جريمة طائفية شهدها الأقباط المعتصمون أمام مبني التليفزيون في تكرار ممل لمشهد مستهلك حدث يوم 2 فبراير وبنفس الملابسات مع اختلاف طريقة الأداء، فبدلاً من رمي المولوتوف من فوق الخيول والجمال تم إلقاء نفس العبوات الناسفة والطلقات الحية من فوق كوبري أكتوبر في حادث يؤكد أن قوي التخريب التي تتحرك بين صفوف الشعب الثائر مازالت موجودة وتقوم بأدوار خفية في بث روح العنف، كما أن الخطاب الإعلامي المتعصب يلعب دورا تحريضيا في هذه الفتنة، ويهاجم المطالبون بالدولة المدنية وكل ذلك يدل علي نشاط منظم يقوم بأدواره في الخفاء. التقينا بعدد من المعتصمين أمام ماسبيرو والذين شهدوا أحداث العنف ليلة السبت الماضي. قال الراهب أنطونيوس أحد المشاركين في الاعتصام من الأيام الأولي أن بعض البلطجية هاجموا الأقباط المعتصمين مساء السبت الماضي أمام مبني الإذاعة والتليفزيون، وأطلقوا الأعيرة النارية والقنابل المسيلة للدموع، حتي إن سكان العمارات المجاورة لماسبيرو قاموا برمينا بالبصل أثناء إلقاء المولوتوف ومع ذلك لم نرد بالإساءة علي أحد، وأضاف: اعتداءات السبت الماضي كانت مرتبة، ونحن نلقي المسئولية كاملة علي وزير الداخلية ونطالب باستقالته حيث تم الاعتداء علينا في وجود الأمن ولم يتقدم أحد منهم لنجدتنا، وأكد أنطونيوس أنه توفي أربعة أشخاص بسبب هذه الاعتداءات وأصيب أكثر من مائة آخرين، ونفي الراهب أنطونيوس معرفته بمن قاموا بهذه الاعتداءات وقال هم من البلطجية. وأوضح أنطونيوس: مطالب الأقباط ليست صعبة التنفيذ ولكنها تحتاج إلي اتخاذ قرارات وإجراءات وأحكام رادعة ضد من يحرضون علي الفتنة، ويرتكبون العنف ضد الأقباط وكنائسهم حتي لا تتكرر هذه الأحداث، إلي جانب تفعيل حق المواطنة للأقباط والمسلمين كنسيج واحد للأمة، وتوحيد قانون دور العبادة، وضبط الهاربين والجناة وتقديمهم للمحاكمة العلنية، وأضاف أنطونيوس: من المطالب أيضاً أن تكون الأحكام رادعة لكل من تسول له نفسه التعدي علي دور العبادة الإسلامية والمسيحية، ومعالجة المناطق العشوائية بالتثقيف الديني والسياسي والحذر واليقظة والكشف عن التمويل الخارجي الذي يثير الفتنة ويعبث بأمن الوطن، كما نطالب بالإفراج عن معتقلي إمبابة وماسبيرو الذين يدافعون عن حقوقهم الشرعية ودينهم وكنائسهم، بالإضافة إلي فتح الكنائس المغلقة. - ألاعيب سياسية أما جمال معوض طبيب في شركة أدوية أكد أن مثل هذه الأحداث لن تنتهي مادامت هناك جماعات متشددة تعبث بأمن الوطن مسلميه ومسيحييه وقال: ما حدث ليلة السبت هيحصل كل يوم مادام هناك خلط بين الدين والسياسة، فإذا كانت ألاعيب السياسة ستدخل في نقاء الدين فهذا لا يصح، مطالبنا ليست كثيرة أن نكون أحرارا في بلدنا، وأن تكون دولتنا محايدة تؤدي ما عليها للجميع، أمام القانون، وأن يتم إلغاء المادة الثانية من الدستور التي تفرض علينا شريعة لسنا مؤمنين بها، ومع ذلك نجد إصرارا علي هذه المادة بصورة كبيرة ولست أعرف لذلك سببا، فأنا مسيحي متدين أتعامل مع كل البشر وكل أصحاب الأديان الأخري ولا أخاف من شيء، لكن الخائف الحقيقي هو من يربط دينه وعقيدته بسطرين في الدستور، لماذا نتمسك بالمادة الثانية التي سببت لنا الضرر وخلقت نوعا من العنصرية، حتي أن الشخص المسلم أصبح قوة لا تناقش ولا يرد عليها، لكن نحن مضطهدون، وعندما نقول نحن أقلية يأتي الكبار من الطرفين ويقولوا لنا «كده عيب متقلش إحنا أقلية دا إحنا نسيج واحد» وعندما نأتي علي أرض الواقع ممنوع ترشيح الأقباط للمناصب الكبيرة لأنهم أقباط إذاً هنا تم الفصل علي