من شهر مايو كل عام، ينطلق موسم السياحة العلاجية فى مصر، لعلاج الأمراض الجلدية والروماتيزمية. ويستمر الموسم حتى أكتوبر، ما يعنى أن مدته 6 أشهر، فهى ميزة تنفرد بها مصر، نظرًا لاعتماد هذا النوع من السياحة المعروف طبيا باسم «الاستشفاء البيئى» على أشعة الشمس الدافئة التى تتميز بها مصر، إضافة إلى مياه بحر بدرجات ملوحة منفردة وأجواء صافية ومناخ معتدل طول الصيف. معايشة لهذا النوع من السياحة، شاركت «صباح الخير» فى تجربة «الاستشفاء البيئى» بأحد المراكز العلاجية بمدينة «سفاجا» بالبحر الأحمر، تحت إشراف وتوجيه الدكتور هانى الناظر، أستاذ الأمراض الجلدية، ورئيس المركز القومى للبحوث سابقا، وهو واحد من أهم من أدخل مصطلح «الاستشفاء البيئى» لقاموس الطب الحديث.
«تعتبر الرمال السوداء مغناطيسًا طبيعيًا للباحثين عن تجربة فريدة، بالإضافة إلى جمالها البصرى». هذا ما قاله «chatgpt» عن الرمال السوداء، مضيفا سفاجا تشهد رواجًا واهتمامًا متزايدًا فى سياحة العلاج باستخدام الرمال السوداء. لأنه يعتبر العلاج الفريد والمغرى الذى يجمع بين فوائد الاسترخاء والاستفادة الصحية من الرمال السوداء وجمال الشواطئ الساحرة والمناظر البحرية فى سفاجا». لذلك تعد «سفاجا» واحدا من أهم مقاصد «الاستشفاء البيئى» عالميا. تجربة إكلينيكية وقال الدكتور هانى الناظر لصباح الخير: وهو استخدام ظروف البيئة فى الاستشفاء أو العلاج، وهذا المصطلح لم يكن موجودا فى قاموس الطب قبل عام 1993. وأضاف «الناظر»: وقتها، جاءت لنا معلومات أنه يوجد سائحون ألمان فى الثمانينيات والتسعينيات كانوا يزورون محافظة البحر الأحمر بهدف السباحة والغطس، وكان بينهم مرضى ب«الصدفية»، وهم بطبيعتهم شعب دقيق الملاحظة، فوجدوا أنهم خلال فترة بقائهم هنا لمدة أسبوعين، أن المرضى تحسنت حالتهم، فأبلغوا المسئولين عن السياحة بهذه الملحوظة، فتواصل معنا المسئولون فى الوزارة، لدراسة هذه الظاهرة ومعرفة هل هى واقع أم صدفة. وتابع: شكلنا لجنة من المركز القومى للبحوث لدراسة الظاهرة، فذهبنا إلى سفاجا لمشاهدة المنطقة وتحليل مياه البحر وقياس أشعة الشمس بالأجهزة، لمعرفة مقدار الأشعة «فوق البنفسجية»، وبدأنا نزور قرى سفاجا، وأيضًا المستشفيات، ونبحث فى دفاتر وسجلات المرضى، فلاحظنا أمرًا غريبا، كان عدد سكان سفاجا فى تلك الفترة 45 ألف نسمة، لم نجد بينهم شخصًا واحدا مصابا بالصدفية، ما عدا شخصا واحدا كان يعمل فى «البوسطة»، ولم يكن من أهل سفاجا.
وأكمل: فقمنا بدراسة بتطبيق نظام الاستشفاء البيئى على عدد من مرضى الصدفية، وبدأنا تجربة إكلينيكية نطمئن إلى نتائجها استمرت لمدة سنتين، ونسجل النتائج، ثم مجموعة أخرى. واستأنف «رئيس المركز القومى للبحوث سابقا»: العلاج كان يتم من خلال استحمام المريض فى مياه البحر، ثم تعريضه لأشعة الشمس خلال فترتين، الأولى بعد شروق الشمس صباحا، وفترة قبل الغروب، لماذا، لأن الصدفية مرض مناعى، ناتج عن نشاط زائد فى المناعة وليس ضعفا، يحدث نتيجة خلل جينى ما يؤدى إلى إنتاج الجهاز المناعى أجساما مضادة تحارب الميكروبات، الخلل أنه لا توجد ميكروبات، رغم إنتاج أجسام مضادة باستمرار، هذه الأجسام تبحث عن شىء فى الجسم تركيبها البروتينى يشبه الميكروبات هو الجلد فتهاجمه، فيقوم الجلد بالدفاع عن نفسه، بتكوين طبقات جلدية. الملكة حتشبسوت وحول النتائج قال «الناظر»: بعد انتهاء التجربة بعد سنتين، وجدنا أن نسبة نجاح 85 %، ولا يوجد دواء كيميائى يؤدى لهذه النتائج، والحالات الشديدة تستغرق 4 أسابيع. واستطرد «الناظر»: ومنذ ذلك الوقت ظهر مصطلح «الاستشفاء البيئى». وأكمل «الناظر»: وأعترف بالفضل هنا لقرية مينافيل التى كانت تساعدنا فى وقت إجراء التجربة حيث كانت تستضيف المرضى المتطوعين ومعهم ذويهم بلا مقابل، وعن الخصائص البيئية التى تمتاز بها سفاجا، قال د.هانى الناظر: عندما حللنا نسبة الملح فى المياه وجدناها حوالى 48 ألف جزء فى المليون، بينما فى الغردقة 30 ألف جزء فى المليون، البحر الأبيض 16 ألف جزء فى المليون، والسبب أن خليج سفاجا مغلق، بسبب جزيرة يوتوبيا ومجموعة من الجزر، ونتيجته ضعف تيار المياه، يرتفع تركيز المياه الأمر الآخر أن أشعة الشمس «فوق البنفسجية» أعلى من أى مكان آخر. وحسب هانى الناظر فإن ملوحة المياه تساعد فى إزالة القشور الجلدية، أما «الرمال السوداء» فهى تعالج الروماتويد. وأضاف الناظر: تاريخيا.. الملكة «حتشبسوت» كانت ترتدى زى الرجال، لأنها كانت مريضة بالصدفية، وعرفنا أنها كانت تزور سفاجا كل عدة أشهر، وعام 2008، قال لى الدكتور زاهى «إحنا عندنا مومياء الملكة حتشبسوت، وعاوزين نعمل عليها دراسات دى إن إيه، فأرسلت فريقا لفحصها، فقالوا لى إنها توجد بها إصابة فى فروة الرأس وقرحة فى ركبتها كأنها آثار صدفية، فذهبت لرؤيتها وتأكدت أنها صدفية»،لذلك اضطرت لارتداء ملابس الرجال وتغطى جسمها.
