أرغمت كورونا الكثير من الأسر على تعديل ميزانياتها، لتغطية المتطلبات المستجدة للحماية من الوباء خاصة «الكمامات والمطهرات والقفازات» وكذلك الحاجة لزيادة ميزانية باقات الإنترنت وزيادة استهلاك الكهرباء والمياه بسبب طول فترة الحظر والبقاء فى المنازل. ومع استمرار وطول الأزمة وتأثر دخل نسبة كبيرة من العاملين فى مجالات متعددة، أصبحت نسبة كبيرة من الأسر المصرية فى مأزق بين زيادة المصروفات وانخفاض الدخل وأصبح لكل أسرة خطة خاصة لميزانية شهور كورونا…
«24 ساعة إنترنت»
فى البداية تقول سها رفعت زوجة وأم لابن فى المرحلة الثانوية ويعمل زوجها تاجر ورق: «الحياة كلها تغيرت بعد الكورونا وهناك مهن بالتحديد خسرت الكثير من دخلها، خاصة المهن الحرة على عكس بعض التجار الذين رفعوا أسعار السلع الغذائية، على سبيل المثال زادت أسعار الخضراوات والفاكهة بشكل كبير مما جعل كثير من الأسر تستغنى عن بعض البنود فى طعامها.
ورغم أن أسرة سها تعتبر من الأسر فوق المتوسطة، اضطرت إلى ترشيد الاستهلاك: «كنت فى البداية أطهو الطعام بكيلو لحم الآن أصبح نص كيلو هو وسيلة من الترشيد تحسبا لما سيأتى، الكثير من البنود لم تعد موجودة كالخروج وتناول الطعام فى الخارج أو الديليفرى، لكن ابنى وزوجى أصبحا ملازمين للبيت فأصبح استهلاك الإنترنت والكهرباء طوال ال 24 ساعة، وقبل الأزمة كنا نشحن كروت الإنترنت والكهرباء فى بداية الشهر، والآن تقريبا تضاعف السعر الذى نشحن به فأصبحنا قبل نهاية الشهر ب 10 أيام نحتاج لدفعة جديدة». وعن عمل زوجها: «زوجى يقول إن من معه قرش أفضل له أن يوفره لطعامه وطعام أهل بيته بدلا من أن يشترى بضاعة ويقعد جنبها «مشيرة إلى أن هذه الأزمة لم يكسب منها سوى تجار الخضار والفاكهة والبقالة وبعض أصحاب الصيدليات، والشعب هم الضحية لهذا الجشع».
«الحلوى والفيتامينات»
رانيا محمود زوجة لا تعمل وزوجها طبيب أسنان ولديها طفلان فى المرحلة الابتدائية تقول: «أسرتى الصغيرة تأثرت من هذا الوباء وبالطبع يوجد بنود تمت إزالتها من الميزانية منها أتوبيس المدرسة والدروس الخصوصية ومصروفات الخروج والذهاب للنادى، بينما أضفيت على القائمة مصروفات الفيتامينات والمطهرات والماسكات والجوانتيات، وبالطبع زادت ميزانية الحلويات لتعويض الأطفال عن حبسهم داخل البيت فيوميا لا بد من وجود صنف مختلف من الحلوى وقوالب الكيك والكريب والفوندو والوافل». أشارت رانيا إلى أن مهنة زوجها من المهن التى تضررت حيث أصبح الذهاب الآن لطبيب الأسنان يمثل خطورة شديدة ولا يجب الذهاب إليه إلا فى الضرورة القصوى».
