لا تستهينوا بالأفكار، لو بطلنا نحلم نموت، نحن لن نتوقف عن أن نحلم بتحرير فلسطين والصلاة في المسجد الأقصي تحت راية الإسلام. أول الغيث في الانتفاضة الفلسطينية الثالثة سيبدأ بإذن الله يوم الأحد 15 مايو، علي أن يسبقه في يوم الجمعة القادم تظاهرة ضخمة بميدان التحرير تأييدا للانتفاضة، ثم التحرك سلميا يوم السبت باتجاه الحدود، كجزء من التحركات الشعبية المبتكرة التي دعت لها صفحة الانتفاضة الفلسطينية الثالثة وغيرها من الصفحات العديدة التي أنشأها الشباب للدعوة للانتفاضة عبر موقع الفيس بوك، إنها قطرة تتبعها في المستقبل قطرات ورعد وبرق بإذن الله. هذه التحركات السلمية مع حلول ذكري الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين هي إحياء لوهج القضية الفلسطينية. هي تذكير بأن فلسطين ستظل في الوجدان، وهي في الوقت ذاته تهديد للعدو الإسرائيلي بأن العمل علي تحرير المسجد الأقصي والأراضي المقدسة هو إيمان لن يتزعزع في عقيدتنا مهما مر الزمن ومهما سادت الغيوم وهو الأمر الذي تعبر عنه علي الفيس بوك صفحة «لن نهدأ حتي تحرير المسجد الأقصي ثوار الإنترنت» وغيرها من الصفحات المشاركة في الدعوة للانتفاضة، ومنها صفحة «أنا مصري مع الانتفاضة الفلسطينية الثالثة»، التي دعت في الجمعة الماضية لمظاهرة أمام السفارة الإسرائيلية، فبدت كإحدي البشائر الأولي التي تشير إلي أن ما سيشهده التحرك الشعبي في ذكري النكبة سوف يعبر عن واقع جديد يتناسب مع روح الثورات العربية التي انطلقت في المنطقة معلنة بأننا في عصر الجماهير، وبأن صوت الجماهير هو الذي صار يصنع الخريطة السياسية الجديدة. في تلك المظاهرة أمام السفارة الإسرائيلية رأيت شبابا كالورد يحملون مكبرات الصوت، وزملاء لهم يجهزون الحبال التي يوثقون بها اللافتات في أعمدة النور وغيرهم ممن يقوم بإهداء بعض الواقفين لافتات للمساهمة في حملها. إخلاص في العيون وأمل فوق الجباه، وحماس تعبر عنه الحناجر، فتاة من مدينة 6 أكتوبر اسمها «إيمان» ما إن أبديت لها إعجابي بمجيئها كل هذا الطريق من أجل المشاركة في الانتفاضة حتي أجابت بأن أمنيتها هي أن تقدم أكثر من ذلك بكثير للأرض المقدسة، ثم عرفت من «توتا الجوهري» الواقفة معها كيف أنها قد جاءت خصيصا من المنصورة للمشاركة، بعد أن عرفت بالموعد عن طريق صفحة «أنا مصري مع الانتفاضة الفلسطينية» وغيرها من الصفحات الداعية للانتفاضة الفلسطينية الثالثة، وروت كيف أن وصولها إلي مقر السفارة قد استدعي أن تسأل أحد المارة عن الطريق إلي السفارة الصهيونية، فأجابها مع ابتسامة أن أسهل وصف للطريق هو أن تتوجه باتجاه صوت الهتافات التي كانت قد بدأت تظهر خيوطها الأولي محمولة عبر نسيم النيل المتسع عند كوبري الجامعة، وكأن صفحته الممتدة تشارك الحناجر المتحمسة في الهتاف بالشعارات الرافضة لتصدير الغاز المصري إلي إسرائيل، والمطالبة بإنهاء الاحتلال. ولقد حرص المتظاهرون علي عدم إغلاق الطريق أمام السيارات أو تعطيل المرور، إلا أن غالبية السيارات هي التي كانت تحرص علي تهدئة السير والتلويح بعلامة النصر، وكذلك الدراجات البخارية التي كان بعضها ينقل أسرا مكونة من أب وأم وأطفال حيث كان قائد الدراجة البخارية يقلل من سرعتها للمشاركة هو وأسرته في الهتاف قبل مواصلة السير في طريقه. رأيت أيضا رجلا ومعه ابنته الشابة التي لم تتمالك دموعها، إنها دموع فيض الوجد بفلسطينية ذكرت لي أنها قد شعرت كأن الدنيا تكاد ألا تسعها من التأثر وهي تري علم بلدها يرفرف شعبيا في مواجهة علم إسرائيل.