أساس العقيدة وهذه عنصرية. وأضاف: عندما ظهر قداسة البابا في وسائل الإعلام وأمر بفض الاعتصام هذا أمر مرفوض ونحن نقول لقداسة البابا الذي تم الاعتداء عليه والذي نرفض التطاول عليه: علي الكنيسة أن تتجه للدين ويترك الشعب يحافظ علي حقوقه وأقول له «اترك ما لله لله وما لقيصر لقيصر»، فنحن نريد دولتنا مدنية لا سلفية ولا إرهابية، ويضيف جمال: بعد ما حدث ليلة السبت نحن ميتون ميتون، يبقي من الأفضل لنا أن نموت في مكاننا أو نسترد حقوقنا. - اليوم أشبه بالأمس وقال دكتور مينا مجدي القس، عضو بالمكتب السياسي لاتحاد شباب ماسبيرو: ما حدث السبت الماضي مثل موقعة الجمل التي حدثت يوم 2 فبراير، وبالفعل هو أشبه بيوم الجمل وأضاف مينا: نحن هنا نحترم كل القيادات الكنسية ونحترم قداسة البابا فهو الراعي الروحي لنا ومع ذلك لن نفض الاعتصام حتي نحصل علي حقوقنا، فإذا كنا نخضع للكنيسة روحياً إلا أننا مصرون علي مطالبنا ونرفض فض الاعتصام. وأضاف مينا: نحن في اتحاد شباب ماسبيرو نرفض الحماية الدولية بجميع صورها، كما نرفض كل ما نشر في بعض وسائل الإعلام من أننا طلبنا حماية دولية. وقال: بعد الهجوم الهمجي الذي قام به مجهولون وقع واحد منهم وعندما قمنا بنقله إلي مستشفي الاعتصام ومعالجته، فوجئنا بعد ذلك بوسائل الإعلام المصرية الرسمية تنشر أخبارا عن أننا قمنا بالاعتداء عليه. وقال مينا: كان شباب الاتحاد وقد أصدروا بياناً أكدوا فيه إصرارهم علي الإفراج عن معتصمي ماسبيرو في الاعتصامين الأول والثاني، كما يرفض البيان تصريحات بعض الشيوخ المحرضين الذين اتهموا المعتصمين بأنهم ثورة مضادة، ويساعدون علي تعطيل العمل وهذه ليست حقيقة، فنحن جزء من ثورة التحرير التي حدثت في 25 يناير، ومطالبنا ليست مطالب فئوية ولكنها مطالب وطنية لأننا مكون أصيل في المجتمع المصري، وأضاف: إذا كان الاعتداء اليوم علي المسيحيين لو انتهي المسيحيون وتركوا البلد فثق تماماً أن الغد سيكون الاعتداء علي المسلمين المعتدلين، ولذا طلبنا في بياننا الأخير انضمام المسلمين المعتدلين للاعتصام مع اخوانهم المصريين أمام ماسبيرو، فنحن كما يقول السيد المسيح «لا يحزننا فعل الأشرار ولكن يحزننا صمت الأخيار». - الحماية والأمان التقينا بفتاة في العشرين من عمرها اسمها يوستينا ملامح الخوف والضعف مرسومة علي وجهها وبصوت مبحوح من كثرة صراخها ومناجاتها للرب تطلب منه الحماية والأمان قالت هذه الفتاة: الموت يحاصرنا في كل الأماكن في بيوتنا وفي الكنائس وفي الشارع أنا خايفة أتخطف في أي لحظة ومش عارفة بكرة رايح بنا علي فين، لن أترك مكاني أمام ماسبيرو أنا هنا مطمئنة أكثر من أي مكان آخر، خاصة أني بين إخوتي من الأقباط قلوبنا علي بعض، وبدل من أن الخوف يفرقنا ما رأيته ليلة السبت الماضي جمعنا، بعد أن رأينا ضرب النار والقنابل التي تلقي علينا من فوق كوبري أكتوبر الخوف انتهي وأصبحت أكثر إصراراً علي الحصول علي حقوقي كاملة ونحن جميعاً اتفقنا علي أننا لن نترك الاعتصام أمام التليفزيون حتي يتم الإعلان بالموافقة علي كل مطالبنا. وأضافت: مطالبنا ليست صعبة نحن نطلب عدم حرق الكنائس ولا لقتل الأقباط وبنقول لا لخطف بنات الأقباط ومش عايزين نعيش في جو مليء بالإرهاب والخوف. - لا للحماية الأجنبية وقال رامي بولس الذي يحمل لافتة ورقية مكتوبا عليها «أنا مصري؛ أنا مسيحي؛ وأرفض الحماية الأجنبية للأقباط، وأضاف بولس: شاركت في جمعة الوحدة الوطنية إيمانا بالقضاء علي هذه الفتنة؛ لأنه لا توجد فتنة حقيقية؛ ولكن لعبة سياسية يقوم بها بعض