تقول الروايات القديمة إن اليوجيين الأصليين ما كانوا يموتون من المرض بل من التقدم فى العمر فقط.. يعيشون طويلًا عمرًا هادئًا خاليا من الأمراض والاضطرابات العصبية، القلق والحزن.. عمرًا مديدًا وحياة هادئة مليئة بالوضوح.. الوعى.. والحكمة..!! تعنى اليوجا كيف نمزج كل شيء معًا فى هارمونية وإيقاع منسجم.. كاتحاد الجسد والروح والعقل. تقدم صياغة لواقع جديد صحى ومتوازن وتبدو كأسطورة خرافية.. وهمًا جميلًا يحب كل منا أن يشتريه بكل مالديه.. وحلًا سحريًا لكل المشكلات، ولكن الحقيقة أن الأمر ليس بهذه السهولة ولا يُشترط النجاح به واجتياز كل صعوباته، فاليوجا تقدم فلسفة حياة عقلانية واعية مؤسسة على المنطق والتحليل العميق لكل فكرة.. نسق كامل يحتاج لدراسة جادة.. قراءات وممارسات ذهنية وجسدية وروحية.. والتزام مضنٍ فى استمرار تلك الطقوس والعيش بوعى وحضور كامل.. وربما إذا أدركنا قيمة النتائج يمكننا تحمل عناء المحاولات للوصول إليها. اليوجا اسلوب حياة أسلوب الحياة اليوجية يقدم عرضًا لحياة إيجابية.. تفاؤل.. ثقة بالنفس.. وضوح ذهنى.. ذكاء وجدانى.. اتزان نفسى.. شعور بالحرية والأمان والسلام الداخلى.. فى مقابل نمط عيش صحى من حيث نوعية الطعام _ غالبًا نباتية _ وطقوس النوم والعادات.. والمواظبة على التمارين والتواصل مع الصوت الداخلى..! إذن،هناك ثلاث مستويات للعيش وفق هذه الفلسفة، المستوى الجسدي للتمارين والحياة الصحية والمستوى العقلى التأملى ومستوى تنظيم التنفس أو التنفس الواعى العميق! تبدو صورة اليوجيون الأصليون كالرهبان، حياة زهيدة منذ الصغر وتربية قاسية.. والحياة بعيدًا فى الجبال أو الصحراء.. وربما فى المواطن الأصلية لهذه المبادئ لا يزالون يهيئون الأطفال منذ الصغر لحياة الحكمة هذه.. ترى من فى مصر يسعى لممارسة اليوجا؟ وهل يستطيعون أن يغيروا حياتهم وفقًا للنمط الذى تفرضه؟ أشرف مارسها لحل مشكلة عضلاته الإجابة عند اثنين من الممارسين اليوجيين.. أشرف ونهال.. اللذين يتدربان ضمن فصول اليوجا فى المركز الثقافى الهندى يقول أشرف: بدأت ممارسة اليوجا منذ خمسة أعوام، لسبب مغاير عن ما هو شائع عن اليوجا.. أعلم أن الأغلب يذهب لليوجا بحثًا عن السلام الداخلى أو الوضوح الذهنى وتحسين التركيز.. بينما أنا لجأت لليوجا كحل ربما وحيد فى حالة ساقاى العضوية.. فقد عشت أعانى من ألم مزمن طوال فترة النمو لصغر حجم العضلات.. وقضيت سنوات أحاول الحل طبيًا بالمسكنات وأدوية خاطئة لتشخيص خاطئ إلى أن وجدت الحل فى ممارسة الرياضة.. ولكن الرياضة فى الجيم كانت أعنف من أن تتحمله عضلاتى. «اليوجا تقدم نتائج الرياضة مضاف لها مزيد من الهدوء والراحة النفسية والذهنية وخالية من العنف أو القسوة بالتمارين.. وتستطيع أن تصل إلى كل جزء بالجسم وأعمق مفصل أو عضلة.. ومع تنظيم التنفس العميق والاعتياد عليه يصل الأوكسجين لكل ذرة فى الجسم ولكل الأطراف بقدر متساو، مما يحرر كل تفصيلة بالجسم من الإهمال أو الكسل والخمول فتستيقظ وتنتعش وتمتلئ بالحيوية.. يمنحنى هذا الشعور على المدى الطويل شعورًا بالخفة لا يضاهيه شعور، فحينما أمشى بالشارع أشعر أن قدمى لا تلامس الأرض لا أريد أن أكون مبالغًا، ما أقصده أن كل جزء بجسمى يحمل نفسه فيكون بذلك خفيفًا جدًا وليس كتلة معبأة فوق أخرى. لا أعتقد كثيرًا بما يتعلق بالتأمل أو بتعبير أدق لا أدع نفسى لأنغمس فى تجارب تلك الأفكار أثناء التمارين فكل ما يعنينى وما أركز عليه وأفضله هو التمارين الجسدية نفسها والتنفس العميق المنظم يساعد الجسد فى تشكيل الوضعيات