تحقيق - يارا سامي - شاهندة الباجوري - ياسمين خلف بعد أن أثبتت ثورة 25 يناير أن العصر الذي نعيشه هو عصر الإنترنت والفيس بوك، وأنه مكان تجمع الشباب اتجه إليه بعض الطامعين في الحياة السياسية لتعريف الناس بهم، والترويج لأفكارهم، ومنهم السلفيون أصحاب مبدأ رفع السيف. وقد تطور الوضع لدرجة نشوب خناقات عنيفة علي صفحات الإنترنت بين السلفيين ومعارضيهم وخاصة الإخوان. «صباح الخير » رصدت هذه الخلافات . عندما ندخل إلي الصفحة الرئيسية للسلفيين علي الفيس بوك، سنجدهم قد رفعوا شعار «كن من أصحاب الحسنات الجارية عبر النت» وذلك لتشجيع الزائرين علي الدخول إلي صفحتهم عن طريق إيهامهم بأن مجرد دخولهم هو حسنة جارية وستجد أيضا مجموعة من النصائح التي يحثون الناس علي الأخذ بها من أهمها: معا لنقضي علي الدولة المدنية الكافرة، ساعدونا في بناء جيش مصري قوي، والسلفيون يريدونها إسلامية. ولم يكتفوا بهذه النصائح، بل إنهم كتبوا أعلي هذه العبارات: انشرها فالدال علي شيء كفاعله. ووصل الأمر إلي وضع مقاطع فيديو لأجزاء من مؤتمراتهم واجتماعاتهم وأبرز هذه المقاطع هو وقائع المؤتمر السلفي الذي أقامة الشيخ عبدالمنعم الشحات - المتحدث الرسمي باسم الدعوة السلفية، الذي تحدث فيه عن تاريخ السلفيين وعن كيفية مساندتهم للثورة وللثوار الشباب وأيضا أفكارهم بشأن إقامة دولة إسلامية تكون بعيدة كل البعد عن الدولة المدنية. - السلفيون يهاجمون الإخوان وكما يستخدم السلفيون الإنترنت والفيس بوك للإعلان عن أنفسهم، والترويج لأفكارهم وأهدافهم فهم يستخدمونه أيضاً لسب وقذف الإخوان ومعارضة أفكارهم وتوجيهاتهم، فقد وصل الأمر إلي تبرؤ السلفيين منهم، حيث أعلن د. ياسر برهامي المفكر السلفي من خلال صفحات الفيس بوك أن الجماعة الإسلامية أصلها سلفي نقي لكن الإخوان أثروا فيها بعد خروجهم من سجون العهد الناصري، وقد أكد علي هذا قائلا: خرج الإخوان المسلمون من السجون والجماعة الإسلامية موجودة علي أرض الواقع بمنهجها السلفي النقي، وفي بداية الأمر لم يحاول الإخوان إظهار فارق كبير، وكانوا يحافظون علي الهدي الظاهر، ولم يتعرضوا للكتب السلفية التي ندرسها، وظل الأمر علي ما هو عليه إلي أن قويت شوكة الإخوان ومع محاولة فرض منهجهم علي الجماعة. من هنا نشأت الحرب الباردة بين الإخوان والسلفيين، فالسلفيون يدافعون عن أنفسهم وينتقدون تصرفات الإخوان. فيقول «خالدالشافعي» في موقع علي «الفيس بوك» باسم «السلفيون والإخوان خصوم أم شركاء»؟ جماهير الإخوان مشغولة اليوم بهجوم ضار علي السلفيين هجوم لم يترك للسلفيين حسنة، فهم خونة وعملاء للنظام، كما يقولون، أما السلفيون فيردون: كنا نعتقل ونمضي السنوات في المعتقلات فلا يوجد شيخ سلفي واحد لم يعتقل ولا شاب سلفي لم يتنزه مرات ومرات في مقرات أمن الدولة، كنا نعمل بما نعتقد نحن أنه دين، لا بما يعتقد الآخرون، كنا نمشي في الشارع بلحية ظاهرة، كنا نعتقل من الميكروباص ومن القطارات وكنا نحول إلي العمل الإداري ونمنع من الوظائف، فما أرخص هذا من اتهام يبوء به أصحابه.. ويقول خالد: أفهم من ذلك أن يتهم السلفيون مثلاً بضعف الخبرة السياسية أو الافتقار إلي القراءة الصحيحة للواقع، كل هذا ممكن أن أفهمه، لكن الذي لا أفهمه هو الطعن في النوايا والاتهام بالتخوين.. أما في هجوم السلفيين علي الإخوان فيقول خالد: أدعو الإخوان أن يصمتوا عن «وفاء قسطنطين وكاميليا شحاته» الآن، ورغم اعتراف شنودة بأنهما عنده ومع ذلك ولحسابات المرحلة وتكتيكات الجماعة الخاصة، فليس هذا وقته، ولحساب المرحلة أيضا يضمون نصاري للجماعة ولحسابات المرحلة تم إرسال تطمينات للخارج والداخل بأنهم لم يريدوا كرسي الرئاسة ولا حقائب وزارية ولحساب المرحلة يستنكرون الحديث عن المادة الثانية بدعوي أنها غير مطروحة للتعديل بالرغم من أن هذا لا علاقة له بالواقع، بل علي العكس. أما بالنسبة لحكاية علماء السلفية بأنهم غيروا فتواهم فأقول: ما العيب في ذلك مادام تم علي نفس الأصول وبنفس المنهج وفي أضيق الحدود، وفي ظل واقع بتغيير كل دقيقة.. فاتهام الإخوان للسلفيين في أنهم لم يشاركوا في الثورة أو شاركوا علي استحياء، فهذا من غمط الناس وجحد الحق، بل الحق الذي عليه ألوف الشهود