وزير التعليم يوقع خطاب نوايا مع نظيرته اليابانية للتوسع فى آليات التعاون    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الثلاثاء 19 أغسطس 2025    قافلة المساعدات الإنسانية الثامنة عشرة تصل إلى الفلسطينيين في قطاع غزة ضمن جهود مصر المستمرة للإغاثة    القاهرة والدوحة تكثفان الجهود المشتركة لوقف إطلاق النار في غزة    ضبط 108.9 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    إطلاق أسماء 4 نقاد كبار على جوائز أفضل مقال أو دراسة حول الأفلام القصيرة جدًا    وظائف وزارة الأوقاف 2025| تعرف على الشروط وطريقة التقديم    استكمال أوراق الشهادات المعادلة العربية بجامعة بنها الأهلية (للمتقدمين إلكترونيًا فقط)    80 قطارًا.. مواعيد انطلاق الرحلات من محطة سكك حديد بنها إلى المحافظات الثلاثاء 19 أغسطس    ضبط قضايا إتجار بالنقد الأجنبي بقيمة 9 ملايين جنيه خلال 24 ساعة    الداخلية تؤسس مركز نموذجي للأحوال المدنية فى «ميفيدا» بالقاهرة الجديدة    وزير العدل من البحيرة: نعمل علي تطوير ورفع كفاءة دور العدالة    لماذا تسعى نادين أيوب إلى تمثيل فلسطين في مسابقة ملكة جمال الكون؟    علامات خطيرة وراء اضطرابات حرارة الجسم.. تعرف عليها    «التأمين الشامل».. تشغيل عيادة علاج طبيعي للأطفال بمركز طب أسرة العوامية بالأقصر    وزيرا الإسكان والسياحة ومحافظ الجيزة يتابعون مخطط تطوير منطقة مطار سفنكس وهرم سقارة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 19-8-2025 في محافظة قنا    5 قرارات جمهورية مهمة وتكليفات حاسمة من السيسي لمحافظ البنك المركزي    بحضور مدبولي، الإعلان عن توقيع 12 اتفاقية مع اليابان في قطاعات استراتيجية    الإحصاء: 4.22 مليار دولار صادرات مصر لدول غرب أوروبا خلال 4 أشهر    تراجع سعر اليورو اليوم الثلاثاء 19 أغسطس 2025 أمام الجنيه بالبنوك المصرية    ارتفاع أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 19 أغسطس في بداية التعاملات    أمن الجيزة يلقى القبض على قاتل ترزى الوراق    وزير الخارجية يعرب لنظيره الهولندي عن الاستياء البالغ من حادث الاعتداء على مبنى السفارة المصرية    سقوط 21 شهيدا بنيران جيش الاحتلال في عدة مناطق بقطاع غزة منذ فجر اليوم    رئيس الوزراء يلتقى وزير الدولة للاقتصاد والتجارة والصناعة الياباني    الدكتور جمال شقرة: «من النيل إلى الفرات» شعار دعائي للحركة الصهيونية    الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية: تكثيف الهجوم على غزة سيؤدى لأثر إنسانى مروع    الأهلي يواصل استعداداته لمواجهة غزل المحلة    وزيرة التنمية المحلية: الانتهاء من التأثيث النمطي ل332 مجمع خدمات حكومية    بدء تشغيل عيادة العلاج الطبيعى للأطفال بمركز طب أسرة العوامية بالأقصر    وزارة الصحة: "100 يوم صحة" قدّمت 52.9 مليون خدمة مجانية خلال 34 يوما    مركز الأبحاث الإكلينيكية بالمعهد القومى للأورام يحصل على التسجيل والاعتماد    ضبط ترسانة أسلحة بيضاء ومواد مخدرة متنوعة بمطار القاهرة الدولي (صور)    "كلمناه".. عماد النحاس يوضح سبب تغيير مواعيد تدريب النادي الأهلي    وزير الأوقاف يكلف السيد عبد البارى برئاسة القطاع الديني    موعد مباراة المصري وبيراميدز في الدوري الممتاز والقناة الناقلة    بحثاً عن جثمان صغير.. رفع عبّارة نيلية بطهطا ابتلعه النيل أثناء التنزه بسوهاج "صور"    نجلة طلعت زكريا تكشف سر عن أحمد فهمي تجاه والدها الراحل    ياسمين صبري ناعية تيمور تيمور: «صبر أهله وأحبابه»    المحافظات