المختلفة والتدريب بشكل صحى وسليم أكثر.. إنما التأملات العقلية والممارسات الروحية ونظام الحياة والغذاء الصحى لا أؤمن بذلك كثيرًا أو لا أمارسه بالأحرى! أعيش حياة عادية جدًا وطبيعية آكل كل شيء وربما لا التزم بمواعيد النوم الصحية وغيرها من العادات الخاطئة.. ومع ذلك أستطيع القول من خلال ملاحظاتى أن هناك الكثير فى مجتمع اليوجيين يؤمنون بهذه المبادئ ويعيشون وفقها.. بحثًا عن السكون والسلام». هديل واجهت بها الضغوط يبلغ أشرف تسعة وعشرين عامًا.. وكذلك هديل وتقول عن تجربتها : «كنت أمر بمرحلة صعبة من حياتى، أواجه ضغوطا لا أحتملها، فبحثت عن شيء يعطينى طاقة إيجاية وسعادة وتفاؤل.. شيء ليس كأى شيء يمنحنى سلاما ويبعدنى عما يزعجنى وكلما بحثت وجدت اليوجا حلًا مطروحًا.. فقررت التجربة.. ورغم كونى غير اجتماعية بالمرة وأجد صعوبة فى التعامل مع الغرباء ذهبت وحدى للمركز ولم أخبر أصدقائى حينها.. وظللت شهورًا أحاول التدريب وأحاول التماسك. كنت أشعر أننى أختبئ أثناء التمرين كنت خجلانة كانت تجربة غريبة ومختلفة والمدرب كان هنديا والإنجليزى لديه مختلف فلم أكن أفهم كل ما يقول.. أستطيع القول بأن الفترة الأولى لم أكن بالتركيز الكافى أو الفهم الكافى.. وبعد مرور أشهر لاحظت نفسى وقد اختفت عصبيتى وضبطت نفسى هادئة ومن ثم بدأت أشعر بالخفة وأثر التمارين. الآن وبعد سنوات يمكننى القول بأن المرونة لدى أفضل كثيرًا.. وإن كنت لا أميل للتأملات كثيرًا.. فخلال التمارين يصعب على كثيرًا تخيل ما يقوله المدرب.. والتركيز بها يكون صعبا جدًا». تلاحظ هديل أن النساء أكثر ميلًا لليوجا.. من كل الأعمار.. المبتدئين عادة يتمرنون مع كبار السن لأن لهم طبيعة تمارين تعد كمستوى أول ثم يليه المستوى الثانى للممارسين لسنوات بانضباط ثم المستوى الثالث للمحترفين تمامًا.. وأغلب الذين يلجئون لليوجا حاليًا ممن يعملون لساعات طوال جالسين على مكاتب ولا يتحركون فيصاب عمودهم الفقرى بآلام وربما تقوسات.. فى هذه الحالات ينصحهم الأطباء دائمًا باليوجا.. ولقد انضمت صديقاتى تباعًا بعد نصائح الأطباء لحل مشكلات آلام الرقبة والظهر.. واليوجا إذا اعتبرناها رياضة أو أسلوب حياة فهى تحتاج للصبر.. وعدم تعجل النتيجة.. أما عن نمط الحياة المثالى اليوجى فالحقيقة لا أفكر أن أعيش به.. فأنا مستمتعة بحياتى هكذا.. وقد تحققت لدى اللياقة والمرونة التى أحتاجها والهدوء والاتزان». هديل التحقت بالدروس مع بداية عام 2015.. أما أشرف فانضم فى منتصف العام نفسه.. وبعد مرور عامين تقريبًا تغير المدرب بهارات سنكا الذى كان يدرب وفق مدرسة اليانج يوجا وهى تعتمد على التدريب الجسدى والعضلى أكثر من التأملات.. وأتت مدربة أخرى تعتمد أسلوب مدرسة اليين يوجا وهى يوجا روحانية تركز على الامتداد والمفاصل أكثر.. وقد توصف بالأنثوية بينما اليانج ذكورية.. ويشبهان فى تفاصيلهما الفارق بين المينور والميجور فى الموسيقى الكلاسيكية لحنان متضادان ربما ولكن يكملان بعضهما ويكونان معًا سيمفونية متكاملة. التدريبات وفق اليين يوجا تسمح بوضعيات جماعية بين شخصين أو أكثر وكذلك مزيد من المشاركات والتأملات المتعلقة بالأحاديث بين أعضاء المجموعة. يقول أشرف: فى لحظة اجتزت خطواتى نحوها اخترتها كشريكة فى التأمل.. وبعدها أصبحنا شريكان فى الحياة.. وكل شىء.. تزوجا مع بداية هذا العام.. إلا أن الكورونا وظرفية العزل المنزلى حالت دون تدربهما معًا كزوجين.. ولكن هاهما الآن يمارسان التمارين معًا فى المنزل ويعملان من المنزل أيضًا.. زوجان يوجيان مدهشان.