والموثوق بالصوت والصورة أن السلفيين كانوا بالألوف في ميدان التحرير وكانوا في الصفوف الأولي للثوار يوم «معركة الجمل» فهم من صنعوا انتصار هذا اليوم«!!». أما حكاية القفز علي الثورة فيقول السلفيون للإخوان: أعلنتم قبل الثورة أنكم لم تشاركوا، وأعلن الدكتور عصام العريان أنكم لم تلقوا بثقلكم إلا بداية من اليوم الثالث أو الرابع، وبما أننا في مقال مصارحة فوجهة نظري أنه لم يكن عندكم بدائل لأن فشل الثورة كان يعني مذبحة للإخوان بعد أن ألصقها بكم النظام من أول يوم. ومن الشباب الذين أبدوا رأيهم في هذا الكلام «محمد فتحي» بقوله: الإخوان لم يسلموا من هجوم السلف في وقت كنا نتمني أن نجمع صفوفنا ونقف في وجه الطغيان، حتي أثناء الثورة كنا نشعر أن السلف يحاولون أن يوقفوا الثورة بتصريحاتهم الغريبة وكان الجميع يهاجمون الثوار ولكن أجزم أن الناس فقدوا الثقة السياسية في مشايخ السلف وإن كانت ثقتهم الدينية فيهم أفضل كثيراً من شيوخ الأزهر الشريف. ومن أغرب الردود التي أثارت اهتمامي هو رد خالد الشريف فيقول: السلفيون هم أول من بدأوا الهجوم علي الإخوان وكلمة العمالة والتخوين لم نقلها بل خرجت من وثائق أمن الدولة، ومتي اعتقل السلف؟ ومتي حولوا لأعمال إدارية، دا الواحد منهم بينزل علي كمين يقلهم «أنا سلفي» يريحوا علطول، دا حصل قدامي أكثر من مرة، ووظائف إيه إللي اتمنعوا عنها! دا مشاريع السلف تملأ الدنيا ولا أحد يقترب منها ، فهذا الكلام عار تماما عن الصحة. - «الإخوان يردون» وكما أصبحت صفحات الفيس بوك والإنترنت وسيلة ومعقلاً لهجوم السلفيين علي الإخوان أصبحت أيضا مجالا لرد الإخوان عليهم وذلك من خلال بعض الصفحات الموجودة علي الفيس بوك، فقد أنشأ الإخوان صفحة بعنوان «الإخوان ينتقدون السلفيين» قام بزيارتها حتي الآن 7264 زائراً تنوعت آراؤهم ما بين مؤيد ومعارض وتحتوي هذه الصفحة علي انتقاد لاذع للسلفيين من قبل الإخوان مثل راضي عبد العزيز الذي يهاجم السلفيين قائلا: أنتم عار علي الإسلام والإسلام بريء منكم فهو لم يحث أبدا علي تهديد النفس وتخوينها كما أنه ترك للناس حرية العبادات وليس هذا فقط بل إنه أوصي بأهل الذمة خيرا. فرد عليه شاب سلفي يدعي عمار شحاتة: لا تتحدث عن الإسلام لأنك لا تعرف عنه شيئا، يكفي حالة التخبط التي تعيشونها فحتي الآن لم تستقروا وتعرفوا: هل ستكونون مسلمين أم ستدخلون لعبة السياسة وتتركون الدين لأصحابه المتدينين حقا؟ كما أنني لا أري مشكلة أبدا في أن نجعل مصر دولة إسلامية قوية كما كانت أيام الرسول «ص» والصحابة. - «اخطفني شكرا» ولم يكتف الإخوان بالرد علي السلفيين فقط بل إنهم خصصوا صفحات وجروبات للتعليق علي ما يفعله السلفيون من أمثالها: جروب يا سلفي اخطفني شكرا تعليقا علي تهديد بعض السلفيين للفتيات غير المحجبات بالخطف أو التشويه. وأيضا جروب اسمه فزاعة السلفيين الذي أعلن فيه بعض الشباب المنتمين للإخوان أن الإسلام الحق لا يتماشي مع ما يفعله السلفيون ويعلنونه. كما أن الإخوان رصدوا فيه بعض الظواهر السلفية التي حدثت منذ اندلاع الثورة مثل قطع أذن مواطن قبطي وتهديد البنات «المتبرجات» علي حد قولهم. وأرسل شباب الإخوان رسالة من خلال الصفحة قائلين: لا يجب علي الناس الخلط بين السلفيين والإخوان، فالسلفيون متعصبون ومنهجهم مختلف عن الإخوان الذين يدعون لتكاتف جميع الطوائف وطبقات الشعب المصري فلا فرق بين مسلم ومسيحي كلنا مصريون هدفنا رفعة مصر. السلفية تيار إسلامي ومدرسة فكرية ظهرت في منطقة نجد تدعو إلي العودة إلي «نهج السلف الصالح» كما يرونه والتمسك به باعتباره يمثل نهج الإسلام الأصيل والتمسك بأخذ الأحكام من القرآن الكريم والأحاديث الصحيحة ويبتعد عن كل المدخلات الغريبة عن روح الإسلام وتعاليمه، والتمسك بما نقل عن السلف. وهي تمثل في أحد جوانبها التيارات الإسلامية العقائدية في مقابلة الفرق الإسلامية الأخري، وفي جانبها الآخر المعاصر تمثل مدرسة من المدارس الفكرية الحركية السنية التي تستهدف إصلاح أنظمة الحكم والمجتمع والحياة عمومًا إلي ما يتوافق مع النظام الشرعي الإسلامي بحسب ما يرونه. ومما يؤكد هذا الرأي أن السلفية برزت بمصطلحها هذا علي يد أحمد بن تيمية في القرن الثامن الهجري.