ذكريات رمضانية 3G

شهر له طابع خاص وطقوس أيضا لها طابع خاص، بداية من الاستعداد لاستقباله وحتى وداعه وفى اليوم الأخير لاستقبال العيد.
بمرور الزمان وتطور الأجيال اختلفت الطقوس فأصبح التعبير عنها مرتبطا بأفكار وثقافة أجيال جديدة، لكن ورغم تغير الأجيال واختلاف طريقة الاحتفال بالشهر الكريم ظلت هناك ثوابت أن الفانوس والزينة..فى خليط يجمع بين ذكريات الماضى والحاضر.
السبعينية فكهية عبدالعليم، وصاحبتها ال 52 عاما نهلة بكر، والشابة العشرينية شيماء مجدى - الجدة والأم والحفيدة - ثلاثة أجيال نفذوا الطقوس الرمضانية فى حياتهم بداية من الفانوس فى طفولتهم وحتى استقبال الشهر الكريم بعد الزواج.
وحوى يا وحوى
عادت فكيهة لأكثر من 60 عاما للوراء لتتذكر شكل الفانوس الذى اشتراه والدها وهى فى سن ال 7 سنوات، «الكلوب» هو الفانوس الذى فرح به مواليد الأربعينيات وكان عبارة عن جسم معدن أسطوانى ويعمل بالجاز وبه شريطة تشبه شريطة اللمبة الجاز التى كانت تستخدم لإنارة المنازل قبل دخول الكهرباء.
فانوس نهلة من حيث الشكل كان يشبه الفانوس المتعارف عليه حاليا، لكن لإنارته كان تستخدم الشمع.
فكانت تفتح إحدى درفاته الزجاجية لتثبت الشمعة فى المكان المخصص له ثم تشعلها لتلعب مع أشقائها وجيرانها بالفانوس، وبمجرد انتهاء عمر الشمعة تنتهى فرحة الفانوس وتحتفظ به للعام التالى.
فانوس عرفته وهى فى عمر الأربع سنوات كان على شكل مصباح علاء الدين وكان يغنى واحدة من الأغانى الرمضانية الشهيرة، وطوال فترة طفولتها كان يهديها والدها كل عام فانوسا يحمل شخصيات كارتونية شهيرة مثل بكار والمفتش كرومبو وغيرهما.
وتظل زينة رمضان فى الشوارع والبيوت واحدة من علامات الفرحة التى لم تختف منذ قديم الزمن، فكانت فكيهة تقوم بصناعة أفرع الزينة بورق الجرائد مع أبناء قريتها ويقومون بتزيين الشوارع بها، لكن الأمر تطور فى طفولة نهلة التى كانت تقوم بعمل نفس تصميم الزينة لكن من أكياس البلاستيك الملون.
أما الزينة التى زينت شارع المنطقة التى تسكن فيها الشابة العشرينية فكانت متطورة مقارنة بزينة الجيلين السابقين، فعندما كانت تطل من بلكونة منزلها كانت ترى مصابيح تضيء الشارع بأكمله بالإضافة إلى مجسمات فانوس كبير ومئذنة مسجد مصنوعين من الورق المقوى.
هديا مقدسة
هدية رمضان فى الخطوبة واجب مقدس لا يجوز أن ينساه شريك المستقبل فتذكرت فكيهة «الموسم» الذى قدمه لها زوجها فى فترة الخطوبة وكان عبارة عن أرطال من الزبدة البلدى وكيلوات من الأرز والسكر وقراطيس مليئة بياميش رمضان، ولم تنس السبت الكبير الذى وضعته شقيقته الصغرى فوق رأسها مليئا بالبط والأوز والدجاج.
لم تشغل نهلة تفكيرها بأول رمضان يجمعها بخطيبها خاصة أن كلا منهما كان يعيش فى محافظة مختلفة، لكنها فوجئت به يقدم لها فانوسا كبيرا مصنوعا من المعدن، وجوابا رومانسيا لم تتلق مثله من قبل وعدها فى نهايته بفسحة فى نهاية الشهر الكريم ستنتهى بمنطقة وسط البلد لشراء ملابس العيد.
هدية شيماء فى رمضان كانت من اختيارها ولكن بطريقة غير مباشرة، فاستغلت حسابها على موقع التواصل الاجتماعى فيس بوك لتكشف عن حبها للزينة المصنوعة من الخيامية إضامة للمكسرات المفضلة لديها، وبالفعل فهم خطيبها طلبها الخفى وأحضر فانوسا ومفارش ومخدات كلها مصنوعة من الخيامية مع أكياس من المكسرات.
أول رمضان فى بيتى
مسئولية أسرة فى رمضان تختلف ومع أول رمضان فى عش الزوجية ستجد طقوس ربة المنزل الرمضانية.
دوار العيلة الذى عاشت فيه فكيهة فى بداية زواجها كان مكونا من 7 غرف بالإضافة إلى صالة كبيرة ومضيفة بجانب المنزل، فوجدت نفسها مطالبة بمساعدة نساء المنزل فى التنظيف بالإضافة خبز أكثر من 10 كيلو دقيق استعدادا للشهر الكريم وذبح وتنظيف بعض الطيور التى تكفى للأيام الأولى فقط.
بعد مرور النصف الأول من رمضان تبدأ استعدادات من نوع آخر، فكانت فكيهة تذهب للسوق لاختيار قماش فستان العيد وتنتظر دورها عند الخياطة التى فى أغلب الأوقات كانت تسلمها الفستان ليلة العيد.
رغم استمرار موضة التفصيل لسنوات طويلة لكن نهلة كانت تفضل الملابس الجاهزة، وفى كل عيد كانت تتفق مع بنات خالتها على فسحة بين وسط البلد ومصر الجديدة للشراء بيجامات وملابس تناسب خروجات العيد الأسرية.
الأونلاين الآن هو أول اختبارات الجيل الجديد، لذلك اختيار شيماء فى الكثير من الأوقات، وخاصة بعد انتشار الكثير من المواقع الكبيرة الخاصة بالبراندات والماركات العالمية فتتصفح هذه المواقع وتختار ما يناسبها وتتنظر شحن الأوردر لمنزلها.
أما تجهيز كحك العيد فهو آخر طقس يأخذ مكانة فى رمضان، فرحة العيد يشعر بها الصغير قبل الكبير ففى بيت العيلة الذى تعيش فيه فكيهة كان يتم تحضير كحك العيد على عدة أيام.. فى اليوم الأول يتم عمل طشت كبير من الكحك ويشارك الأطفال والفتيات فى تزيين الكحك بالمنقاش المصنوع من النحاس وعلى مدار باقى الأيام يتم تحضير البسكويت والمنين بالعجوة وباقى استعدادات العيد.
تخلت نهلة عن طقوس والدتها وجدتها فى تحضير كحك العيد فى المنزل، واتفقت مع جيرانها على شراء الخامات والذهاب بها إلى أحد المخابز القريبة من المنزل واستلامها فيما بعد.
الكحك الجاهز من محلات الحلويات الشهيرة هو آخر ما استقرت عليه شيماء بعد تجربة تحضير الكحك فى البيت عدة مرات وفشل هذه التجربة.