لصبري موسي وجوه إبداعية متعددة فهو صحفي كبير وروائي وقصاص له علامات مميزة في تاريخ الأدب وسيناريست موهوب ولولا ظروفه الصحية ومرضه الذي ألم به منذ سنوات لكان بيننا يغرد بإبداعاته التي لا تنضب، وبعد سنوات من الإهمال من قبل الدولة والجهات الثقافية يظهر اسم صبري موسي - 79 عاماً - هذه الأيام حيث رشحه اتحاد الكتاب برئاسة الكاتب محمد سلماوي لنيل جائزة النيل في الأدب لهذا العام وستعلن الجائزة يوم السبت القادم في اجتماع الهيئة العليا للمجلس الأعلي للثقافة، وهو اختيار موفق من مجلس إدارة الاتحاد الذي رشح موسي من بين أسماء كثيرة نظراً لقيمته وقامته الأدبية الكبيرة. رغم منافسة أسماء ثقيلة لصبري وعلي رأسها الكاتب الساخر أحمد رجب وغيره إلا أن صبري موسي يبقي الاسم اللامع والمناسب للجائزة ليحصدها في حياته - التي نتمني أن يطيل الله فيها - فهو صاحب ومبدع روايات فساد الأمكنة وحادث النصف متر والسيد من حقل السبانخ وكل رواية منها خطت خطاً جديداً في مجال الأدب وخاصة علاقة المكان بالإنسان وحيرته بين مادية الواقع وإنسانية الفرد كما أن له قصصاً قصيرة مهمة من بينها حكايات صبري موسي، مشروع قتل جاره والقميص هذا بخلاف أدب الرحلات التي أبدع فيه بشكل مبتكر ومنها في البحيرات، وفي الصحراء، وغداء مع الآلهة ناهيك عن سيناريوهات أفلامه الشهيرة: البوسطجي، الشيماء، قنديل أم هاشم، رحلة داخل امرأة، حبيبي أصغر مني، وكلنا نتذكر كلمة يحيي حقي عنه حين قال «لقد حصدت نجاح صبري موسي في فيلمي قنديل أم هاشم والبوسطجي وكان الناس يقولون فيلم لحقي وليس لصبري موسي!! وصحيح أن صبري موسي حصل علي تكريمات عديدة من قبل وعلي رأسها جائزة الدولة للتفوق والتقديرية ووسام الجمهورية للعلوم والفنون إلا أن جائزة النيل للأدب تبقي درة الجوائز وتعطي حقا مكتسبا لموسي ناتجا عن إبداعاته الكثيرة والمتنوعة والتي حظيت بإعجاب الجمهور والنقاد معاً فضلاً عن أن فوزه بالجائزة يرفع من معنوياته وحالته النفسية التي تردت بسبب المرض مع العلم بأن كرامة الأديب جعلته يتكفل بنفقات علاجه علي حسابه تجنباً للإجراءات الروتينية التي لا تنتهي وتفادياً لإهدار كرامته بالوقوف علي أبواب الموظفين وهو ينفق علي علاجه منذ سنوات رغم قلة فلوس المعاش التي يتحصل عليها. وقال لي محمد سلماوي رئيس اتحاد الكتاب: لقد رشحنا صبري موسي لنيل جائزة النيل للأدب هذا العام لقيمته الأدبية الكبيرة وحرصنا علي تكريمه في حياته فضلاً عن أنه صاحب إنجازات كبيرة في مجال الرواية والقصة القصيرة وأدب الرحلات وهو واحد من المبدعين المهمين الذين شكلوا بإبداعاتهم مكانة أدبية متميزة في مجال الأدب. وأعلن سلماوي ل«صباح الخير» ترحيبه بأي شيء يحتاجه الكاتب الكبير سواء العلاج علي نفقة الدولة أو تقديم خدمة صحية متميزة له وقد سبق للاتحاد أن قام بجهد ملموس في هذا الاتجاه منذ أكثر من عام وعلي استعداد لمخاطبة رئيس الوزراء لتسهيل كل ما يحتاجه صبري موسي في إطار مراعاة الكتاب والأدباء وعدم إهدار كرامتهم خاصة أن صبري من جيل مظلوم حقه ولا يسوق نفسه وهذا دورنا الذي يجب أن نؤديه. وفي هذا الإطار نقترح علي د. أحمد مجاهد رئيس هيئة الكتاب أن يقوم بطباعة الأعمال الكاملة للكاتب الكبير صبري موسي في هذه المناسبة المهمة مع العلم بأن الهيئة سبق أن طبعت كتبا لصبري أيام د. سمير سرحان ولكن بشكل فردي وليس أعمالا كاملة وقد وعدنا د. مجاهد بالنظر في هذا الأمر كما نطرح إقامة احتفالية خاصة بصبري موسي في مدينته دمياط تشرف عليها هيئة قصور الثقافة، وقد قال لنا سعد عبدالرحمن رئيس الهيئة أنه لا يمانع إطلاقاً في إقامة هذه الاحتفالية لأن صبري موسي رمز أدبي وإبداعي كبير وهذا دورنا ووعد بإقامة هذه الاحتفالية في السنة المالية الجديدة كما طالب بأن يوافق صبري موسي علي طباعة كتب له في هيئة قصور الثقافة حتي نثري جمهور الهيئة بإبداعات الكاتب الكبير. وكانت جمعية مؤلفي الدراما برئاسة محفوظ عبدالرحمن قد أقامت احتفالية لصبري موسي في دار الأوبرا منذ أشهر قليلة وحضرها بنفسه وسعد بها أيما سعادة حيث حصل علي درع الجمعية وشيك بمبلغ مالي واستمتع بشهادات النقاد والكتاب حول أعماله وتسليط الضوء علي قيمتها المدهشة. وقال لي صلاح المعداوي أمين عام الجمعية إن صبري موسي كاتب وروائي وسيناريست مهم جداً ولم يحصل علي حقه المادي والمعنوي فهو من جيل مظلوم جاء بعد جيل العمالقة العقاد ويوسف إدريس والحكيم وإحسان عبدالقدوس ويحيي حقي وينبغي أن تلتفت الجهات الثقافية وعلي رأسها وزارة الثقافة لهذه القيمة الكبيرة في حياتنا وتسعي لتكريمه وإعطائه حقه لأنه قيمة تنويرية أثرت مجالات الإبداع المتنوعة. يذكر أن صبري موسي ولد بمحافظة دمياط عام 1932 وعمل مدرساً للرسم في بداية حياته ثم صحفيا في جريدة الجمهورية وكان من المؤسسين لمجلة صباح الخير منذ انطلاق العدد الأول بها عام 1956 وقام بكتابة موضوعات كثيرة ومهمة وعلي رأسها رحلاته إلي الصحراء الشرقية والبحيرات وتحولت تلك الرحلات إلي حملات صحفية استمرت 30 أسبوعاً وطبعها في كتب فيما بعد أبرزها فساد الأمكنة وغداء مع الآلهة.