ما قاله وزير العدل المستشار محمد عبدالعزيز الجندي عن وجود نصف مليون بلطجي محترف يتم تأجيرهم لليوم الواحد بخمسة آلاف جنيه ليتفرغوا لتخريب البلاد وزعزعة استقراره أمر خطير يؤكد أننا مازلنا داخل دائرة من الخطر المنظم الذي يحيط بنا ويمكن أن ينفجر فينا في أي لحظة وهو ما يحتاج إلي مزيد من الحسم والقوة المشروعة مع كل أشكال تخطي القانون. وما قاله وزير العدل يفرض في الوقت نفسه أيضا مجموعة من التساؤلات أهمها من يقف وراء هؤلاء ومن يؤجرهم ويدفع لهم في ظل وجود معظم رجال النظام السابق إما داخل السجون أو قيد التحقيقات.. وإذا كانت لدي وزير العدل تلك المعلومات الخطيرة والمحددة عن أعداد البلطجية المؤجرين والأموال التي تدفع لهم فالمطلوب أن تبدأ جهات التحقيق فورا في تحديد من يقف وراء هؤلاء والقبض عليهم ومحاكمتهم قبل أن تنجح الخمسة آلاف جنيه في إشعال مزيد من الفوضي في بلدنا. الأمر خطير خاصة أن التصريح لم يصدر عن شخص يجتهد في توصيف الأوضاع من حوله وإنما صدر عن وزير العدل الذي من المؤكد أنه يتكلم بناء علي معلومات محددة ودقيقة.. ورغم وجود عشرات القضايا والتحديات التي تواجهنا لكن تبقي القضية الأولي والأهم هي استعادة الأمن لأنه بدونه لا يمكن أن ينطلق هذا البلد أي خطوة للأمام لا في طريق الإنتاج والتنمية ولا في طريق السياحة ولا في طريق السياسة خاصة أننا نقترب من موعد إجراء الانتخابات البرلمانية والتي يمكن في ظل وجود نصف مليون بلطجي أن تتحول إلي مجزرة وليس إلي انتخابات نزيهة وراقية كما نتمني.. ما قاله وزير العدل له مؤشرات كثيرة تؤيده وتؤكده منها استمرار مسلسل هروب المساجين علي يد بلطجية يساعدونهم بكل الطرق وتحطيم قاعات المحاكم مع كل حكم لا يعجب البعض وازدياد حالات البلطجة والاعتداءات رغم الأحكام السريعة والمشددة من المجلس العسكري وتأجيج نيران الفتنة مع كل حادث صغير ليتحول إلي كارثة.. كل هذه المؤشرات وغيرها تؤكد بالفعل أن هناك بلطجية لديهم استعداد لفعل أي شيء وكل شيء من أجل الخمسة آلاف جنيه يوميا والحسابة بتحسب. ومادام أن هؤلاء طلقاء في الشوارع فالناس ستظل تفتقد الإحساس الغالي بالأمان علي أنفسهم وممتلكاتهم، ولذلك ليس غريبا أبدا أن تعلو الأصوت التي تطالب بتأجيل الانتخابات البرلمانية في ظل الأجواء الأمنية غير المستقرة وليس غريبا أيضا أن يوقع 100 ألف مواطن علي طلب بأن تتولي القوات المسلحة إدارة البلاد فهذه وغيرها بغض النظر عن اتفاقنا أو اختلافنا حولها طلبات تشير إلي إحساس الناس بافتقاد الأمان وهو الإحساس الأغلي لدي الجميع لكن الأهم والأخطر من القبض علي هؤلاء البلطجية أنفسهم هو الوصول إلي تلك الأيادي التي تحركهم وتدفع لهم لأنه بدون الخمسة آلاف جنيه يوميا لن يتحرك هؤلاء البلطجية من أماكنهم. تصريح وزير العدل خطير ومحدد ودقيق وبالأرقام.. أمامنا نصف مليون بلطجي يتم تمويل كل منهم بخمسة آلاف جنيه يوميا ليشيعوا الفوضي ولدينا كثير من الأحداث التي يمكن أن تصبح فرصاً لانقضاض هؤلاء البلطجية فهناك امتحانات ثانوية عامة قادمة وأحداث فتنة ومحاكمات غير مسبوقة وانتخابات برلمانية ولذلك لابد من مزيد من الحسم والقوة المشروعة والبحث عن الأصابع الخفية التي تحرك وتدفع لأشخاص لا يهمهم سوي الخمسة آلاف جنيه والحسابة بتحسب.