تبدأ حصر «الإيجار القديم» لبناء سكن بديل    جميع ما أعلنته وزارة التعليم عن البكالوريا المصرية الجديدة ومقارنتها بالثانوية العامة (المواد والمسارات وفرص الامتحان)    «زي النهارده».. وفاة الكاتب محفوظ عبد الرحمن 19 أغسطس 2017    هناك الكثير من المهام والأمور في بالك.. حظ برج العقرب اليوم 19 أغسطس    رئيس وزراء السودان يطالب الأمم المتحدة بفتح ممرات إنسانية في الفاشر    تفاصيل إصابة علي معلول مع الصفاقسي    طارق العشري يتحدث بصراحة عن انطلاقة الدوري ويؤكد: الأهلى الأقرب لحصد الدرع.. وتجربة الزمالك ستنجح في المستقبل    "أقنعني وتنمر".. 5 صور لمواقف رومانسية بين محمد النني وزوجته الثانية    فرصة لطلاب المرحلة الثالثة.. تعرف الجامعات والمعاهد في معرض أخبار اليوم التعليمي    رسميًا.. 24 توجيهًا عاجلًا من التعليم لضبط المدارس قبل انطلاق العام الدراسي الجديد 20252026    محافظ سوهاج يُقرر خفض تنسيق القبول بالثانوي العام إلى 233 درجة    مساعد الرئيس الروسي يكشف تفاصيل مكالمة بوتين وترامب    حقيقة إصابة أشرف داري في مران الأهلي وموقف ياسين مرعي من مباراة غزل المحلة    ضياء السيد: الأهلي سيواجه أزمة أمام بيراميدز.. والتسجيل سيدين محمد معروف    ما علاج الفتور في العبادة؟.. أمين الفتوى يجيب    أمين الفتوى: تركة المتوفاة تُوزع شرعًا حتى لو رفضت ذلك في حياتها    هل يجوز قضاء الصيام عن الميت؟.. أمين الفتوى يجيب    هل المولد النبوي الشريف عطلة رسمية في السعودية؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمود خالد : آخر شهداء 25 يناير
نشر في صباح الخير يوم 05 - 07 - 2011

تعجز الكلمات عن وصف العذاب الذى عانى منه الشهيد محمود خالد قطب هو وأسرته فى طريقه منذ إصابته إلى استشهاده ، بالفعل طريق طويل ملىء بالألم والحسرة ، لم يكن الألم ناتجا من جراحه أو من عظامه المسحوقة تحت عجلات سيارة الأمن المركزى.. ولا الحسرة كانت على شبابه الذى ضاع.. بل كان من فرط الإهمال والقسوة التى لاقاها هو وأهله خلال رحلته مع الإصابة ، بل لم يكتف الظلم والظالمون بما مر به خلال تلك الفترة بل حتى بعد موته لم يرحموه.. لم يرحموا جسده الذى أصبح فى حجم الطفل الصغير ، لم يحترموا روحه التى مازالت ترفرف حولهم.. لا بل قادهم الجبروت إلى عرقلة تسليم جثته إلى أسرته ، وإلا التنازل عن تشريح جثته.. بما يعنى التنازل عن القضية التى يرفعها ضد حبيب العادلى !!
هذه هى قصة رحلة محمود خالد منذ إصابته فى يوم الجمعة 28يناير إلى موته يوم 28يونيه.
باب الشعرية
خمسة شهور من العذاب والذل.. بدأت الحكاية كما تروى والدته المكلومة.. « ذهبت أنا ومحمود لنصلى الجمعة سويا كعادتنا ، وبعد الصلاة ذهب إلى عمله فقد كان محمود يعمل « جزمجى » بعد أن ترك دراسته فى السنة الثانية فى الجامعة ليساعدنى فى مصاريف البيت لأن والده منفصل عنا ولا يصرف على البيت..
وفى الساعة الخامسة جاء يبحث عن أخيه إسلام..
فقلت له إنه ذهب عند خاله فى «باب الشعرية ».
فقال لى: سوف أذهب للبحث عنه هناك..
فنظرت له نظرة رجاء وقلت له: محمود أوعى تنزل المظاهرات يا حبيبى، فرد على بابتسامة جميلة لن أنساها ما حييت وقال: « ماتخفيش يا أمى مش هروح ، أنا عايز أتجوز وتشوفينى عريس».
تصمت لحظات وتمسح دموعها ثم تكمل: « وهذه آخر كلمات سمعتها من حبيب عمرى وسندى محمود » وأصبحت الساعة الحادية عشر مساء ، ولم يأت وتجمعنا كلنا فى منزل أبى هنا فى الفجالة وعندما فاض الكيل ودب فى قلبى الرعب.. نزلت أنا وخالته رمسيس.. ووجدناه مشتعلا.. فانهارت أعصابى.
