«الصحة»: فحوصات طبية ل117 ألف مواطن من طالبي كارت الخدمات المتكامل    حجز دعوى شطب منتصر الزيات من نقابة المحامين ل 22 يونيو    ننشر نص تعديلات قانون مجلس النواب وتقسيم الدوائر بعد الموافقة النهائية    جدول مواعيد الصلاة في محافظات مصر غداً الاثنين 26 مايو 2025    النواب يوافق نهائيا على مشروع تعديل قانون مجلس الشيوخ    وزير التعليم العالي: مصر تتبنى إستراتيجية رقمية لتعزيز الأمن السيبراني    نائب رئيس الوزراء: زيادة موازنة الصحة ل406 مليارات جنيه من 34 مليار فقط    الهيئة العربية للاستثمار توقّع مذكرة تفاهم مع شركة أمريكية لدعم التحول الرقمي في الزراعة    وزير الشئون النيابية يستقبل وفد البرلمان الأوروبي لبحث العلاقات المشتركة    «الأغذية العالمي»: العائلات الفلسطينية بغزة لا تزال على شفا المجاعة    مصر تهنيء الأردن بمناسبة الاحتفال بذكرى يوم الاستقلال    5 سنوات على مقتل جورج فلوريد.. نيويورك تايمز: ترامب يرسى نهجا جديدا لخطاب العنصرية    مصرع 14 شخصا وإصابة أكثر من 50 بسبب سوء الأحوال الجوية فى باكستان    أوجستي بوش: مواجهة الاتحاد قوية.. وهدفنا حصد لقب دوري السوبر    الزمالك يستعيد محترفه أمام فاركو    الأهلي يحتفي بذكرى تتويجه بلقب دوري أبطال أفريقيا للمرة ال 12    تقارير: الهلال السعودي يحدد موعد سفره إلى أمريكا.. ويترك القائمة للمدرب الجديد    تأجيل محاكمة عاطل قتل جدته لسرقتها بقليوب ل26 مايو    حبس عامل متهم بقتل زميله في التجمع الأول    السعودية تتحرى هلال ذي الحجة الثلاثاء المقبل    22 يونيو.. حجز دعوى هيفاء وهبي ضد نقيب الموسيقيين مصطفى كامل    تامر حسني يحذر جمهوره من حفلة وهمية مع «الشامي»    قريبا.. انطلاق برنامج "كلام في العلم" على القناة الأولى    لجنة تصوير الأفلام تضع مصر على خريطة السينما العالمية    "اللاعب يرغب في الانتقال".. المدير الرياضي للنجمة السعودي يكشف تفاصيل مفاوضاتهم مع رامي ربيعة    يسبب السكتة القلبية.. تناول الموز في هذه الحالة خطر على القلب    كوارث وصدامات وخسارة فلوس.. تحذر من حدث فلكي يغير في حياة 4 أبراج للأسوأ    تفاصيل إطلاق المرحلة الجديدة من اختبار "الجين الرياضي" وتسليم عينات "جينوم الرياضيين"    محافظ دمياط يستقبل نائب وزير الصحة ووفد حقوق الإنسان لبحث الخدمات الصحية والاجتماعية    ميرور: إيزي وميتوما ولياو على رادار بايرن لتعويض فشل صفقة فيرتز    تأييد حكم المؤبد لموظف قتل شخصا بسلاح ناري بالعبور    «التضامن» تؤسس معسكرا لتأهيل مدربين في تعزيز التواصل الأسري بين الآباء وأبنائهم    محافظ بني سويف يلتقي وفد المجلس القومي لحقوق الإنسان    المجلس الصحي المصري: 4 من كل 5 أمراض حديثة من أصل حيواني    وكيل صحة المنوفية يتفقد مستشفى تلا المركزي ويوجّه بإحالة المتغيبين لتحقيق    الصحة العالمية تشيد بإطلاق مصر الدلائل الإرشادية للتدخلات الطبية البيطرية    صلاح يترقب لحظة تاريخية في حفل تتويج ليفربول بالدوري الإنجليزي    خطوة بخطوة.. إزاي تختار الأضحية الصح؟| شاهد    عيد الأضحى 2025.. هل تصح الأضحية بخروف ليس له قرن أو شاه؟ «الإفتاء» تجيب    فور ظهورها.. رابط نتيجة الشهادة الإعدادية الأزهرية بالاسم ورقم الجلوس 2025 الترم الثاني    وزير الخارجية يتوجه لمدريد للمشاركة فى اجتماع وزارى بشأن القضية الفلسطينية    شوبير: من حق بيراميدز اللجوء للمحكمة الرياضية لتعليق إعلان بطل الدوري    الاحتلال الإسرائيلي يقتحم عدة قرى وبلدات في محافظة رام الله والبيرة    "آل مكتوم العالمية": طلاب الأزهر يواصلون تقديم إسهامات مؤثرة في قصة نجاح تحدي القراءة العربي    إيرادات السبت.. "المشروع x" الأول و"نجوم الساحل" في المركز الثالث    الكشف عن مبنى أثري نادر من القرن السادس الميلادي وجداريات قبطية فريدة بأسيوط    محافظ الشرقية: 566 ألف طن قمح موردة حتى الآن    ارتفاع أسعار البيض في الأسواق اليوم 25-5-2025 (موقع رسمي)    ميلاد هلال ذو الحجة وهذا موعد وقفة عرفات 2025 الثلاثاء المقبل    بعد افتتاح الوزير.. كل ما تريد معرفته عن مصنع بسكويت سيتي فودز بسوهاج    استقرار سعر الريال السعودي في بداية تعاملات اليوم 25 مايو 2025    تأجيل استئناف المتهمين بتجارة المخدرات وغسيل الأموال على حكم سجنهم بالمؤبد    مصرع ربة منزل في سوهاج بعد تناولها صبغة شعر بالخطأ    وزير الإعلام الكويتى يؤكد حرص بلاده على دعم وحدة الصف الخليجي    استعدادًا لعيد الأضحى.. «زراعة البحر الأحمر» تعلن توفير خراف حية بسعر 220 جنيهًا للكيلو قائم    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 25-5-2025 في محافظة قنا    «محتاجة وجودكم أكثر من أي وقت».. رسالة مؤثرة من وفاء عامر في عيد ميلادها    ما هو ثواب ذبح الأضحية والطريقة المثلى لتوزيعها.. دار الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«معلولا».. لوحة فنية بديعة وتراث تاريخى مزقته هجمات التكفيريين
مدينة سورية تتحدث بلغة المسيح
نشر في صباح الخير يوم 06 - 04 - 2022

