بهدوء وروية، خطوة خطوة، استحوذت الفنانة ريهام عبدالغفور على اهتمام الجمهور، وجعلت الجميع يتحدث عن موهبة كانت تحت التقييم لسنوات طويلة، انحسرت الأمواج فجأة لتُظهر نجمة وصفها البعض أنها من طراز خاص، متلونة ومتجددة تخطو واثقة نحو النجاح الذى صنعته بمقادير معينة على «نار هادئة». تساءل كثيرون عن سر نجاح ريهام عبدالغفور، خلطتها السحرية للوصول إلى ثقة الجمهور، الذى بات يعتبر اسمها صك ضمانة على جودة العمل. اللافت أنه لم يحدث لمرة أن ربط أحدهم بين نجاحها وبين اسم والدها الفنان القدير أشرف عبدالغفور. وفى هذا التقرير ترصد مجلة «صباح الخير» أسباب نجاح ريهام عبدالغفور الذى أتى متأخرًا، لكن «مدويًا».. «ابن الوز عوام» «أنا بنت أبويا، ومتعلقة به بشكل فظيع وأهم قيمة تعلمتها منه تتلخص فى الرحمة (والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس)».. بهذه الكلمات المختصرة وصفت ريهام عبد الغفور علاقتها بوالدها النجم الكبير وبطل الدراما المعروف، الذى لم تستغل علاقتها به يومًا ما. عدم استغلال ريهام عبدالغفور لعلاقتها بوالدها، أى الابتعاد عن الواسطة واختيار الطريق الأصعب، أمر أصبح نادر الحدوث، كم من نجم ملَّ الجمهور ظهوره بسبب شعوره أنه فُرض عليه بسبب علاقته بنجم كبير؟ كم نجم كان باستطاعته استغلال صلة قرابة أو نسب أو زواج مع نجم آخر ولم يفعل؟ الإجابة أن الجمهور الواعى يتذوق الموهبة والفن بعيدًا عن أى اعتبارات أخرى، وهكذا اختارت ريهام طريقها الصعب لتؤكد فى النهاية أن «ابن الوز عوّام» ولكن ليس بالضرورة أن يعبر طريقه على جناحه، بل يمكن للصغير أن يحقق نجاحه معتمدًا على نفسه فقط. منذ بدايتها فى بداية الألفينيات، خطفت ريهام عبدالغفور الأنظار بملامحها الرقيقة، الفتاة المُطيعة المهذبة، كانت هذه النوعية من الأدوار هى الأنسب لملامحها فى هذه الفترة ولمدة سنوات. كررت ريهام ظهورها فى هذ القالب أكثر من مرة، وعلى الرغم من تكرارها نوعية الدور؛ فإن موهبتها منعتها من تكرار نفس الأداء مرتين، وسرعان ما تخلصت من هذا القيد لتنوع فى أدوارها المختارة. خلال السنوات الماضية استطاعت ريهام كسر القالب المرتبط بملامحها، جددت فى أدوارها وأصبحت تتجنب التكرار بكل أنواعه، ورفعت شعار «تجنب التكرار يفيد الشطار»، وأثبتت جدارتها فى تجسيد كل شخصية قدمتها، تاركة بصمة مميزة على أعمالها الدرامية. التنوع يضمن السلامة فاجأت ريهام عبدالغفور الجمهور خلال الفترة الأخيرة وتحديدًا العامين الماضيين، بعرض خمسة أعمال تباعًا على فترات متقاربة للغاية، وهى «وش وضهر» مع إياد نصار، و «منعطف خطر» مع باسل خياط، و«الغرفة 207» مع محمد فراج، و«أزمة منتصف العمر» مع كريم فهمى، وأخيرًا «الأصلى» من إنتاج الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية والذى يعرض حاليا على قناة dmc. اختارت ريهام عبدالغفور أن تنوع فى اختياراتها، وفى تصريحات لها عبر حسابها على «فيس بوك» أكدت أن هذه الأعمال لم تصورها بالتزامن معًا، ولكنها صورتها على مدار عامين، وتم اختيار توقيت العرض المتقارب بالصدفة، ومع ذلك قدمت خلالها دور الفتاة الفقيرة والأم المكلومة وشبح منتقم وسيدة أعمال مسئولة عن عائلة وزوجة أب تقع فى بئر الخيانة، لم تأخذ أى شخصية من الأخرى فى أدائها الذى استحق لقب «أداء أصلى». تصدرت ريهام عبدالغفور بطولة خمسة مسلسلات، وأثبتت جدارتها فى كل مرة ظهرت فيها كبطلة للعمل، ومنذ عرض مسلسل «وش وضهر» - بداية سلسلة أعمال البطولة المطلقة - لم يشعر الجمهور أنه أمام بطلة للمرة الأولى، ولكنها استطاعت تقديم دورها ببساطة وسلاسة وكأنها «تلعب» أمام الكاميرا، وعلى الرغم من بساطة الأداء فقد جاء قويًا متمكنًا. «روحت لطبيب نفسى قبل دورى فى مسلسل (الرحلة) حتى أتمكن من معرفة شعور متعاطي المهدئات، وبعد المسلسل روحت تانى بسبب التعب اللى سببه لى الدور».. هكذا تحدثت ريهام عبدالغفور عن زيارتها للطبيب النفسى بسبب دورها فى المسلسل، ضمن تصريحات سابقة، لتكشف الستار عن سبب النجاح «الأصلى» الذى حققته، وهو الإتقان والتماهى مع الشخصية، وعلى قدر التعب الذى قد يسببه تعايش الفنان الحقيقى مع الشخصية، يأتى النجاح والمكافأة على هذا الجهد بتصفيق الجمهور وإشادته. إنكار الذات «كل ما أدخل شغل أقول لنفسى مش هعرف أمثل حلو، نفسى أحس إنى مطمئنة وواثقة فى أدائى».. قد لا يستوعب البعض أن صاحبة هذا التصريح، هى ريهام عبدالغفور، ببساطة لأن البعض تنتفخ أوداجه وينتفش ريشه من الإشادة الأولى التى يتلقاها بسبب دور ما، ما بالك بشخصية تحاول النحت فى الصخر منذ ما يربو على عشرين عامًا؟ لم يراود الغرور نفس ريهام عبد الغفور، رفعت شعار إنكار الذات فلم تُنكرها قلوب المحبين. متصالحة مع نفسها، ومع عمرها، تنشر صورها عبر مواقع التواصل الاجتماعى دون فلتر «أحب تجاعيدي، عاجبانى نفسى كده، ولا أهوى السوشيال ميديا.. وجلسات التصوير عبء عليّ».. بعيدًا عن قلة تفاعلها عبر المنصات الاجتماعية، تدرك ريهام عبد الغفور جيدًا أن القوة فى التركيز على عملها الحقيقى وفنها الذى تحبه، لا تعطى الشكل أهمية قد تصل للهوس كما تفعل غيرها كثير من النجمات من خلال عمليات التجميل، لا تعبأ بنجومية جلسات التصوير والتريندات العابرة، مفتاح النجاح جمعته ريهام عبد الغفور فى عدد من النقاط التى تتمحور جميعها حول الموهبة والإخلاص والتركيز.. ولا شك أنها استحقت كل الإشادة. 1