مستشفى الهلال
وذهبت ل « مستشفى الهلال » لأسأل عليه ، كان المشهد فظيعا ، شباب كثيرون « زى الورد » يملأون الثلاجات فى المستشفى ، وكان أملى أن أجد ابنى مضروبا أو به رصاصة فى قدمه مثلا.. إلا أن الممرض عندما أحضر الكشف وجدت اسم ابنى أول اسم ، وفى العناية المركزة.. وحالته خطيرة..
فقد تعرض للدهس من سيارة الأمن المركزى وضرب بالشوم على رأسه ورصاصة فى عينيه.. وقالوا إن أربعة شبان أحضروه ورحلوا.. وظل حبيبى فى هذه المستشفى 11 يوما ثم قالوا لى إنه يجب أن ينتقل ل « معهد ناصر » لأن قدمه قد سحقت ولا يحتاج فقط لقسم العظام ، بل لأطباء تجميل أيضا ، فقد كانت قدماه مشوهتين تماما.. وما أفظع ما رأيته فى « معهد ناصر » ثم تبكى بحرقه وتعود فتقول : « ياه يا حبيبى على القذارة والحشرات والعذاب الذى رأيته فى معهد ناصر».
قذارة لا توصف
مرت الأيام فى « معهد ناصر » بطيئة والقذارة تحيط بابنى إلى أن وصلت أنه فى يوم وجدت « حشرات الشعر والقرح تملأ جسده » وإذا سألت ممرضة.. تصرخ فى وجهى.. وإذا اشتكيت لطبيب.. يقول لى يا ستى ابنك بيموت فاستوقفتنا متسائلة: « ماذا يعنى بابنك بيموت! ترد على وهى تمسك بجلبابها بقوة وكأنها تحاول أن تضع غلها وغضبها به « قال لى ابنك مافيهوش أمل ، ادخلى أقضى وقت معاه وخلاص » ثم تستكمل وكأنها لا تصدق ما حدث لها ولابنها وما مرا به.. فتقول: كنت أذهب له فى وقت الزيارة المحدد وهو « ساعة » من الثالثة مساء وحتى الرابعة.. وكنت أجده فى حالة مزرية والبول يملأ ملابسه والفراش.. والممرضات يجلسن فى الطرقة يتحدثن ويتضاحكن!!
وعندما يروننى يقولن لى «اخرجى عشان نغير له!!»
فأسألهم « أين كنتم طوال اليوم.. حرام عليكم.. دى ساعة إللى باقضيها مع ابنى !!
فيصرخون فى وجهى » « بس يا ماما إحنا فاهمين شغلنا اخرجى برة».. وتكمل أم محمود باكية: كما أننى كنت أشترى كل شىء على حسابى ، المراهم ، البامبرز ، حتى الشاش.. كنت أصرف أكثر من 051 جنيها فى اليوم وخالاته كانوا يساعدوننى لأنى غير قادرة.
مع الوقت لم أحتمل أن أرى ابنى يضيع من بين يدى وأنا أقف عاجزة.. ذهبت أصرخ أمام قناة الشباب.. وأقبل يد الأمن كى يسمحوا لى بمقابلة « وجدى العربى» إذ علمت أنه يساعد الناس.. وظللت أصرخ حتى قابلته..
وجدى العربى
وكان طلبى أن أنقل ابنى لمستشفى القوات المسلحة والذى بالفعل ذهبت إلى هناك وحاولت إقناع مدير المستشفى بأخذ ابنى عندهم إلا أنه رفض قائلا « لا يجوز أن نأخذ مريضا من مستشفى آخر كان يجب إحضاره لنا فور إصابته.. ولكن الآن لا أستطيع نقله هنا. » ولكن عندما ظهرت فى برنامج «وجدى العربى » اتصل بمدير مستشفى القوات المسلحة الذى وعد أن ينقل محمود بكره.. نعم.. قال « بكره محمود سوف ننقله للمستشفى » وعدى بكره ووراءه بكرة و5 أيام ولم ينقل محمود إلى أى مستشفى !.. فلم أجد إلا الله تعالى أشكو إليه وأبكى « انجد ابنى يا رب ساعدنا يا رب »
باب الأمل..