معلولا السورية.. لوحة فنية تاريخية، قائمة منذ آلاف السنين، تحتوى على الأحجار الضّخمة، والكهوف، والمغارات المحفورة فى الصّخر التى سكنها الإنسان القديم منذ آلاف السنين، وتعيش فيها اللغة التى تكلم بها السيد المسيح -عليه السلام- وتقع على سفوح جبال القلمون السورية.
تبعد مدينة معلولا 56 كيلو مترًا عن شمال العاصمة دمشق، وترتفع 1500 متر عن سطح البحر، وتطل على وادٍ من بساتين الزيتون الممتدة، حيث تنساب فيها الينابيع الباردة، وتعد من أجمل المناطق السياحية فى سوريا·

لغتها السريانية أو «الآرامية الغربية»، هى اللغة التى تكلم بها السيد المسيح «عليه السلام»، وهى إحدى اللغات السامية القديمة التى تحدث بها السوريون منذ 3500 عام، وحين انحسر استخدامها ابتداء من القرن السابع الميلادى، وجدت بين سكان معلولا الوادعة كثيرًا من الغيورين عليها، حيث يبذل حوالى خمسة آلاف سورى قصارى جهدهم لإنقاذها، ويشاركهم فى ذلك سكان قريتين صغيرتين مجاورتين هما «جبعدين» و«بخعة»، وثلاثتهم لا يزالون يتكلمون الآرامية القديمة إلى جانب العربية حتى اليوم فى حياتهم اليومية·