خارج الصندوق من جانبه، قال أحمد صبرى، صاحب إحدى القرى السياحية بسفاجا التى تستقبل مرضى الصدفية والروماتويد: السائح يقضى 4 أسابيع بينما فى العادية يقضى أسبوعا، فالدخل 3 أضعاف، ثانيا المريض سيأتى بمرافق، إلى جانب الأنشطة الترفيهية المصاحبة، وتوقيتها يبدأ من مايو حتى أكتوبر، وأضاف: حبا الله مصر بشواطئ ممتدة على البحرين الأحمر والأبيض المتوسط، وتفقدنا المناطق السياحية الشاطئية من مرسى مطروح حتى الشلاتين فوجدنا أن الاهتمام منصب على السياحة الشاطئية أو الآثار أو بمناطق الصعيد، فقررنا توجيه اهتمامنا إلى أمر مختلف هو السياحة العلاجية، خصوصا أن الرئيس السيسى وجه بالاهتمام بهذا النوع من السياحة فى إطار التفكير خارج الصندوق، فوجدنا أن أهم منطقتين فى مصر للسياحة العلاجية هما سفاجا وسيوة. وتابع «صبرى»: السياحة العلاجية فى سفاجا تعتمد على الشواطئ والجو ومياه البحر.
جهود الدولة وعن توقيت فترات العلاج قال: تبدأ من التاسعة إلى العاشرة صباحا، ومن الثالثة حتى الرابعة عصرا، وهنا أشير إلى أن الدولة وفرت كل التسهيلات لمدينة سفاجا، منها طرق الوصول. وواصل: أكثر الجنسيات التى تأتى إلى مصر للسياحة العلاجية، هم: الألمان، التشيك، الروس، الأوكران، البولنديون والفرنسيون، إضافة إلى الأشقاء الكويتيين والسعوديين. وتابع: نستهدف تنمية هذا القطاع فى الفترة القريبة المقبلة، خصوصا أن مطار الغردقة يبعد نحو 35 دقيقة، وتوجد رحلات شارتر لهذه المنطقة، إضافة بالطبع إلى السوق المصرى، لأنه من الأسواق الأساسية لدينا التى نستهدفها بأسعار مخفضة أرسلناها لكل الجهات الطبية المختصة بعلاج أمراض الصدفية والروماتويد.
تأثيرات نفسية تحدث الدكتور حسن حمزة، طبيب مشرف على أحد مراكز العلاج بالاستشفاء البيئى بسفاجا قائلا: الروماتويد خلل مناعى يؤدى لتورم وآلام له تأثيرات نفسية عنيفة، ونحن نراعى ذلك، وبالتالى فإن سفاجا من المناطق المهمة للعلاج، حيث نستخدم الرمال السوداء، هذه الرملة نستخرجها من قاع البحر الأحمر، ويتم إعدادها بطريقة معينة، ويحصل على جلستين، ويتم تغطية المريض بالرمال بطبقة سمكها 5 سم ما عدا منطقة الصدر والرأس والبطن. وأضاف: توقيت الجلسة بين 20 و40 دقيقة، ويراعى أن يتناول المريض كميات كبيرة من السوائل، لا تقل عن 4 ليترات خلال اليوم كله، وخلال الجلسة لا يقل عن ليتر ونصف الليتر، لتعويض الفاقد من العرق والسوائل، وخلال الجلسات نتابع الوظائف الحيوية للمريض.
وتابع: سفاجا موجودة منذ عام 228 والدكتور سليم حسن فى موسوعة مصر القديمة كتب عن مكان على شاطئ البحر الأحمر كانت الملكات قبل حفلات التتويج تذهب إليه، وفى عام 1911 تم اكتشاف الفوسفات بمنطقة سفاجا وهو ما يمنحها الخاصية العلاجية.