مهنة شديدة الحساسية والخطورة، تحتاج لحنكة وحذر وسرعة بديهة وروح الإقدام والشجاعة، فى التعامل مع الزبائن الذين يتوافدون لشراء هذا المعدن النفيس. 10 ساعات متواصلة يقف فيها بائع الذهب داخل «المحل» يتعرض خلالها للعديد من المواقف منذ وصوله مقر عمله والبدء فى توزيع المشغولات الذهبية داخل «فاترينات العرض» بشكل جمالى جذاب، مرورًا بالتعامل بها مع الزبائن أثناء القياس والتجربة.
ومع الارتفاع الشديد فى أسعار الذهب جراء الأزمة الروسية الأوكرانية فإن وتيرة البيع والشراء اختلفت فى الأسواق, مابين من يرون أن الوقت الحالى يعد الأنسب لبيع مايمتلكون أو بعضه وبين من ينتظرون ارتفاعا جديدا مع استمرار الأزمة. وفى كل ذلك يقف بائع الذهب أو الجواهرجى فى محله أو متجره متمسكا بأبجديات مهنته التى فى الغالب ورثها عن آبائه وأجداده . د. وصفى أمين - رئيس شعبة الذهب بالغرفة التجارية بالقاهرة - الذى التقته - صباح الخير - فى منطقة «الصاغة»، كشف عن كواليس يوميات بائع الذهب، موضحًا أن هذه المهنة متوارثة عبر الأجيال بكل مميزاتها وعيوبها والحياة القلقة التى تحيطها، فأغلب تجار وصناع الذهب ورثوا المهنة أبًا عن جد.
يجب شراء الذهب من محلات موثوقة
وبيَّن «وصفى» أن فكرة «صائغ العيلة» التى كانت موجودة فى الماضى بشكل كبير هى إحدى مزايا هذه المهنة والتجارة، مقارنة بالوقت الحالى، مبررًا ذلك بأن هذا «الصائغ» كان بمثابة البطل الأساسى فى أغلب مناسبات العيلة وخصوصًا مناسبات الخطوبة والزواج، الأمر الذى كان يعطى قيمة إضافية «للصائغ» فهو شخص له محل محدد لا يتم تغييره داخل العائلة الواحدة، وبالطبع تنشأ علاقة ثقة وصداقة ومحبة كبيرة بين الصائغ وزبائنه، وذلك يسهل مهمة الصائغ أغلب الأوقات، لأن زبائنه معروفون وبالتالى يعمل على معرفة أذواقهم المختلفة وتلبية متطلباتهم. ويوضح رئيس شعبة الذهب بالغرفة التجارية بالقاهرة، الصعوبات التى تواجه العاملين ببيع المشغولات الذهبية من بينها وجود فئة من المواطنين تقصد محلات الذهب من أجل التسلية، أو لتثمين الممتلكات لكى يعلموا قيمة ما يملكون من ذهب بالجنيهات، وهذا السلوك منتشر بين بعض ربات البيوت، فتدخل محل الذهب على أساس أنها ستقوم بالبيع، وبعد تثمين الممتلكات، تغادر المحل، دون إجراء عملية البيع، وهناك شباب وفتيات يتجولون بين المحلات لتجربة الأطقم الذهبية والاستفسار عن أسعارها لحين الاتفاق على موعد الخطوبة، لافتًا إلى أن مثل هذه السلوكيات تتسبب فى ضياع الوقت والجهد بالنسبة للبائع. ويبدى «وصفى» انزعاجه من الأعداد الكبيرة التى ترافق العروسين أثناء اختيار وشراء الشبكة، وخصوصا إذا كان بصحبتهم أطفال، وفى الأعداد الكبيرة كثيرًا ما يحدث مشادات بين أهل العروسين بسبب الآراء الكثيرة والمتناثرة، فهذا يعطل العروسين عن اتخاذ القرار السليم، ويستغرق الكثير من الوقت والجهد لبائع الذهب، كما أنه قد يتطور الأمر إلى حدوث نقاش وجدال بين العائلتين قد يلغى موضوع البيع وفى بعض الأحيان يتطور الأمر إلى إلغاء شراء الشبكة والخطبة نفسها.
ارتفاع شديد فى أسعار الذهب بالأسواق
وبرر رئيس شعبة الذهب لجوء البعض لشراء المشغولات الذهبية ذات الوزن الخفيف لارتفاع أسعار الذهب كخامة فى الوقت الحالى، لذا أصبح هناك عبء على الصانع وعبء على التاجر، لافتًا إلى أنه قديما كان صانع الذهب يقضى 6 أيام عمل لإنتاج 300 جرام ذهب لينتج فى النهاية 30 قطعة ذهبية، أما الآن فصانع الذهب يقضى 6 أيام عمل، لإنتاج 300 جرام ذهب بعدد قطع أكبر وأخف وزنًا، وبالتالى أصبحت ربحية الصانع وتاجر الجملة وتاجر القطاعى «ربحية جرام» وليس نسبة مئوية من قيمة المنتج مثلما كان يحدث قديمًا، فالقطعة الذهبية قديما كانت ثقيلة وفى مقدور أغلب الناس، أما الآن فأغلب القطع المعروضة خفيفة من أجل تسريع حركة الشراء ولكى يتمكن البائع من الوصول لأكبر عدد ممكن من الزبائن، لكن القطع الذهبية الخفيفة ليس لها أفضلية عند صانع الذهب لأنها تستحوذ على جهد ووقت طويل منه. ونصح «وصفى» الراغبين فى شراء الذهب بالشراء من محلات ذهب موثوق فيها وبالفاتورة والاحتفاظ بها، لأن محلات الذهب التى تعتمد على السمعة الطيبة والثقة فى التعامل مع زبائنها تعطى قدرًا كبيرًا من الأمان لزبائنها فى عمليتى البيع والشراء محذرًا من عمليات الشراء عبر الإنترنت إذا كان البائع ليس معروفًا أو ليس له محل بيع ثابت أو بطاقة ضريبية أو سجل تجارى، حتى لا يقع الزبون ضحية للنصب، فالمحلات تخضع للرقابة والتفيش من جانب أجهزة الدولة من خلال حملات تفتيشية، أبرزها حملة مفتش الدمغة. ويؤكد رئيس شعبة الذهب أن بائع وتاجر الذهب الذكى، هو الذى يستعيض ما باعه من ذهب بقيمة مماثلة بشراء ذهب آخر وذلك للحفاظ على «رصيد الذهب» الموجود لديه؛ حيث إن تاجر الذهب يكون رصيده ذهبًا وليس رصيد أموال سائلة، فبائع الذهب عليه أن يسترجع رصيده كما كان ذهبًا، بمعنى أنه إذا باع الصائغ جراما من الذهب فعليه أن يشترى فى نفس اللحظة جرام ذهب مقابله قبل أن يزيد أو ينقص سعر الجرام، لأن أسعار الذهب فى صعود وهبوط طوال اليوم.
تطورات كبيرة لحقت بالمهنة
ونوه رئيس شعبة الذهب إلى أن معدن الذهب الأصفر يتميز عن غيره من الحلى كالماس بأن له قيمة خاصة، ولا يتعرض للخسارة الكبيرة عند بيعه، فعند المقارنة بين الذهب والماس، فنجد أن لكل منهما شريحة خاصة من الزبائن، ولكن بالطبع الذهب أكثر رواجا، بسبب انخفاض نسبة ضريبته عن الماس.