيم وقتي. الثورة سبب تفوقي أما أحمد محمد عبدالفتاح فهو مختلف حيث حقق تفوقا وتميزا وهو الأول علي المكفوفين وحصل علي 5,396 وقال: أدرس كل المواد الأدبية ولا نفرق عن غيرنا في الدراسة إلا أننا ندرس علي طريقة «برايل»، لذلك اعتمدت علي الكتب المدرسية المخصصة لنا ولم أعتمد علي كتب خارجية لأنها ليست علي طريقة «برايل» وأحيانا كنت الجأ إليها عن طريق والدي ووالدتي اللذين كانا يشرحان لي ووقفا دائما بجواري.. لم آخذ دروسا خصوصية لأن شرح المدرسين كان كفاية بالنسبة لي واستفدت منهم كثيرا.. أتمني أن أدخل كلية الألسن أو دار العلوم، لم أقرر حتي الآن.. أما عندما تعطلت الدراسة بسبب الثورة فتعطلت أنا أيضا في استذكار دروسي، فالثورة مهمة جدا بالنسبة لي وبالنسبة لمصر بأكملها، فتابعت كل الأخبار ووالدي رفض نزولي التحرير وفقا لظروفي ولكني ساعدت في اللجان الشعبية قدر استطاعتي والثورة دفعتني لتزويد طاقتي وجعلتني أجتهد حتي أستطيع أن أقدم أي شيء لمصر وأجعل مصر فخورة بي مثلما أفتخر بها.