ممرات كهفية وطبيعة جبلية

كانت الآرامية فى فترة من فترات الحكم البيزنطى اللغة الرسمية للبلاد، حيث وصلت إلى أوروبا غربًا والصين شرقًا، وكانت لغة العلوم والآداب والفلسفة، وفى زمن الخليفة المأمون، تحولت حركة الترجمة عن اللغة اليونانية، من الآرامية إلى العربية، وهكذا بدأت اللغة الآرامية تنحسر فى كل مكان·
ويرجع المؤرخون احتفاظ معلولا والقريتين المجاورتين لها بلغة السيد المسيح إلى ارتفاعها ووعورتها وانعزالها طوال قرون طويلة، وبالتالى عدم اختلاطها بغيرها من اللغات·
30 ألف عام
ويؤكد الباحثون والمؤرخون أن تاريخها يعود إلى ثلاثين ألف عام، حين سكنها إنسان العصر الحجرى، وتدل على ذلك الشواهد المادية المتبقية على جدران الكهوف القديمة فى أعالى الجبال·
والطريق إلى معلولا جبلى، لا يوحى أبدًا بالمفاجأة القادمة، وكأن الجبال تريد أن تحمى جوهرتها الثمينة فلا تدل عليها أحدًا، وبعد قليل ينتصب تل كبير ينفرج شيئًا فشيئًا ليصبح واديًا منخفضًا، فيظهر للعيان مساحات خضراء واسعة وتظهر «معلولا» دنيا من الجمال الأخاذ·
منازلها محفورة فى الصخور وهى تتكئ على بعضها بعضًا على شكل مكعبات صعودًا من سفح الجبل، وتربط بينها ممرات ضيقة، بينما تصل بين بعضها الآخر سلالم خشبية، تضع الزائر لها فى أجواء خيالية ساحرة، تشبه قصص الجدات والأساطير القديمة·

تمثال للعذراء مريم فى معلولا

أما فى أعالى الجبال فتشاهد «القلالى» وهى كهوف صخرية كان الزهاد والرهبان المسيحيون ينصرفون فيها إلى الصلاة والتأمل والتقشف، ويلجأون إليها هربًا من الوثنية والاضطهاد الروماني·
ومن معالم «معلولا» المشهورة الفج الجبلى الذى يدعى بفج مار تقلا، وهو ممر صخرى يخترق الجبل إلى الجهة الأخرى منه، ويقسم القرية إلى شطرين، وبه ترتبط أسطورة القديسة تقلا، وهى ابنة أحد الأمراء السلجوقيين، وتلميذة بولس الرسول أحد تلامذة السيد المسيح عليه السلام·
فبعد أن اعتنقت تقلا المسيحية، اضطرت للهرب من والدها الوثنى، الذى أرسل مجموعة من الجنود لملاحقتها وقتلها، لأنها ارتدت عن دينه، وحين وصلت إلى جبل سد عليها طريق النجاة، أخذت تبكى وتتضرع لله ليساعدها·
وتقول الروايات إنه تم الاستجابة لدعائها فانشق الجبل، وتمكنت من النجاة· وفيما بعد لجأت إلى إحدى المغارات وزهدت وتنسكت فيها·
رمز للتعايش
كانت «معلولا» فى العهد الآرامى تتبع لمملكة «حمس»، وعرفت فى العهدين الرومانى والبيزنطى ب«سليو كوبوليس»، ولعبت دورًا دينيًا مهمًا منذ القرن الرابع الميلادى، حيث كانت مركزًا لأسقفية استمرت حتى القرن السابع عشر·
ويوجد فيها العديد من الأماكن الدينية والأديرة والكنائس والمزارات، وأهمها دير مار تقلا، ودير مار سركيس، وهو أحد الفرسان السوريين الذين اعتنقوا المسيحية سرًا، وكان جنديًا فى الفيلق الرومانى، وحين رفض تقديم القربان لإله الشمس حكم عليه بالموت، ودفن فى هذا المكان، وفى عهد الإمبراطور البيزنطى قسطنطين أمر بتشييد دير من خشب الأرز باسم القديس سركيس مكان المعبد الوثنى سنة 315م، بعد أن أصبحت الديانة المسيحية هى الديانة الرسمية للإمبراطورية·
على الرغم من أهميتها الدينية الكبيرة فى التاريخ المسيحى للمنطقة، تمثل معلولا رمزًا للتعايش بين الديانتين الإسلامية والمسيحية فى سوريا، حيث يمثل سكانها نسيجًا اجتماعيًا واحدًا، ويبلغ عدد المسلمين المتحدثين بالآرامية ضعف عدد المسيحيين، مع أن عدد الكنائس يفوق بثمانية أضعاف عدد المساجد فيها·
معلولا عبارة عن متحف مفتوح فى أعالى سلسلة جبال لبنان الشرقية المعروفة بجبال القلمون، حيث يزورها باستمرار عدد كبير من السياح والرحالة والباحثين المهتمين بالتاريخ واللغة الآرامية، التى دعمت «الحكومة السورية» افتتاح مدارس لتعليمها منذ عام 2003.
وتشتهر بوجود معالم قديمة مهمة يعود تاريخها للقرن العاشر قبل الميلاد، كما تحتوى على معالم تاريخية متفردة أهمها الأديرة والكنائس والممرات الصخرية، وعلى آثار مسيحية قديمة ومهمة فى تاريخ المسيحية، منها كنيسة بيزنطية قديمة، وأضرحة بيزنطية منحوتة بالصخر فى قلب الجبل، كما يوجد فيها دير مار تقلا البطريركى.
وتحتوى أيضًا مجموعة كبيرة من الآثار اليونانية، حيث كانت مركزًا تجاريًا ضخمًا أيام الحكم الهيلاستينى فى القرن الثالث قبل الميلاد، حتى وصل عدد السياح إلى مدينة معلولا فى عام 2010 إلى مليون سائح، وقد قصدها سياح العالم لثقل تاريخها ومعالمها الأثرية.
أكثر ما يُميّز هذه المدينة بيوتها المرتفعة فوق بعضها البعض فى لوحةٍ فنيةٍ ذات طابعٍ مُتميّز، كما تحتوى على الأحجار الضّخمة، والكهوف، والمغارات المحفورة فى الصّخر التى سكنها الإنسان القديم منذ آلاف السنين.

