فاروق حسني يا سبحان الله، كلهم كانوا ضد مشروع توريث مصر لجمال مبارك! وكلهم كانوا يرفضون أن يأتي جمال مبارك رئيسا لمصر! وكلهم قالوا ذلك علانية وجهارا نهارا للرئيس السابق مبارك، وكلهم بسبب هذا الموقف التاريخي دفعوا الثمن! ما كل هذا الهراء والسخف الذي يخرج به علينا رجال ورموز ونخبة وأهل الحكومة وأهل خبرة وأهل ثقة وأهل همبكة وهات يا لت وعجن حول بطولات وأوهام! كلهم بدون استثناء كانوا أبطالا ورفضو ا وعارضوا فكرة أو مشروع التوريث، ومع ذلك بقوا في مواقعهم ومناصبهم وكراسيهم حتي يوم 25 يناير الماضي! كلهم وبدون استثناء طبلوا وزمروا وهللوا ورقصوا عشرة بلدي دائما - وأحيانا عشرين وثلاثين بلدي - والآن ينكرون ويستنكرون وينددون ويهاجمون دون ذرة خجل! في كل الحوارات الصحفية - المكتوبة والمرئية - منذ سقوط النظام وحتي الآن مع هذه النخبة من أهل الحكم أو أهل الصحافة والثقافة، يتذكرون أنهم قالوا لا للتوريث.. بل قالوها بأعلي الصوت حتي إنه دفع ثمن ذلك، أما الثمن الباهظ الذي دفعه فكان «تجاهل» السيدة سوزان داعمة وصاحبة مشروع التوريث، نعم تجاهلها له أو زعلها منه وليس فصله وتشريده وإقالته مثلا. لقد أشادوا وتباروا في الإشادة بعبقرية «الوريث» في كل المجالات من السياسة إلي الفكر، ومن الاقتصاد إلي إعادة بناء الحزب، ومن الخصخصة إلي موقفه التاريخي في مباراة مصر والجزائر الشهيرة، بل إن أحدهم أصدر كتابا كاملا عن جمال مبارك منذ حوالي خمس سنوات يتجاوز الثلاثمائة صفحة، فيه التحليل والتنظير والتفكير والتدبير في ظاهرة جمال مبارك! وعندما كان الوريث يدلي بحوار لإحدي الفضائيات العربية مثلا كانت الصحافة القومية - يومية وأسبوعية - تتنافس علي إعادة نشر الحديث بمانشيتات وعناوين وإشادة وتحليل لمضمون الحوار. أغلب هذه الصحف هي التي انقلبت علي التوريث وسنينه وأوهامه! تداعت كل هذه الصور أمام عيني عندما انتهيت من قراءة الحوار المهم الذي أجرته الزميلة مني مدكور لصحيفة الشرق الأوسط يوم الأربعاء الماضي 11/5/2011 مع الفنان الوزير الأسبق فاروق حسني وقال فيه بالحرف الواحد: أنا سعيد أن مشروع التوريث فشل وقد كنت معارضا له تماما منذ تداوله سرا لأول مرة منذ سنوات، والرئيس مبارك كان يعلم رأيي في ذلك تماما، بل إن مبارك نفسه كان رافضا لكي يكون ابنه جمال رئيسا، ولكن للأسف اتجاه الريح كله كان أكبر من رغبته الحقيقية ما بين ضغوط الأسرة والتوجه العام للحزب الوطني، ولو كان جمال أمسك الحكم كان سيكون أسوأ شيء حدث في مصر في تاريخها الحديث! ثم يقول فاروق حسني إن علاقته بالسيدة سوزان «لم تكن علي ما يرام في السنوات الأخيرة! بسبب ملف التوريث وهي عرفت ذلك، وقد كانت البوصلة الخاصة بها تتجه بقوة إلي هذا الأمر». والحقيقة التي اكتشفتها بعد تأملي للكلام السابق، وغيره من أحاديث السادة سواء «أهل طرة» أو «الثعالب الصغيرة» التي أفسدت الكروم في بر مصر إنهم كلهم: د. فتحي سرور، الأستاذ صفوت الشريف، حبيب العادلي، أحمد عز، د. مفيد شهاب ومئات غيرهم كانوا ضد مشروع التوريث. ولأنني مواطن بلا عقل، فإنني أكاد أصدقهم، حيث إننا لم نضبط أحدهم يوما متلبسا بجريمة «الكذب» - ربما جرائم أخري - فإنني أكاد أجزم وأقول إن الشعب كان يريد توريث النظام! وليس فاروق حسني أو غيره! نعم أمي وأمك، أبي وأبوك، عمي وعمك، خالتي وخالتك - الله يرحمهم - هم الذين كانوا يريدون توريث النظام!