أشواق مسامر تعمل «لايف كوتش» وهى زوجة وعائلتها مكونة من 5 أفراد تحكى: «بعد أن اعترضت حياتنا جميعا جائحة كورونا،كان من المنطقى شئنا أم أبينا،تغيير قائمة أولوياتنا كأفراد وأُسر، وتغيرت على أثرها أشياء كثيرة ومنها ميزانيتنا المالية فجميع الأُسر تأثرت بشكل أو بآخر، وبالنسبة لتجربتى الشخصية أهم أولوية عندى كأم كانت صحة أبنائى وصحتنا جميعا، ومنذ 15 مارس الماضى وحتى اليوم لم أنزل من البيت سوى 4 مرات وكانت للضرورة القصوى، ومنذ بداية الأزمة وأنا أرى أن كل شىء فى الدنيا يمكن أن يكون له بديل، ما عدا تدهور الصحة لا قدر الله». وتضيف أشواق: «الميزانية تغيرت،زاد بند شراء المواد المطهرة والماسكات والجوانتيات وأدوات تعقيم المنزل مثل الكلور وغيره كما زاد أيضا بند الإنترنت، لأنه الشيء الوحيد الذى نعتمد عليه حاليا فى التواصل والشغل والمذاكرة والامتحانات، وبالطبع زاد بند شراء ألعاب جديدة لابنى الصغير لتعويضه عن عدم الخروج للملاهى وللحدائق كما كان معتاد. أما فيما ما يخص البنود التى تمت إزالتها من الميزانية فكان بند مصروفات الدروس الخصوصية وكذلك البنزين،وشراء الملابس والشوبنج هذه الفترة».
«لم يتغير شىء»
داليا سعيد موظفة فى الأربعين من عمرها وتعيش مع والدتها تقول: «لم يتغير شىء فى ميزانية البيت بشكل كبير يستدعى القلق حتى مع ارتفاع أسعار بعض السلع لم نشعر بها كثيرا أنا ووالدتى لأننا عادة ما نخزن اللحوم والدواجن بكمية فى الديب فريزر ولم نلجأ خلال الفترات الماضية لشراء مستلزمات كثيرة سوى الخضار والفاكهة». وتشير داليا إلى أن والدتها لا تعمل،لذلك فهى فى البيت لا تحتاج لماسكات أو غيره من الأمور الوقائية، بينما هى تشترى الماسكات لأنها تنزل لعملها يوميا لكنها لا تشعر أن هذا أثقل ميزانية البيت أو أحدث فرقا ومع ذلك تقول إن ميزانية «الماسكات» بمفردها تتخطي 200 جنيه شهريا، ولا يوجد «ماسك» فى أى صيدلية يقل سعره عن 5 جنيهات. من جانب آخر هناك بعض المهن تضررت تضررا بالغا من فيروس كورونا وبالتالى كان لها تأثير مباشر على ميزانية المنزل والأسرة، ويقول محمد على صاحب شركة سياحة دينية: إنه خسر الكثير خلال هذه الجائحة، لتوقف موسم العمرة والحج وبالتالى اضطر لإعطاء نصف الموظفين فى الشركة إجازة والباقى يعمل لساعات قليلة فى الصباح وهو ما انعكس على أسرته وخاصة مع وجود التزامات أخرى كسداد أقساط ومديونيات». ويضيف محمد على قائلا: «وفرنا مصروفات السفر والعزائم التى كانت تتم على مستوى الأسرة لكن ما تم توفيره لا يمكن بأى حال أن يقارن بما تم خسارته وأعتقد أن تداعيات هذه الخسائر ستستمر لفترة أطول،وكل بنود الرفاهية سوف يتم استبعادها لشهور أخرى لتعويض هذه الخسائر».
«الادخار ثقافة»
أشرف كامل مهندس وزوج وأب لثلاثة أطفال،يقول إن أهم درس تعلمه من كورونا وأصبح بندا مهما فى ميزانية البيت هو الادخار تحسبا لما سيأتى فى ظل عدم وجود رؤية للمستقبل القريب.
مرتب أشرف فى السابق كان يذهب كليا على البيت والأولاد والأقساط،لكن بعد الوباء تعلم أنه لا بد من وجود فائض من المال خارج هذه الحسبة، فقد قام بعمل شهادات الادخار ذات عائد ال15% التى أعلن عنها البنك المركزى فى بداية الأزمة، ونحن كأسر مصرية ننفق كل ما لدينا على الأكل والشرب والدراسة، لكنى استثمرت توفير أموال الدروس الخصوصية، بشراء شهادات لضمان المستقبل لأن هذه الأزمة أوضحت لنا أن الحياة يمكن أن تتوقف فى يوم وليلة، وإنفاقنا كأسرة لم يزد بشكل كبير خلال الفترة الماضية سوى لمضاعفة باقات الإنترنت للتغلب على ساعات الحظر الطويلة وشراء المطهرات والماسكات».