الأديرة طالها عنف التكفيريين

طبيعة جبلية
بقيت معلولا على حالتها كما هى بسبب وجود مياه باطنية جعلتها صامدة أمام الطبيعة الجبيلة القاسية، وقبل هجمات التكفيريين والجماعات الإرهابية على سوريا كانت معلولا تضم 12 ألف نسمة، ولكن جاءت الحرب كما لم يتوقعها أحد من سكانها، فقد قصفت ودمرت كثيرًا من المناطق الأثرية والتاريخية، وأدى ذلك إلى هروب عدد كبير من الأهالى، حتى وصل سكانها الباقين نحو 3 آلاف نسمة، وما زال آخرون فى انتظار العودة بعدما استطاع الجيش السورى السيطرة على القلامون بما فيها معلولا.
وتعرضت العديد من الأيقونات والأجراس للسرقة والنهب، بالإضافة إلى تخريب بيوت الأهالى وقذفها وأصبحت كومة من التراب والرماد.
ويحكى أهالى معلولا أن الأطفال الذين نشأوا فى ظل الحرب يفتقدون إلى الحس والفن والطابع الأصيل لأهل معلولا، وأنهم يميلون إلى العنف والتخريب، على الرغم من اهتمام الجمعيات العالمية بتقديم الدعم والمساعدة لإعادة بناء المدينة لما لها من أهمية تاريخية ضخمة.
ويتذكر أهالى معلولا دار المسنين التى تعرض للقصف الدموى حتى إن الشباب قاوموا النيران ودخلوا دار الأيتام وحملوا العجزة وكبار السن على اكتافهم وخرجوا بهم فى نفق معد للسيول الفجائية، استخدمه الشباب للمرور بكبار السن فى الظلام حتى وصلوا إلى الطرف الثانى للبلدة وأعادوهم إلى أهاليهم وإلى الناس التى تحسن احتضانهم فى ظل الحرب.
وفى الممر الضيق الآن عند سفح الجبل، يعمل الرجال لعودة بلادهم وتجهيزها أجمل مما كانت عليه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.