المستفيدين من النظام القديم؛ ولذا علينا بالقضاء علي الفساد الداخلي «مش عايزين نقول أمريكا وإسرائيل لكن الفساد موجود في الداخل»؛ وهذه الفتن تحتاج لسيادة القانون والدولة المدنية التي تقوم علي المساواة والمواطنة؛ ومعاقبة كل من يحرض علي الفتنة؛ هذا إلي جانب أن يكون التعليم حقيقيا يحث علي نبذ العنف والفرقة؛ ويعمل علي ترسيخ مبادئ الوحدة والتمسك؛ وأضاف بولس: علي رجال الدين دور مهم في القضاء علي الفتنة، لكن بعد تغيير لهجة الخطاب الديني وتنقيحه؛ لكن الخطاب الحالي يثير الفتنة لدي الطرفين. وقال بولس: من الأشياء الجميلة التي وجدتها في الميدان في جمعة الوحدة أن هناك أناسا كثيرين مسلمين ومسيحين لديهم إحساس قوي بخطورة القضية ويعملون بالفعل للقضاء عليها. - وقف الاضطهاد وقال علاء عادل أحد المعتصمين أمام ماسبيرو «أنا حاسس أن التيار السلفي أصبح هو القاعدة؛ كما أن الإعلام كله ضدنا يقول «اقتحموا التليفزيون» والتليفزيون نفسه كذب هذه الشائعات. وأضاف علاء: نحن نبحث عن وقف الاضطهاد؛ وسيادة دولة القانون؛ بدلا من إحساسنا الدائم بأننا مواطنون درجة ثانية؛ نواجه العديد من المشاكل؛ ويأتي لنا محمد حسان عشان يحل المشاكل؛ ويقدم لنا الحماية؛ أنا مش عايز حماية محمد حسان أنا عايز حماية القانون؛ وأضاف عادل: بعد30 سنة من القمع والفساد والاضطهاد والسرقة من حقي أقول أنا مش عايز رئيس مسلم تاني؛ لكننا لن نفعل ذلك لأننا نحب بلدنا ونسعي إلي استقرارها. وقال: لم يوجد واحد مسيحي اتمسك جاسوس لإسرائيل؛ لأننا نحب بلدنا ولا نطلب أكثر من حقوقنا في احترام أصحاب الأديان الأخري؛ كما أننا لم نطلب الحماية الأجنبية فنحن وإن كنا أقلية؛ فهذه أقلية عددية؛ ولسنا أقلية وافدة علي المسلمين؛ ونحن أيضا نعبد الله ولسنا مسئولين عن جهل الآخرين بنا. - اسمعونا وأضاف عبدالله عزت: الهدف الكبير من وجودنا هنا أمام ماسبيرو هو حماية البلد؛ نحن هنا لتخريج الطاقة الموجودة بداخلنا وبنقول للمسئولين اسمعونا؛ المسيح قال لنا «حبوا أعداءكم»؛ «باركوا لاعنيكم»؛ وبالتأكيد كل ما المسيحي يحب دينه أكثر سيحب الآخرين أكثر؛ هكذا أمرنا المسيح؛ أنا شخص مسيحي لا أحمل سلاحا؛ ولكننا جئنا هنا للبكاء فقط؛ نحن مضروبون وجئنا نبكي؛ ولسنا ضاربين، عمرنا ما فجرنا مسجدا، لكننا نبحث عن التصدي لجميع أعمال العنف التي ترتكب ضد دور العبادة مساجد وكنائس؛ من خلال سيادة القانون والمحاكمة العادلة في التعامل مع جرائم العنف الطائفي ومن يعمل علي التحريض ونشر الكراهية الدينية. - دعوة صباح الخير بعد أحداث السبت الماضي أصبح مصير الوطن أكثر وضوحاً إما بلطجية وفلول وإما إخوان وسلفيين وجميعهم لا يجيد العمل السياسي، لكن مصالح خاصة وتمويلا خارجيا يساعدهم في العبث بأمن الوطن، وعلي الجانب الآخر هناك مطالب ليست صعبة التحقيق، ومخاوف موجودة بالفعل داخل الجميع مسلمين ومسيحيين ولذا نحن في صباح الخير ندعو الجميع إلي التماسك ونشر روح الوحدة الوطنية التي ظهرت أثناء ثورة 25 يناير والوقوف معاً جنباً إلي جنب حتي نصد الهجمات والتهديدات التي تأتي من جماعات تعتقد في نفسها أنهم حماة الوطن والدين، فأشعلوا نار الفتنة وزاد بسببهم ميراث الكراهية بين الطرفين، في حين أن الخاسر سيكون الجميع ليس طرفا دون الآخر، ولذا نطلب من الجميع الالتزام بأسس المواطنة ومبادئها حتي يستطيع ولاة الأمور إدارة شئون البلاد، وحتي يكون الولاء والانتماء للوطن فقط وليس لأفراد أو جماعات، وأن يكون الدين إيمانا وعقيدة تتجسد تعاليمه في المشاركة الوطنية.