أم كلثوم حكاية من ذكريات عصفت بى

حكاية من ذكريات عصفت بى كانت أختى فاطمة تصحبنى معها فى كل مكان مع صديقات لها أو أقارب, كنت تقريبا فى العاشرة من عمرى. صحبتنى العزيزة إلى دار سينما وكان اسم الفيلم « فاطمة» لأم كلثوم وأنور وجدى.. كانت أم كلثوم فى الفيلم تعمل ممرضة، وكانت تمرض والد أنور وجدى - وكان يسألها كل يوم عن صحة والده.. أعجب بها أنور وجدى, أعجبه إخلاصها فى العناية بوالده.

وفى أوقات راحتها كان يصحبها إلى حديقة بيتهم الواسعة.. تبادلا الكلام زاد إعجابه بها وتزوجها فى السر لأن أسرته رفضت هذا الزواج وحملت فزاد اعتراض أسرة أنور وجدى وغنت أم كلثوم للطفل «ياللى اتولدت يتيما».. أتذكر دموع الفتيات ودموع أختى فاطمة.. سألت أختى ونحن نشاهد الفيلم.. لماذا البنات يبكين؟ همست لى: لأن الأسرة تعترض على زواج الابن.. كنت لا أفهم تماما.. وقالت لأن زوج أم كلثوم انقاد لأهله وقرر هجرها.. وترك لها الشقة التى أجرها فى ذلك الحى..
استقبلتها نساء الحى.. بأغنية..
«نورت يا ست الكل نوّر حينا..»
وغنت أم كلثوم «ظلمونى الناس ظلمونى.. وسابو الجانى واتهمونى»
عندما سمع أنور وجدى غناءها ترك أهله وحصلها على حيها.. وأقام معها..
لحظة شوق
شجرة الياسمين بدأت تزهر, لفتت نظرى وحاسة شمى فى أول موعد معه بجانب مكان لقائنا مررت.. قطفت من زهورها وكنت خفيفة مثلها بالفرح.. أعطيته بعضها قلت: أحب زهور الياسمين والفل.. قال: وأنا أحبك.. لم أتعجب من قوله فى أول لقاء وحدنا.. كنت أريد أن أقولها له.. واستعرت كلمة الحب للزهور.. كل موعد أذهب إليه يلقى بالزهور الذابلة وأعطيه الجديدة.. وتبقى رائحة الياسمين فى أنوفنا.. على مسام جلدنا.. أصبحت رائحة جلدنا حلوة لفترة من الزمن.. وأيضا رائحة عرقنا.. قال: الإنسان عندما يحب تصبح رائحة عرقه حلوة..
اليوم وقفت بجوار شجرة الياسمين.. أنظر إلى زهور الحب قطفت بعضها.. كان الأمل بيننا منعشا مثل جمال رائحتها.. نظرت إلى اليد السمراء الممدودة إلىّ بمزيد من الزهور وابتسم الجناينى وهو يقول الشهور القادمة وقت سخاء الزهر.. أخذتها ووضعت بدلها نقودا.. سألنى أن أذهب إليه كل يوم أقطف ما أريده من زهور, كلمات الرجل المرحبة أثارت شوق الذكرى هذه التى أصبحت مثل غصن حزن..
عندما لا نرتاح للحاضر ينتابنا حنين للأمس حتى وإن كان ذلك الأمس فقد بالجرح.. هل يمكن أن تثير زهور الياسمين حاسة الشم؟!
سألنى بعد شهور لماذا ابتعدت ؟.. قلت: لا أحب الحب عندما يوجع مصارينى.