فوجئت بالسيدة « هبة السويدى»، و«نشوى حافظ» تتصلان بى وتقولان لى «بكرة الصبح يا أم محمود تأتى فى «قصر العينى الفرنساوى » الدور التاسع ومعك كل التقارير والإشاعات لأن محمود فى حالة خطيرة ويجب نقله إلى هنا «الفرنساوى».. تصمت قليلا لتأخذ نفسا عميقا ثم تستطرد وكأنها تركض فتقول «ولم أكذب خبراً ، وجمعت كل تقارير وإشاعات محمود وذهبت إليهم فى الفرنساوى ووجدتهم ينتظروننى ويأخذوننى فى أحضانهم وبكيت بين ذراعيهما وكأنى وجدت طوق النجاة لابنى حبيبى.. وأرسلوا سيارة إسعاف مجهزة لإحضار ابنى ودخل ابنى «الفرنساوى» أشعث الرأس ، ملىء بالحشرات ولحيته تكاد تصل إلى صدره وجسده تملؤه قرح الفراش.. ولكن فى اليوم التالى ذهبت فوجدته نظيفا حالقا لشعر رأسه وذقنه ، رائحة النظافة تفوح من جسده الضعيف.. وبدأت حالته تتحسن.
فأرادت السيدة هبة استكمال علاجه بألمانيا فى الخارج ، لكن العراقيل ظلت تحاصرنا ، والأطباء يقولون إنه لا فائدة من سفره.. فأرسلتنا السيدة هبة إلى مركز تأهيلى « دار المنا » ب 81 ألف جنيه فى الشهر.. هذا غير أنها كانت تدفع لى كل التزاماتى فقد كانت تعلم أن محمود هو سندى وعائلى الوحيد.
ثم تتذكر أم محمود «محمود » وتنظر فى صورته ثم تبكى بحرقة وتقول « آه يا حبيبى.. آه يا فرحة عمرى آه »
وتكمل أم محمود بعد أن تهدأ «بعد أربعة أيام من وجودنا فى «دار المنى» استفاق محمود وكان يقول: «آه.. آه » وينظر لى..
وكنت أطير من السعادة.. وأقول له إنت بتتكلم يا حبيبى.. ثم بدأ يتحسن وسألته فى هذا اليوم « إنت كويس » فأومأ براسه بالإيجاب وابتسم بصعوبة.. فارتاح قلبى قليلا وتركته بعض الوقت.
نهاية الرحلة..
القلق ساورنى فجأة وذهبت إليه لأجد وجهه أزرق وتم نقله للعناية المركزة مرة أخرى.. وظل بها من الواحدة صباحا وحتى الثالثة صباحا.. ثم فارق الحياة بعد خمسة شهور من العذاب والألم.. مات ابنى بعد أن تزوجت بنت خالته ، وحتى لا يفسد عليها فرحتها.. فقد كان محمود ذوق فى موته كما كان دائما ذوق فى حياته.
تبجح وظلم..
لم يكتفوا بما حدث لابنى خلال ال 5 شهور الماضية لا بل أرادوا أن يضيع حقه بعد موته شهيدا..
قالوا لنا إذا أردتم استلام الجثة دون تشريح وقعوا على تنازل عن التشريح ونكتب أنه حادث سيارة عادى.. فجن جنوننا.. ولم نصدق ما سمعناه.. وأصر وكيل النيابة «إسماعيل العزاوى » على عدم التوقيع بالسماح لنا باستلام الجثة رغم أنه يعلم أن النيابة والطب الشرعى قد جاءوا من قبل عندما قدمنا البلاغ، وتم بالفعل الكشف عليه وعمل تقرير من الطب الشرعى بإصابته فى المظاهرات.. بالطبع قمنا بالنزول للشارع وليس أهله فقط بل كل الأطباء فى الفرنساوى والتمريض كاملا.. إلى أن تم استلامه دون التنازل..
واستلمت جسد ابنى الذى كان قد أصبح مثل الأطفال رافعا ذراعيه أمام وجهه وكأنه يستشهد بالله قائلا له « هل رأيت يا رب الظلم.. ارحمنى يا رب »
المفاجأة
وأكثر ما فاجأنى فى الجنازة أم مسيحية كانت تهتف بكل قوة « يا محمود يا محمود دمك فى التحرير موجود » ثم جاءت إلى وقالت إن ابنى محمود هو من أنقذ ابنها من الموت ومات فداء لابنها..
وتكمل أم محمود « يقولون فتنة!! ها هو ابنى يموت لينقذ مسيحيا !! حرق الله قلوبكم مثلما أحرقتم قلبى على ابنى وكانت جنازة ابنى وكأنها زفة لعريس يوم فرحه..»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.